قام خمسة عشر مواطناً بكل شجاعة بمقاضاة خمس عشرة خادمة سريلانكية لإعادة مبالغ تصل إلى عشرين ألفاً من كل واحدة، وهي خسارتهم بعد هروبهن وعدم رغبتهن في العمل لدى كفلائهن بمبررات مختلفة وأسباب تافهة، وطالبوا بتعويضهم عن الأموال التي دفعوها لاستقدامهن بالوسائل القانونية، ولم يخلّوا بالعقود المبرمة معهن. ووقعت سفارة بلادهن في ورطة؛ حيث يقمن في مأوى خاص، وتتحمل الإنفاق عليهن لحين انتهاء قضاياهن المالية؛ فلا يمكنها اتخاذ أية إجراءات لتسفيرهن لوجود قضايا مرفوعة ضدهن، بالرغم من أنهن قد تقدمن أيضاً بشكوى للسفارة ضد كفلائهن للمطالبة بالعودة لبلادهن، لكن هروبهن عقَّد الأمر. وتحاول السفارة تقريب وجهات النظر بين الطرفين لحل القضية، وفي حال عدم رغبة الخادمات في الاستمرار سيتعين عليهن إعادة الأموال لأصحابها. ولأن العقد شريعة المتعاقدين فإنه من المنصف أن يطالب الكفلاء بحقوقهم، ولاسيما أنهن هربن استغلالاً لشح سوق العمالة المنزلية، وللحصول على مرتبات أعلى من خلال سماسرة العمالة المنتشرين في البلد، الذين يعيثون فساداً فيها، ويخببون الخادمات على كفلائهن. والمعتاد عند هروب الخادمة، التي يكلف استقدامها ما لا يقل عن خمسة عشر ألفاً، التبليغ عنها في مكاتب الجوازات التي تجبر الكفيل بالبحث عنها في مكتب شؤون الخادمات، الذي يؤوي عدداً هائلاً منهن، وبعد مرور ثلاثة أشهر يطالَب الكفيل بإحضار الجواز وتذكرة سفر؛ ليتم إسقاط اسمها من ذمته، وليحق له استقدام أخرى بتكاليف جديدة، وما إن تصل الأخرى بعد انتظار طويل حتى تجد سمساراً يترصد لها لتهريبها للعمل بأجر مضاعف، وعند رغبتها في السفر يُستدعى الكفيل لدفع التذكرة وتسليم جواز السفر، وهكذا في دائرة لا ندري متى تنتهي! والكاسب مكاتب الاستقدام، أما المواطن فهو الخاسر الأكبر! إن إصرار هؤلاء المواطنين الشجعان على المطالبة بحقوقهم ضد خادماتهم الهاربات بعد قضاء المحكمة في الرياض لآخرين بمساعدة من شرطة منطقة الرياض يُعدّ فتحاً جديداً للقضاء على الهروب نهائياً؛ فلن تجرؤ خادمة على الهرب من كفيلها حين تتكبد دفع مبالغ هائلة، لا تقل عن عشرين ألف ريال! ومن المستحسن تحديد مبلغ يساوي فترة عملها مضروباً بألفي ريال، وهو ما تتقاضاه شهرياً لدى مواطن رضي على نفسه بتشغيل خادمة هاربة من مواطن آخر. ولو امتدت نصف الغرامة لمن يشغِّلها وهو يعلم أنها هاربة لكان حلاً ناجعاً لمشكلة الهروب، وهو ما سيجعل كل شخص يفكّر كثيراً قبل أن يحضرها لمنزله. إن هروب الخدم أصبح مشكلة اقتصادية للمواطن، وقضية أمنية وأخلاقية للبلد؛ حيث إن وجود تلك العاملة سائبة، وتعمل لحسابها الخاص، يفضي لمشاكل كبيرة، إن لم يُقضَ عليها بالتعاون بين المواطن الذي لا بد أن يطالب بحقه بشراسة، والشرطة التي ينبغي أن تساعده للحصول على حقه؛ فالشرطة في خدمة المواطن، وأرجو ألا تخذله! رقية الهويريني نقلا عن (الجزيرة)