محمد بن عبدالله المشوح - نقلا عن عكاظ السعودية نحن من جيل أدركنا سماعا ذيول تلك النكسة الكبرى نحو قضية القدس والمتمثلة في الهزيمة المؤلمة للعرب في تلك الحرب حين كانت آذان الشباب تنتظر لحظة النصر ونشوته لأمة العرب العظمى على حفنة اليهود الغاصبة. بعض الراصدين لأحوال القضية يبالغ بأن ما تعانيه اليوم من ضياع للحقوق وتطاول لليهود هو ذيول وبقايا لتلك الهزيمة القاسية. إلا أننا نحن ذلكم الجيل الذي لم يلحق على تلك الواقعة ندرك اليوم ونعاين ونرى النكسة الجديدة الثانية والمتمثلة في الشقاق والانقسام الفلسطيني. لم نكن نتصور يوما ونحن صغار نتلقى آنذاك أناشيد العروبة وقضية الأقصى أن نسمع يوما سهام التراشق ودوي الرصاص وتهم الخيانة يتم تبادلها بين أبناء القضية والشعب الواحد في صور وأساليب طغت حتى على التهم الموجهة إلى الغاصب اليهودي. صحيح أيضا أن للعرب دورا في تكريس هذا الشقاق بل وزرع بؤرة هذا الخلاف ذلك أن العرب أنفسهم هم نتاج خلاف وفرقة وشقاق. ليس سرا اليوم بأن الحماس العروبي للقضية قد خبا وخفى بشكل لافت في الأجيال التي ترى وتسمع مخاض النكبة القاسية وهم يشاهدون أبناء القضية والشعب الواحد كل منهم يلاحق الآخر ليظفر به قتلا وتعذيبا وخيانة. أي هوان للعرب وعار للتاريخ وضياع للقضية وقد تخندق الإخوة نحو بعض في مشاهد مقززة تأنف منها النفوس السوية العربية الأصلية التي عاشت عمرها دفاعا وحرقة على فلسطين القضية. بل حتى تلك الأيمان المغلظة التي أداها بعض الفلسطينيين بجوار بيت الله الحرام حنثوا بها إرضاء لرايات إيران المشبوهة أو العرب المناكفين. لقد استرجعت كلمات الملك عبد العزيز (رحمه الله) حين نادى في أوائل لحظات اغتصاب فلسطين بأن يدعم العرب الفلسطينيون ولا يتدخلوا بينهم ثم ها هو واقع القضية ينحدر يوما تلو الآخر لندرك لاحقا أن العرب قد نشروا فيروس خلافهم حتى دب واستشرى في القضية الكبرى وأصبحنا نتلقى اليوم النكسة الثانية الجديدة. [email protected]