اقترب آلاف من الزوار الشيعة العراقيين من نهاية الاحتفال بأربعينية الإمام الحسين يوم الاثنين بينما بدأ آخرون بالفعل رحلة العودة الى ديارهم والتي قد يتعرضون خلالها مرة أخرى لهجمات. وفي تحد للهجمات الانتحارية التي هددت تجمعات الشيعة منذ الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة عام 2003 الذي أطاح بحكم الرئيس الراحل صدام حسين الذي هيمن عليه السُنة توافد مئات الآلآف من الشيعة على مدينة كربلاء للاحتفال باربعينية الحسين. وتدفق الزوار الشيعة الذين كانوا يضربون رؤوسهم وصدورهم حدادا على الامام الحسين حفيد النبى محمد عليه الصلاة والسلام الذي قتل في القرن السابع على مرقد الامام الحسين بمدينة كربلاء التي تبعد 80 كيلومترا جنوبي بغداد في موكب لا تظهر نهايته. وتبلغ ذروة الاحتفالات عند مرقد الامام الحسين ذي القبة المذهبة حيث يبكي الزوار ويصلون بينما تعرض شاشات تلفزيونية ضخمة في المدينة أفلاما تتحدث عن مآثر الامام الحسين ويرددها الوعاظ من خلال مكبرات الصوت. ويقول مسؤولون في كربلاء ان نحو عشرة ملايين زائر شيعي تدفقوا على المدينة هذا العام للاحتفال بهذه المناسبة السنوية التي كان الاحتفال بها يقيد مثل غيرها من الاحتفالات الشيعية تحت حكم صدام. وبينما بدت أجزاء أخرى من العراق خالية بشكل غريب اليوم الاثنين بدا هذا الرقم كبيرا بالنسبة لاجمالي عدد سكان العراق الذين يبلغ عددهم نحو 28 مليونا 60 بالمئة منهم شيعة. لكن كانت كربلاء بلا شك مكتظة. فقد تدفق النزلاء على فنادقها القليلة وانقطعت المياه عن المراحيض العامة وأصيب المسنون والضعفاء بالإغماء بسبب تزاحم الحشود ونام الالاف في الشوارع أو في المساجد. وقال وسام جابور (38 عاما) وهو موظف حكومي "سرت من البصرة الى كربلاء وعندما دخلت تلك المنطقة المكتظة قبل يومين أضعت زوجتي. اليوم عثرت عليها بالصدفة...لم أتمكن من الاتصال بها لان شبكة الهاتف المحمول كانت سيئة للغاية." وتحدث رغد محمد وهو زائر من بغداد عن قلقه من كيفية عودته لدياره وقد أصيب بالانهاك بعد ان سار كل الطريق الى كربلاء وقضى عدة أيام بلا نوم. وردد كثيرون مخاوفهم بشأن العودة الى الديار. وقالت المهندسة ايناس يونس وهي تتذكر هجوما انتحاريا وقع يوم الجمعة الماضي قتل خلاله 42 شخصا على الطريق الى كربلاء وهجمات أخرى من قبل من يشتبه أنهم من المتشددين الاسلاميين السُنة مثل مقاتلي القاعدة "الوضع الامني غير مستقر بنسبة مئة بالمئة." وأضافت ايناس "أكبر هم هو كيفية العودة الى ديارنا. سيكون هناك أزمة في المواصلات." وعلى الرغم من تراجع العنف بدرجة كبيرة في العراق خلال الاشهر الاخيرة الا ان السلطات فرضت إجراءات أمن مشددة خلال الاحتفال بأربعينية الحسين. وتولى نحو 30 ألف جندي وشرطي عراقي حراسة كربلاء وخضع جميع الزوار للتفتيش قبل السماح لهم بالاقتراب من المرقد. ولم تمنع الاجراءات وقوع هجوم انتحاري يوم الجمعة الماضي ولا انفجار قنبلة على الطريق يوم الخميس الماضي قتل خلاله ثمانية أشخاص بالقرب من مسجد الإمام الحسين. وأحبطت محاولة شن هجوم انتحاري بالقرب من كربلاء يوم السبت الماضي عندما ألقت الشرطة القبض على مهاجم محتمل. ومر يوم الاحد بدون حوادث في كربلاء وسيصبح أمام قوات الأمن آخر تحد حين يتفرق الزوار مرة أخرى للعودة الى ديارهم ويصبحون عرضة للهجوم. ويقول مسؤولون أمريكيون أن الهجمات هي محاولات لاعادة إشعال العنف الطائفي الذي كاد أن يمزق العراق. وربما تكون السياسة أيضا عاملا بعد أن سجل حلفاء رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي مكاسب في الانتخابات المحلية التي جرت في 31 يناير كانون الثاني. وتقول مصادر أمنية أن ذلك عزز موقف حزب الدعوة الذي ينتمي اليه المالكي في الانتخابات البرلمانية التي تجري في نهاية العام وربما يريد منافسون له الاضرار بمركزه وما نسب اليه من فضل في تراجع عمليات سفك الدماء.