محمد الرشيدي - الرياض السعودية شاهدت الزميل ناصر الحزيمي في برنامج " صناعة الموت" على قناة العربية وكأنني اشاهده لأول مرة ، سنوات عديدة جمعتني بالحزيمي والمسافة بين مكتبينا بالجريدة لا تتجاوز متراً واحداً فقط ، كنت اتابع حلقة البرنامج الخاصة ب " جهيمان " واستمتع بالسيناريو العفوي للبرنامج والحضور الذهني والفكري للضيف والتشويق المتقن في الاعداد والتميز في اسلوب حوار المذيعة المثقفة ريما صالحة . اقل من ساعة تناولت مرحلة مهمة في التاريخ السعودي مع الارهاب ، انا هنا لن اتناول التفاصيل التي تم تناولها بالبرنامج وبسرد مشوق وبعيد عن التكلف ، كان الحزيمي كما عهدته عفويا في طرحه الراقي والمتفرد من خلال الخلفية الثقافية المكتنزة في اعماق فكره ، من المحزن ان يطول استثمار شخصية لها تجربتها وعلمها كل هذا الوقت ، رغم المردود المهم لمثل هذه النوعية من البرامج التي نفتقدها كثيرا. الاطار التقليدي لدينا في تناول قضايا الفكر والارهاب تحزن اذا وصفتها بالتقليدية والمملة ، لم يطور للاسف تلفزيوننا من اداوته في محاربة الفكر الارهابي والتوثيق العادل للمعلومة ، لا ادري من مبتدع فكرة ان كل لقاء مع من تأثروا او أثروا بالفكر الضال يجب ان يكون النقاش معهم حول طاولة ومجموعة من المشايخ والمثقفين ، يتحول كلامهم للاسف بصورة مباشرة الى ممل وغير مجدٍ في احيان كثيرة!! لم تتطلب الحلقة الدسمة والثرية من برنامج "صناعة الموت" سوى كاميرا متنقلة ومذيعة متمكنة وإعداد احترافي ، والاهم ضيف صادق وعفوي ورائع ك"ناصر" ، الامر في المرحلة التي نعيشها مهم جدا ، تشمئز عندما تستمع عن الهوس الفكري لجهيمان وجماعته واستحلالهم حرمة البيت الحرام ، وتبتسم باعجاب عندما ترى الدهشة الكامنة والمتكررة في اسئلة ريما صالحة وهي تسأل عن ما قام به جهيمان في بيت الله الحرام وبشاعة ما قاموا به !! الكثير من شبابنا ممن اعتنق الفكر الضال يعتبر ان مشاهدته للفضائيات وهي تنقل احداث الغزو الامريكي على العراق هي السبب المباشر لما حدث لهم من تطرف وغلو ، بالمقابل لم تتوفر لظروف عديدة البرامج الفضائية التي تستقطب وبدون تقليدية الشباب الذين تراجعوا عن افكارهم الارهابية ، الامر لايتطلب استديو على الطراز الاسلامي وضيف بالمشلح والحديث بصورة رسمية وتحت أي ضغط غير احترافي ، الامر ببساطة يحتاج لفكر اعلامي واعي ومكان للتصوير بسيط جدا وعلى مقعد للضيف ككراسي الحدائق ، و الاهم ضيف لديه رسالة واضحة ومذيعة او مذيع محترفين ، الامر بسيط جدا ،خصوصا ان قناة " العربية" كسرت المألوف وتناولت ما كان يخيف الآخرين ويعتبرون مجرد التفكير ببعض المواضيع "ضرب من الجنون" وتجاوز بسرعة البرق للخطوط الحمراء!! 30 عاما تم اختزالها بأقل من ساعة ، كشفت العديد من الحقائق المدهشة ، البعض منها يكشف لاول مرة ،والبعض الآخر طرح باسلوب جديد ، اتمنى الاستفادة ممن مروا بتجربة الزميل الحزيمي وتقديمها تلفزيوينا ، لان فائدتها كبيرة وبشكل لا يتصور على شبابنا واسرهم ، نحتاج للتوعية من أضرار الارهاب كما هو حرصنا في تكثيف التوعية لمرض انفلونزا الخنازير !!