رفضت المحكمة الاتحادية العليا بالامارات طعن النيابة العامة ضد حكم قضى بإسقاط عقوبة القصاص بحق متهم أدين في جريمة قتل عمد بحق أب، لديه ثمانية أولاد، بنتان وستة ذكور قصر، والاكتفاء بحبسه تعزيراً ثلاث سنوات، على سند تنازل أولياء الدم، وهم والد المجني عليه وأولاده الذكور الستة، عن القصاص مقابل سداد مبلغ الدية المستحقة البالغ ?160 ألف درهم. ووفقا لصحيفة ( الامارات اليوم ) الاماراتية كانت النيابة العامة أسندت إلى متهمين، رجل وامرأة، أنهما ارتكبا جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار بحق المجني عليه، إذ بيتا النية وعقدا العزم على قتله، مستخدمين في ذلك آلة راضة هي قطعة خشب، حيث اصطحباه إلى منطقة نائية، وما إن ظفرا به حتى عاجله المتهم الأول بالضرب فأحدث به إصابات أودت بحياته، وطلبت النيابة عقابهما.
وقضت محكمة جنايات الشارقة الشرعية حضورياً بإجماع الآراء بقتل المتهم الأول قصاصا بالمجني عليه وبالوسيلة المتاحة التي يحددها ولي الأمر، وبسجن المتهمة الثانية مؤبداً عن التهمة المسندة إليها وإلزامها بدفع مبلغ ?100 ألف درهم نصف دية المجني عليه، توزع على ورثته الشرعيين وفق الأنصبة الشرعية. وقالت النيابة العامة إن الحكم خالف أحكام الشريعة الإسلامية، ذلك أنه أسقط حق القصاص بالنسبة للمتهم، وطبق عليه نص المادة (?332/?2) من قانون العقوبات بموجب وكالة خاصة صادرة إلى وكيلة الورثة، على الرغم من أن هذه الوكالة لا تخولها إسقاط القصاص، كما أن الأوراق لم تتضمن صك الوصية لوالد المجني عليه، ولم يثبت اطلاع المحكمة عليها، ما يجعله معيباً بما يستوجب نقضه.
ورفضت المحكمة الاتحادية العليا طعن النيابة، مبينة أن أولياء الدم في المذهب المالكي هم العصبة الوارثون من الرجال، وانحصر ارث المجني عليه في أبيه وزوجته وابنائه القصر الستة، خلاف البنتين، ومن ثم فإن أولياء الدم هم أبناء المتوفى الذكور دون سواهم، فهم في نطاق الولاية الشرعية لجدهم لأبيهم «والد المتوفى»، حسبما تبين من إشهاد حصر الورثة، وحضرت وكيلة جميع الورثة، بمن فيهم والد المتوفى باسمه وبالنيابة عن الورثة القصر، وأقرت بتنازل أولياء الدم عن القصاص قبل المتهم، بعد أن سدد في الجلسة المبلغ المتصالح عليه وقدره ?160 ألف درهم، وكانت وكالتها تتعلق بكل المستحقات المالية والأموال والتعويضات ودية الوفاة الخاصة بالمتوفى، ولقد أجاز لها التوكيل الإقرار والتسوية والتراضي، ومن ثم فإن إقرارها بتنازل أولياء الدم عن القصاص مقابل الدية يكون داخلاً في حدود وكالتها وإذ التزم الحكم هذا النظر وقضى بإسقاط القصاص بتنازل أولياء الدم مقابل سداد مبلغ الدية المستحقة فإنه يكون قد طبق صحيح القانون، ويضحى تعييب النيابة العامة في هذا الشأن على غير أساس متعين الرفض.