أمع اقتراب شهر رمضان من كل عام تتزايد ظاهرة هروب الخادمات من المنازل، رغم التزام الكفلاء بدفع مستحقاتهن الشهرية، ويعزو الكفلاء سبب الهروب الذي بدأ يثقل كاهل الأسر، إلى وجود سماسرة من بني جلدتهن يتصلون بالخادمات ويقنعونهن بالهروب من كفلائهن مقابل تشغيلهن في شهر رمضان براتب يبلغ أضعاف رواتبهن. ويترصد السماسرة من الأجانب سواء كانوا سائقين أو غيرهم عند جنبات الطرق منها بوابات المدارس وأمام المجمعات التجارية لإقناعهن بفكرة الهروب وبدوره يقوم السمسار بتأجير الخادمة لمن يرغب بذلك , ويحصل السماسرة على مبالغ طائلة لحاجة الأسر في شهر رمضان المبارك للخادمات وللسائقين. وجود شبكات خفية تديرها عصابات تعمل على إيواء هذه الخادمات وعرضهن على أسر مقابل أسعار مغرية هذه الظاهرة انتشرت في شهر رمضان وتضررت منها الكثير من الأسر ليستفيد منها السماسرة الذين يحتاجون إلى إجراءات تكفل التعرف على أماكن إيواء الخادمات الهاربات والسائقين. ويكفي لمعرفة هؤلاء السماسرة الوقوف عند المدارس وسيجد أن بعض السائقين ليس لهم كفلاء ، والسؤال: من يحمي الكفلاء الذين أجبرتهم ظروفهم على استقدام هؤلاء العمالة من خسارتهم المادية و اضطرارهم للاستقدام من جديد مع فترة انتظار قد تطول , ونحن في هذا التحقيق سنحاول أن نلقي الضوء على أسباب هروب الخادمات والسائقين باستعراض آراء المواطنين المتضررين , وبعض الخادمات الذين هربوا من كفلائهم و تم إلقاء القبض عليهم من قبل سلطات الأمن . في البداية يقول الأخصائي الاجتماعي عبدالله القحطاني ، أنه كثيرا ما نسمع عن العنف و التسلط من الأسرة على الخادمة و تحميلها بما فوق طاقتها ، فالخادمة هي إنسانة لها مقدرتها المحدودة في القيام بالأعمال التي أتت من أجلها، ولكن في حدود هذه الطاقة فنجد هناك أسراً كبيرة تعمل لديها خادمة واحدة و كل فرد من الأسرة يريدها أن تنجر عمله من غسل و تنظيف و ترتيب قبل الآخر ، فنجد كل شخص له تعامل معين في حالة عدم إتمام ما طلبه منها إما بالضرب أو الشتم وهذا من أهم الأسباب التي تجعل الخادمة تفكر في الهروب، و نعرف أن هناك أسرا لديها خادمات تعمل لسنوات عديدة وما زالت حريصة على عدم التفريط فيها. وأوضح القحطاني أنه في ظل ارتفاع الأسعار ووجود شبكات خفية تديرها عصابات كبيرة ومنتشرة تعمل على إيواء هذه الخادمات و عرضهن على أسر مقابل أسعار مغرية جميعها تساهم في زيادة هروب الخادمات. ودعا القحطاني الأسر إلى التعامل بالرحمة مع جميع العمالة الوافدة ، و ليس فقط العمالة المنزلية، لابد أن تكون هناك رحمة في التعامل مع الخدم ، وأن نتقي الله - عز وجل - فيمن اضطرته الظروف ، و دفعته الحاجة، وسخره الله لخدمتك وخدمة بيتك ، و أيضا تجنب ذميم الأخلاق من سب وشتم وسخرية وغيرها، لأن التعامل مع الخدم له آثار نفسية على التعامل مع الأبناء في البيت فيكون المردود على أبنائك نتيجة التعامل معهم ، فكم سمعنا عن بعض التصرفات التي تقمن بها مع الأطفال داخل المنزل في حالة غياب الأب والأم من تعذيب وإهمال، مبينا أنه يجب ألا يكون التعامل والرحمة للدرجة التي تجعل الخادمة تسيطر على أمور المنزل بسبب إهمال الأسرة ودون اكتراث من ربة البيت التي تضع كل مفاتيح المنزل للخادمة ؛ بل لابد أن تحدد لها أعمالا معينة تقوم بها؛ لهذا فمن الأمور السلبية أن نجد كثيرا من الأسر يجعل الخادمة مسئولة عن جميع شؤون البيت. مكاتب الاستقدام: الخادمات يبيتن نية الهروب قبل المجيء في حين أوضح نواف الدوسري، أن ظاهرة هروب الخادمات تزداد قبل شهر رمضان وذلك بسبب السوق السوداء لمثل هؤلاء الخادمات ووما لاشك فيه فأن الجوازات تسعى جاهدة للحد من انتشار هذه الظاهرة وذلك من خلال حملات التوعية للمواطنين كما أن الجوازات تقوم بحملاتها داخل الأحياء وأماكن تواجد العمالة بكثرة وذلك للتأكد من عدم وجود هؤلاء الخادمات في هذه الأماكن كما حذر المواطنين بعدم التعامل مع هؤلاء الخادمات والتعاون مع الجوازات في البلاغ عن الخادمة الهاربة كما بين أن في حال وجود إحدى الخادمات الهاربات فإنها ترحل كما أنها لو وجدت عند إحدى الأسر دون علم مكفولها فأنها تتحمل غرامة مالية كبيرة لذلك يجب على كل مواطن استخدام الأساليب النظامية للاستقدام وحتى نكون يدا واحدة ضد هذه القضية التي تعاني منها كثير من الأسر. وبين صاحب مكتب استقدام خالد الصالح إن مسألة الهروب تجعلنا نقع في حرج مع الشخص المستقدم ولابد من الحد من ظاهرة الهروب وتخفيف منابع تمكينهم من العمل بعد الهروب والوصول إلى آلية تضمن حقوق الطرفين وذكر الصالح أن على رب الأسرة وعائلته دوراً مهماً في بقاء الخدم من حيث المعاملة الحسنة وشعور هؤلاء الخدم بالاطمئنان من قبلهم، وللأسف هناك أسر تقسوا على الخدم من حيث المعاملة وبالتالي ليس أمامهن إلا الهروب ، مشيرا إلى أن الهروب يكلف المستقدمين لهؤلاء الخدم أموالاً إضافية وبين أن بعض الأشخاص الذين يمكنونهم من العمل دون شعور بالمسؤولية ومخالفة النظام معتقدين أنهم غير مسؤولين عن تشغيلهم لذا لابد على المواطن القيام بالإبلاغ للجوازات على أماكن تواجد الخدم الهاربين من كفلائهم وبين صاحب مكتب استقدام راجح السهلي أن أسباب الهروب كثيرة منها ما هو متعلق بالخادمة والأخرى بالكفيل أما ما يتعلق بالخادمة فإننا وجدنا بعض الخادمات يبيتن نية الهروب قبل حضورهن إلى هنا، وهذه من أكثر المشكلات التي يعاني منها الكفيل وكذلك مكاتب الاستقدام ، أما السبب الآخر فهو المعاملة السيئة لها من قبل الكفيل فينبغي على كل كفيل أن يعامل الخادمة معاملة اللين وإعطاؤها حقوقها كافية مستوفاة لكي يتمكن حتى في حالة هروبها من إخلاء مسؤوليته، فنجد بعض الكفلاء يؤخر راتب الخادمة بين ثلاثة إلى أربعة شهور وهي تواجه ضغوطات من قبل أهلها لتحويل مبالغ مادية لهم ، الأمر الذي يجبرها على الهروب بحثا عن المال لكي تحقق رغباتها التي حظرت من أجلها ، والحل في أخذ تعهدات على أهل الخادمة في بلدها تلزمهم في حال هروبها بدفع غرامة. وقال محمد الحسن أنه من الملفت أن ظاهرة هروب الخادمات أكثرها تكون بسبب السائقين، وبعض الخادمات يهربن بعد أيام من حضورهن وبعد الإبلاغ عنهن من جانب الأسرة التي قامت بالاستقدام يتم القبض عليهن وتتحمل الأسرة المستقدمة تبعات السفر، وفي تقديري يجب أن يكون العقاب رادعاً للخادمة الهاربة، فما ذنب الأسرة التي خسرت مالها بسبب هروب الخادمة،و يتساءل هل من المنطق أن تتكفل الأسرة بسفرها وهي التي قبض عليها وهي تمارس عملاً مخلاً بالأمن الاجتماعي ومنافياً للأخلاق في المكان الذي اختبأت فيه. واعتقد أنها يجب أن تتحمل المسؤولية بعد أن تم القبض عليها على حسابها وهو ماسيحد من عمليات الهروب. ويضيف فهد البقمي أن إشكالية الهروب في حد ذاتها تمثل خللاً لابد من علاجه ومواجهته ولابد من وضع نظام يحمي الطرفين الخادمة والأسرة، فبالنسبة للطرف الأول الخادمة قد تكون أسباب الهروب هي إما لعنف الأسرة معها أو لحرمانها من مستحقاتها المالية أو لإهانة إنسانيتها من قبل بعض أفراد الأسرة التي تخدم عندها، ما يجعلها تفضل الهروب والعمل في منزل آخر يوفر لها راتباً مضموناً ومأوى، لذا أرى أهمية التنسيق مع سفارات بلاد الخادمات والجهات الأمنية ومكاتب الاستقدام في حالات الهرب ومعرفة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ذلك للحد من ظاهرة الهروب وضبط العمالة وعدم إعطائها فرصة الهروب، ونظام البصمة هو الأفضل لأنه سيساهم في الحد من هذه الظواهر السلبية.