تابعنا في اليومين الماضيين الجدل الذي أثارته خطوة غير محسوبة العواقب من إدارة جريدة "اليوم السابع" المصرية تجاه نشر رواية تحمل عناوين مثيرة تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم للكاتب أنيس الدغيدي بعنوان (محاكمة النبي محمد). ورغم تأكيد مجلس الإدارة والتحرير على كون الرواية لا تحمل أي إساءات وإنما هي للدفاع عن الرسول أراد مؤلفها لفت الانتباه من خلال عناوين مثيرة إلا أن الصحيفة تراجعت واعتذرت وأعلنت عدم نشر الرواية وإحالتها إلى مجمع البحوث الإسلامية للموافقة عليها مع اختيار الكاتب لعنوان آخر يتناسب مع قدسية الرسول الكريم مراعاة لمشاعر المسلمين ونزولا عند رغبة قراءها. وهو موقف كريم تشكر عليه الجريدة ومجلس إدارتها ولا ينتقص من مكانتها الإعلامية بل يعزز من مصداقيتها ومهنيتها لدى جمهور قراءها فالاعتراف بالخطأ فضيلة وليس من العيب الخطأ فكلنا في النهاية بشر وإنها العار هو الاستمرار فيه والتكبر عن الاعتراف به. الضغوط التي تعرضت لها الجريدة المصرية وحالة التعبأة والحشد الجماهيري الذي اتبعتها إحدى وسائل الإعلام ضد الجريدة بحاجة إلى وقفات. لا أحد يختلف على الإساءة التي حملتها عناوين الرواية سواء كانت عن حسن نية أم جهل أو تعمد فلا أحد من المسلمين أياً كان يقبل المساس بشخص الرسول الكريم بأي شكل من الأشكال، لكن كيف يعالج الخطأ؟ ولماذا؟ من السذاجة إتباع أسلوب الشحن العاطفي والحشد الجماهيري لأن العواقب وخيمة وإن نجحت المحاولات ظاهريا. من منا لا يغضب لرسول الله ومن منا لا يشعر بالألم والحرقة تجاه الإساءة للإسلام ومقدساته لكن ردات الفعل تختلف من شخص لآخر لذا فاللعب على وتيرة التأليب والإثارة والبكاء والدموع أمام العامة يؤدي لعواقب خطيرة غير محسوبة وليس أدل على ذلك ما تم من عملية اختراق الموقع الإلكتروني ل"اليوم السابع" بعد أقل من أربعة وعشرين ساعة على الاعتذار. القرصنةالتي تعرض لها الموقع الإلكتروني -رغم الاعتذار وعدم النشر- تعطي مؤشراً خطيرا عن أن هناك أشخاصا متربصين يحسنون انتهاز الفرص لتمرير أجندة معينة تحت عباءة الدين والدين منهم براء، ربما كانت هذه المرة عن طريق (هاكرز) لكن المرة القادة لا ندري فلربما أريقت دماء مسلمة آمنة تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتتقي الله وتخشاه أكثر من سافكيها. وهذا الأسلوب الحقير يتبعه "تنظيم القاعدة الإرهابي" ومن هو على شاكلته للوصول لمآربه وتحقيق أهدافه مغررين بالعامة ففي الوقت الذي يتوعدون فيه كل من يسيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويظهرون غيرة على الدين ودفاعا عن مصالحه ومقدراته يقتلون المسلمين الآمنين في عملياتهم الغاشمة ويسعون في الأرض فسادا بترويع الآمنين في نهج يتنافى مع الإسلام وما جاء به المصطفى الكريم . لذا من الواجب على علماء الأمة ومفكريها - بما نعرفه من غيرتهم على الدين ومقدساته- التعقل والتروي والنظر إلى المفاسد والمصالح المترتبة وقبل هذا وذاك إحسان الظن بإخوانهم المسلمين وإتباع أساليب النصح أولاً قبل الإقدام على أساليب الاستنكار العلني والحشد الجماهيري والشحن العاطفي لأن هناك للأسف الشديد في الزوايا المظلمة كلاب جائعة مسعورة تتحين مثل هذه الفرص للنهش في جسد الأمة. [email protected]