ثمة مواطنون يخافون من تدهور هيبة المعلم، وآخرون يخافون من المساس بهيبة القضاة، لكنني مواطن يخاف من انهيار هيبة المليار كرقم مرعب له اعتباره بعد أن أصبح (كلام فاضي) في الميزانيات المتحركة لبعض الأجهزة الحكومية، وفي طليعتها أمانة جدة الموقرة التي حلقت شنب (المليار) وعلقت في أذنه قرطا من الخرز الرديء وقالت له: «هيا يا أبو ألف مليون.. ورينا مراجلك»!.. وكي لا يكون الكلام عاما دون شواهد، أنقل لكم هذا التصريح الذي نشر في جريدة (الوطن) بتاريخ 20 نوفمبر 2009 (وهو موجود أيضا في موقع الأمانة الإلكتروني) لأمين جدة السابق معالي المهندس عادل فقيه الذي أكد فيه أن «تنفيذ جسر أبحر بات أمرا محسوما وأن الإعلان عنه لا يتعلق بدراسة جدوى المشروع بل بالتصاميم الخاصة في الجسر، وقال فقيه في إجابته على المواطنين حول الجسر أول من أمس أن كلفة المشروع تفوق 2.5 مليار على أن تنتهي تصاميمه الأولية خلال 135 يوما كحد أقصى للبدء في أعمال الإنشاء التي رصد لها نحو 350 مليون ريال».. انتهى التصريح وأرجو منكم أن تعيدوا قراءته مرة أخرى وتركزوا على الأرقام جيدا كي تستوعبوا الصدمة بشكل تدريجي. والآن.. نقول لكم إن حكاية 135 يوما كحد أقصى (يخلف الله عليها) لأن «عكاظ» نشرت تصريحا لمسؤول في أمانة جدة بتاريخ 1 نوفمبر 2010 (أي بعد 355 يوما تقريبا) يبشرنا فيه بأنهم انتهوا للتو من عملية التصاميم!، عموما الزمن ليست له قيمة في حياتنا لذلك دعونا نركز على الملايين.. عفوا المليارات!، فبالنسبة لكلفة المشروع التي (تفوق 2.5 مليار) فإننا نسأل الله ألا تتحرك الفاصلة كما حدث في بيانات مشروع وادي العسلا فتصبح الكلفة 25 مليارا؟، ونأمل من خبراء اللغة العربية توضيح الحد الأقصى لفعل (تفوق) كي نعرف ما إذا كانت كلفة المشروع (تفوق واجد على المليارين ونص.. ولا تفوقه نص ونص؟). أما عن رصد 350 مليون ريال لأعمال الإنشاء فالله يعوض علينا وعليكم بالخير!، لأن مسؤول الأمانة قال في تصريحه ل «عكاظ» إن الدراسة «تبين مسار الجسر وطوله ليكون محورا بين أبحر الشمالية والجنوبية مشيرا إلى أن تفاصيل المشروع ستتضح أكثر بعد الانتهاء من إعداد التصاميم الخاصة بالجسر البالغة تكلفته 600 مليون ريال»، وهنا يتجلى احتمالان ومصيبة صغيرة!.. الاحتمال الأول: أن كلفة المشروع (التي تفوق مليارين ونصف) قد هبطت إلى الخمس تقريبا، وهذا احتمال مستبعد لأننا نعتمد المثل الذي يقول: (الزود ولا النقص) وربما لهذا السبب يسأل الناس عن المسؤول الذي يدير المشروع وحين يعرفون اسمه يقولون: أنعم به، فيرد: «ما عليكم زود»!. والاحتمال الثاني: أن أعمال الإنشاءات التي كانت تكلف 350 مليون ريال طرأت عليها زيادة ربع مليار (فقط لا غير يصرف لحامله!) وهذا هو الاحتمال الأرجح في نظري؛ لأن الربع مليار لم يعد يشكل شيئا يستحق التوقف عنده في مشاريع هذه الأيام. أما المصيبة الصغيرة فتتلخص في أن مسؤول الأمانة لا يعرف مسار الجسر وطوله وينتظر أن بتضح ذلك بعد انتهاء التصاميم!..