الموافقة السامية الكريمة التى أعلن عنها معالي وزير الثقافة والإعلام حول انعقاد مؤتمر الأدباء السعوديين الثالث جاءت ملبية لطموح الأدباء والمثقفين في استمرار الرعاية الكريمة للمؤتمر وإعادة الاعتبار للمثقف والأديب تكريما واحتفاء. ولا حرج أن نعتب على هذا الغياب للمؤتمر الذي لم ينعقد طوال ثلاثين عاما سوى ثلاث مرات فحسب فى بلد يعد أحد أبرز البلدان العربية حراكا ثقافيا وأدبيا. لكن ثمة خشية أخرى أن يتم اختطاف هذا المؤتمر من لدن المؤسسات الثقافية التي ترعاها وزارة الثقافة والإعلام متمثلة في الأندية الأدبية، والتى سارعت أخيرا إلى طرح أفكار للمداولات والمناقشات والأوراق لمؤتمر الأدباء المزمع عقده وهذا حسب نظري يتضمن التفافا على مصطلح الأدب والفكر والثقافة والذي يجب وينبغي أن لا تطوقه مؤسسة أو جهة. مؤسف حقا أن يطرح البعض مناقشة لوائح الأندية الأدبية وأنشطتها وأجهزتها الإدارية في مشهد ثقافي يلم الشمل لعاشقي الثقافة والأدب بلا تمييز خصوصا بعد تلك الغيوم المخيمة على أجواء ثقافتنا لقاء تجارب الأندية الأدبية وتشكيلاتها المتوترة. إن مناقشة الأندية الأدبية وهمومها مطروحة حسب نظري على لقاءات رؤساء الأندية الأدبية المنعقدة سنويا التي لازالت بعيدة غالبها عن طموح المثقف والأديب، والذي لا يرى أن قمة الحراك الثقافي والأدبي تتمثل في مناكفات شعبية بين الرجال والنساء وعلى نشاط النادي الذي يعانى كثيرا من ضعف التجانس الثقافي بين أعضائه. إن من أهم المبادرات المنتظرة حقا من هذا المؤتمر إعادة جائزة الدولة التقديرية للأدب والتي توقفت منذ أمد طويل لتعود وتحتفي بالرموز والرواد الذين غمط الزمان حقهم دهرا. لكن ثمة تساؤل يطرح وهو قيمة الجائزة المعلن عنها بأنها ثلاثمائة ألف ريال وفي نظري أن هذا المبلغ لا يتناسب مع رعاية الدولة للجائزة والاهتمام الذي تلقاه من لدن القيادة الحكيمة. لاسيما ونحن نسمع عن جوائز ضخمة تقدم للشعراء الشعبيين وغيرهم. صحيح أن القصد والمغزى ليس في قيمة الجائزة وأنها تحمل دلالات احتفائية وتكريميه بعيدا عن بعدها المادي لكنني أعتقد أن هناك فئات وأفرادا من المثقفين والكتاب والأدباء حالتهم المادية صعبة ويمرون بظروف اجتماعية قاسية يتحتم معها رفع قيمة الجائزة إلى مليون ريال لتعيد السجة والفرحة إلى رواد ورموز كبار. إن خادم الحرمين الشريفين المعروف بعطائه الجزل السخي لمبدعي الوطن ومبرزيه وخصوصا تلك النخب الثقافية التى امتد عطاؤها وانساح فكرها داخليا وخارجيا أن تمتد يده الحانية لتلك الصفوة ممن لهم حق وفضل ثقافي وفكري ووطني، كما أن من المتعين على الوزارة أن ترعى بصفة مباشرة هذا الملتقى بعيدا عن الركض التجاري عبر رعاة تجاريين، ويعقد هذا المؤتمر بألوان مرقعة بعيدا عن مشهد ثقافي منتظر ترعاه القيادة الحكيمة التي طالما رعت نخبة الأمة ومثقفيها.. إن على المؤسسة الثقافية أن تقوم بدور فعال في استلهام الدور الريادي للمثقف والأديب السعودي في الساحة العربية اليوم وأن تواكب هذا الحضور اللافت للمشهد الثقافي السعودي عبر إعداد برامج جادة تسعى للنهوض بدور المثقف تتمثل في دعم برنامج الشراء للكتاب السعودي الذي يقف طابورا تتجاوز مدته سنه كاملة حتى تتم الموافقة على الشراء، كما أن تفعيل نشر الكتاب عبر التوزيع اللازم في السفارات والملحقيات والأيام السعودية التي تقدم للمثقف السعودي بالصورة اللائقة به بات أمرا ضروريا وملحا.