حليمة مظفر - الوطن مفاجأة مفجعة لي؛ حين حضرتُ زواج إحدى الزميلات، وشاهدتُ عدداً من الفتيات المراهقات يرقصن "الهيب هوب"، ثم الشرقي "المصري" ضمن فرقة "الطقاقة" التي تحيي العرس، والحالة هذه لم تكن الوحيدة، شاهدتُ فتاة في الثلاثينات بزواج آخر ترتدي بدلة رقص "محتشمة" وخلاخل؛ ترقص الخليجي والشرقي والعراقي؛ لترفيه المدعوات في العرس، فالراقصة غدت وسيلة مربحة "للطقاقات" بأجر مضاعف، وهذه الظاهرة بدت ملفتة في أعراس النساء اليوم، وجميعهن لم يحصلن على التعليم المعقول، إما لفشلهن الدراسي وإما لحرمانهن منه لظروف صعبة! فمن يرضى في رأيكم أن تأتيه ابنته أو أخته بعد الرابعة فجرا إلا إذا كان ميت الجسد وغدت من بعده يتيمة أو مطلقة فقيرة أو كان ميت الضمير ممن بلاه الله بإدمان المخدرات أو المسكر؟! والسؤال الآن: ما الذي أجبر أولئك الفتيات على أن يكنّ راقصات أفراح؟ سوى الفقر وإقفال أبواب الرزق أمام وجوههن كبائعات بسبب خشية المعارضين لهذا المشروع الوطني النبيل بحجة الاختلاط؛ أو من لديهم "العنطزة" التي تستنكف عملهن خادمات أو جليسات أطفال وفق شروط وضوابط عمل ودوام مقننة من قبل وزارة العمل؟! ودعوني أتوجه للمعارضين لعمل غير المتعلمات؛ ولا أقول الجامعيات؛ فهؤلاء ينبغي توفير وظائف لهن وتتاح لهن الفرص المتنوعة المناسبة لتعليمهن؛ بل أخص بمقالي غير المتعلمات اللاتي لن يُمكنهن تعليمهن المتواضع للعمل في البيع بالمحال التجارية للمستلزمات النسائية، فما المشكلة في أن يعملن خادمات أو طاهيات أو جليسات أطفال؟! وهي مهن شريفة محترمة لو أننا غيرنا برمجة عقولنا المهووسة بزعم الخصوصية بينما الفقر قاتل ولا يميز. انزلوا من فضلكم إلى الواقع قبل تصدير رأيكم المثالي، ولا تقارنوا من غلبها الفقر بحال بناتكن اللاتي حباهن الله آباء وأمهات؛ وتعليماً وفرصاً، ولا تتعاملوا مع الفقيرات ك"نظرية" اجتماعية مثالية، يتم طرحها للنقاش على مكتب إيطالي باهظ الثمن والكتابة عنها بقلم "ماركة"؛ بل تجولوا بين الأحياء الشعبية التي نوهم أنفسنا بأن المتخلفين والوافدين وحدهم من يقطنونها! وادخلوا بيوت الصفيح وتلمسوا جوعهم وبردهم وحرّهم! وتأملوا حال المطلقات والأرامل ممن حُرمن التعليم بسبب تزويجهن في سن صغيرة! ثم رُمين إلى الشارع وقد تجاوزن الثلاثين والأربعين لتُسكنهن وزارة الشؤون الاجتماعية بيوت الوقف الشعبية بشروط "عقيمة" أهمها ألا يكون لديها ابن ذكر تجاوز العاشرة وإلا تُحرم من"الرباط" إلا في حال تخليها عنه أو تأجير بيت خارجي له، وهذه هي "نكتة" المرّة!. أخيرا وليس آخرا، ماذا تختارون.. خادمات يعملن وفق ضوابط تُكرمهن.. أم راقصات أفراح يدخلن بيوتهن بعد صلاة الفجر؟! أم يقررن في بيوتهن لتنفقوا عليهن تفضلا وتشركوهن في رزقكم؟!