تركي الدخيل - الوطن السعودية يشكل منصور النقيدان، الكاتب السعودي بأسلوبه المميز، وحواراته وأطروحاته المثيرة، اسماً مهماً في الحراك الفكري خلال العقد الماضي. عشر سنوات مرت على كتاباته في الصحافة السعودية التي أثارت جدلاً كبيراً وصل إلى حد تكفيره. خرج من قمقم إخوان بريدة ليكون من أبرز الأسماء التي تدعو إلى إحداث ثورة داخل الفكر الديني تشابه تلك التي أحدثها مارتن لوثر، وهذا ما دعا إليه بعد تفجيرات الحمراء في الرياض مايو 2003 في مقال شهير له بعنوان "ماذا لو كان ابن تيمية لوثر الإسلام". يحاول النقيدان دائماً أن يبقى متسقاً مع أفكاره ومنسجماً معها، ولا يتردد في نقد الذات ومراجعتها. وفي حوار مع جريدة الحياة قال إنه قضى ثلاثين سنة من عمره في الجدال حول التفاهات. وهذا اعتراف لا يقوله إلا كاتب وباحث حيّ، أن ينتقد ذاته باستمرار محاولاً تجديد أفكاره وآرائه، ومغيراً من أسلوبه في رؤية الأمور. انطلق مع إخوان بريدة. وتحول في السجن بعد قراءات كثيرة في نقد الفكر الديني، وما إن أفرج عنه، إلا وبدأ في تلمس الطريق الأخرى التي يجب أن يكتشف من خلالها معنى آخر للحياة، غير التفاهات والنقاش حول التفاصيل الصغيرة. عندما استضفته في "إضاءات" التي ستبث اليوم بدا النقيدان كما هو في صراحته ووضوحه، يتحدث بصوت واضح، ولغة مباشرة عن الكوارث الفكرية التي ما زلنا نعاني منها؛ عن الإرهاب في السعودية الذي رأى أنه تعرض لضربات ساحقة، وعن غرق المجتمع في الخرافات والترهات، وعن طريقة إخراج بعض الأفكار الدينية من دهاليز الإرهاب. وحينما سألتُه عن مقولته الشهيرة التي قال فيها: "لو خيرت لما اخترت أن أكون إلا صاحب "حايط" في بريدة يغلق دكانه مع غروب الشمس" قال: إنه كتب هذه الجملة وهو في حالة انكسار، وإنه الآن يعيش أكثر مراحله ازدهاراً. أظن أنها حلقة ستكون إضاءة للمهتمين في الجدل الفكري والثقافي والديني، من شخص تتفق أو تختلف معه، لكن لا يمكنك أن تنفك من سحر طرحه. ولا عجب أن يولع به الكثيرون، لدرجة أن شاكر النابلسي اعتبره إماماً في مقاله الأخير في إيلاف "محنة الإمامين النقيدان والطبري مع الحنابلة".