ومثلما احتاجت مؤسسة عسير للصحافة إلى عقدين من الزمن قبل يوم الإصدار الأول، فإن نصف المدة على أقل تقدير، هو الفاصل أمام جازان وتبوك وجديدة الشرقية والقصيم لتحصل على المباركة. لكن إثارة الأخبار واختلاق القصص وفبركة الخزعبلات لا تحتاج لأكثر من يوم لتصميم موقع إخباري إلكتروني تسبح فيه الأسماء المستعارة دون الحد الأدنى من الحماية الاجتماعية. وأنا هنا لا أقول إن الصحافة الورقية لا تخطئ في خبر أو تحقيق أو رقم أو مقال، ولكنني أقول إن الصحافة الورقية، عكس الإلكترونية، ستكون تحت طائلة المساءلة ولها المرجع الرسمي القانوني الذي يستطيع أي فرد أو مؤسسة متضررة أن يأخذها إليه. وفي حادثة إمام المسجد النبوي المختلقة مع أحد المصلين، كاد أحد مواقع الأسماء الوهمية المستعارة أن يشعل فتيل فتنة طائفية بنشره سيناريو تخيلياً كاذباً عن محاولة اعتداء متمترسة بالمذهبية المقيتة قبل أن تكشف الجهات الأمنية بطلان هذا الخيال التحريضي. والأدهى أن الموقع الإخباري الإلكتروني دون مالك معروف رغم أن سواد أخباره لمن يطلع عليه مليئة بسوداوية التطرف وبالتحريض المذهبي والفتنة الاجتماعية. ومرة أخرى فأنا لا أقول إن الصحافة الورقية لا تخطئ. الفارق أنها تعمل تحت القانون وتحت الإشراف الذي عاقب فيها قيادات وكتاباً ومحررين، فيما يبدو الموقع الإلكتروني حراً طليقاً في ترويج الإشاعة وفي السباق إلى أخبار مختلقة. والمفارقة المضحكة أن الاسم المستعار يهاجم الاسم الصريح وأن الفكرة المستترة تحت خيوط العنكبوت تهاجم وتحرض على الأفكار المكتوبة طباعة بأسمائها المعلنة وعناوينها المعروفة. ومن الخطأ أن يظن أحد أن هذه دعوة لوقف الإلكترون الفضائي، فهذا خيال ضد التحديث وعكس صيرورة الزمن ولكنها دعوة لأن يتحمل هذا – الإلكترون – مسؤوليته الكاملة عن كل ما ينشر. أن تعمل هذه المواقع تحت اسم مالك معرف ومعروف وأن تكتب أسماء مراسليها ومحرريها وكتابها الصريحة. أن تعمل بكل الحرية التي تشاء وبكاملها غير منقوصة ولكن أن تعرف أنها تحت طائلة القانون والمساءلة. أن تبحر في المواضيع والأخبار كيفما تشاء ولكن بعد أن تعرف أن أول تجاوز سيكون مصيره الحجب. أن تعرف أن فهمها للصحافة وللأخبار أبعد من أن يضيع تحت اسم مستعار أو موقع خبري لا نعرف من يقف وراءه ولا دوافعه.