الدراما الخليجية ترسم صورة المرأة على طريقة المستشرقين. تنظر اليها بطريقة غير واقعية، وإن شئت متطرفة وفجة. هي إمّا ربة بيت تغسل وتكنس، وتصرخ طوال الوقت، رثة الثياب، وقليلة الذوق في نفسها وبيتها، بليدة وجاهلة، وبذيئة اللغة. أو هي امرأة فلتانة، تشرب وتدخن، وتمارس الموبقات والخطايا، متعالية ومستهترة ومتسلطة، ومصابة بكل أمراض المدن، وهمّها الجلوس أمام المرآة، وتقليد الأخريات. هي باختصار صورة نمطية مصنوعة. وزاد من أزمتها، ان الساحة الفنية في الخليج تكاد تخلو من ممثلة تلعب دور المرأة كما هي في الواقع. في الأفلام الأميركية ثمة فرق بين الصديقة، والغانية، وعاملة الحانة، والموظفة، والحبيبة، والزوجة. في مسلسلات الخليج للمرأة شكل واحد، وجه واحد، صوت واحد. الدراما الخليجية لا تعرف روح المرأة التي تعيش معنا، ولا تحسن رسم شكلها. حتى الصورة الرومانسية جرى تشويهها. الحب في مسلسلات الخليج ملفق ومنقول. تفتقد الدراما في الخليج صورة الحب الذي يصنع دافعية الوجود، ومعنى الحياة، ويشعله الخفر والتلقائية واللوعة والتفاصيل المبدعة. الحب في دراما الخليج مسروق من قصص الآخرين وأفلامهم ومسلسلاتهم. أبطاله يصلحون لكل الأدوار إلا لعب دور العشاق والمحبين. غاب الحب الذي يبدأ من لغة الصمت، ونظرة العيون، وسعادة اللقاء، والصدف غير المفتعلة. غابت المرأة في الدراما الخليجية عقوداً بسبب تحريم ذكرها، وتحريم صورتها، وتحريم تمثيلها. وحين سمح لها بالظهور رسمت في شكل شديد التشويه والبلادة والخور. كل هذا الجور يهون. يمكن ان نتغاضى عن تلفيق صورة المرأة، وشكلها، ولغتها، وعجز المؤلفين عن وضع حوار جميل على لسانها. كل هذا نستطيع ان نجد له العذر بسبب ضحالة الإنتاج والتأليف والإخراج. لكن يصعب الدفاع عن الوصاية على المرأة في الدراما، ورسم دورها باعتبارها حالة، وليست كائناً بشرياً يحق له ان يقرر ويصنع الأجيال والأحداث. موجع تغييب ارادة المرأة في الدراما، وتحويلها عثرة في طريق الأزمات. الأكيد ان الجمعيات النسائية في الخليج مسؤولة عن التمادي في تشويه صورة المرأة في المسلسلات التي يجرى إنتاجها في تلفزيونات الخليج.