تتوقع السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم استكمال خططها للطاقة النووية هذا العام لكن القطاع النووي الامريكي قد يفوت فرصة الفوز بعقود بمليارات الدولارات ما لم توقع واشنطنوالرياض في وقت قريب على اتفاق لمنع الانتشار النووي. وتملك السعودية بعضا من أكبر حقول النفط والغاز في العالم لكن ارتفاع الطلب على الكهرباء في المملكة يهدد بامتصاص أغلب هذه الاحتياطيات ما لم تتمكن من ايجاد وقود بديل لنموها الاقتصادي طويل الامد. وكلفت الرياض التي تقول ان الطلب على الكهرباء قد يرتفع من نحو 45 جيجاوات الى 120 جيجاوات بحلول عام 2035 مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة في عام 2010 لوضع خطة لخفض الاعتماد على النفط والغاز. وأبرمت السعودية اتفاقات تعاون نووي مع دول قادرة على بناء مفاعلات منها الولاياتالمتحدة وفرنسا وروسيا وكوريا الجنوبية والصين والارجنتين. وتحتاج الرياض للتحرك بسرعة نسبيا اذا كانت تريد تحقيق هدفها المتمثل في افتتاح أول محطة نووية بحلول عام 2020. وقال متحدث باسم المدينة "نتوقع ان تستمر مرحلة المشاورات الراهنة مع المجلس بضعة أشهر اخرى قبل أن نعلن مصادر الطاقة للمملكة ومستويات الطاقة المستهدفة والقواعد التنظيمية الاساسية." وأضاف "سنعلن قريبا مزيج الطاقة الذي سيستخدم في المفاعلات." وخسرت شركات أمريكية أمام عرض أرخص من كونسورتيوم كوري في أول مناقصة لاقامة منشأة نووية في منطقة الخليج في الامارات العربية المتحدة عام 2009. وقد تفوتها الفرصة مرة أخرى حتى توقع واشنطنوالرياض على اتفاق بموجب الفصل 123 في القانون الامريكي الخاص بالطاقة الذرية وهو ما يمهد الطريق أمام تصدير الطاقة النووية الامريكية. وتتطور المشروعات النووية ببطء عادة فيما يرجع لحجمها وتعقيدها وقضايا السلامة العديدة المتعلقة بها. وحذرت برقية للسفارة الامريكية في عام 2009 سربها موقع ويكيليكس من أن مضي السعودية قدما في واحد من أكبر برامج الطاقة النووية في العالم دون مشاركة الولاياتالمتحدة ليس جيدا للمصالح الامريكية". لكن مع انشغال الكونجرس بانتخابات الرئاسة الامريكية ووقف برنامج ايران النووي الذي تشتبه في أنه ينطوي على تطوير سلاح نووي من المستبعد التوصل الى أي اتفاق هذا العام. وقال مصدر في واشنطن على علم بسياسات الطاقة الامريكية "هناك شكوك كبيرة في أن الرئيس أوباما أو الكونجرس الامريكي الذي يتعين أن يصدق على الاتفاق 123 سيتحركان خلال عام 2012." وأضاف ربما لن تدرس الولاياتالمتحدة الامر قبل 2014." ولكن الرياض قد لا تنتظر حتى عام 2014 لتوقيع اتفاق لمنع الانتشار النووي مع الولاياتالمتحدة اذ ان لديها العديد من الخيارات الاخرى اذا استمر الباب مغلقا أمام الشركات الامريكية. وقال ايان هور ليسي المتحدث باسم الجمعية النووية العالمية وهي اتحاد لشركات الطاقة النووية على مستوى العالم "يقيد ذلك موردي المفاعلات والخدمات مثل التحويل والتخصيب الامريكيين لكنه لا يقيد اي طرف اخر." وأضاف "ستكون هناك خيارات عديدة. حتى في أسوأ الظروف ستظل هناك سبل أخرى لشراء المعدات والخدمات ... فذلك بالتأكيد لن يعطل كل شيء." ولم يتضح بعد كيف سيتأثر استخدام الشركات النووية غير الامريكية لبعض التكنولوجيا الامريكية اذا لم تبرم الولاياتالمتحدة والسعودية الاتفاق 123. ووقعت الامارات الاتفاق 123 مع الولاياتالمتحدة في أوائل عام 2009 متخلية عن حقها في تخصيب اليورانيوم محليا قبل أن تمنح عقدا بقيمة 40 مليار دولار لكونسورتيوم تقوده شركة كورية في وقت لاحق من العام نفسه. وقال الامير تركي الفيصل ان المملكة لن تتخلى عن حقها في تخصيب اليورانيوم من أجل استخدامات الطاقة في الاجل الطويل وان كانت تتوقع انها ستستورد الوقود النووي في الاجل المتوسط. وقال المتحدث باسم مدينة الملك عبد الله "أشارت دراسات اقتصادية أولية الى أنه على الرغم من أن السعودية غنية باليورانيوم لن يكون استخدام هذا اليورانيوم في المنشات السعودية لانتاج وقود لمحطات توليد الكهرباء مجديا اقتصاديا في المستقبل المنظور." ورغم ان خطط الانشاءات مازالت بعيدة وقعت السعودية على مدى السنوات القليلة الماضية مذكرات تفاهم مع عدة دول تتمتع بالخبرة في مجال بناء المفاعلات النووية منها الولاياتالمتحدة وفرنسا وروسيا وكوريا الجنوبية والصين والارجنتين. وقال المتحدث "كل منها تتيح لنا تكنولوجيا قيمة وخيارات للتوريد." وفي العام الماضي قال مسؤول من مدينة الملك عبد الله ان المملكة قد تبني ما يصل الى 16 مفاعلا لانتاج الكهرباء بحلول عام 2030 لكن المدينة أعدت العديد من سيناريوهات العرض والطلب للطاقة وسيتوقف العدد الفعلي للمفاعلات تماما على المزيج الذي ستستهدفه الحكومة للطاقة في نهاية الامر. وفي أغلب السيناريوهات التي أعدتها المدينة تظهر الطاقة النووية باعتبارها من أفضل السبل لتوليد الحمل الاساسي من الكهرباء -أي أدنى طلب متوقع على مدار الساعة- لذلك من المتوقع أن يكون لها دور كبير في امدادات الكهرباء المستقبلية في المملكة. وتعتمد السعودية حاليا على محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالنفط والغاز الطبيعي لتشغيل مكيفات الهواء للسكان في الصيف وتشغيل محطات تحلية المياه على مدار العام. وحذر خالد الفالح الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو الحكومية من أن استهلاك الطاقة السعودي اذا لم يضبط قد يستنفد ثلاثة ملايين برميل يوميا من الخام المتاح للتصدير بحلول 2028. ولان محطات الطاقة النووية لا تشغل أو تقفل بسرعة وعادة ما تعمل بقرب طاقتها الانتاجية القصوى فانها ليست ملائمة لتلبية ارتفاعات الطلب في الصيف لكنها قد تكون ملائمة لطلب محطات تحلية المياه وغيرها من الصناعات الثقيلة الذي يكون أكثر استقرارا على مدار العام. وقال مصدر مطلع على الدراسة التي أعدتها مدينة الملك عبد الله ان السعودية من المرجح أن تختار مزيجا من المفاعلات الكبيرة بالقرب من الساحل لان المياه مطلوبة للتبريد الى جانب مفاعلات محمولة أصغر حجما مثل التي تعرضها الارجنتين. ووقعت السعودية اتفاق تعاون العام الماضي مع هيئة الطاقة الذرية الارجنتينية وشركة اينفاب التكنولوجية التي تطور مفاعلات أصغر حجما مصممة لمحطات تحلية المياه وهو خيار من المرجح أن يظل متاحا بصرف النظر عن التوقيع على اتفاق 123 مع واشنطن. ويقول بعض المحللين ان السعودية من المتوقع أن تختار الشركاء الاجانب في برنامجها النووي على أساس الجاذبية الاقتصادية لعروضهم وليس لتدعيم تحالفات سياسية. لكن الشركات المنفذة قد تطلب ضمانات بتوريد النفط الخام من أكبر مصدر للخام في العالم نظرا الى أن مفاعلاتهم قد توفر ملايين البراميل شهريا من الخام الذي تستخدمه محطات توليد الكهرباء السعودية في العقود المقبلة. وقال ويل بيرسون محلل الطاقة في مجموعة اوراسيا "نظرا الى دور السعودية كمصدر فان الدول الموردة من المتوقع أن تكون مستعدة لتقديم تنازلات مالية أو غير مالية في مقابل نوع من ضمانات الامدادات."