تسود الأوساط السياسية والشعبية والاعلامية فى الكويت عاصفة من الغضب والاستنكار المشوب بالرفض جراء الهوشة التى اندلعت , الأربعاء 18 مايو 2011 , بين عدد من أعضاء مجلس الأمة من السلفيين والشيعة واستخدمت فيها الأيدي والعصي والعُقل , وذلك على خلفية مناقشة قضية المعتقلين الكويتيين فى معتقل جوانتانامو. وبدا الغضب واضحا فى عناوين الصحف الكويتية الصادرة الخميس 19 مايو , حيث عنونت صحيفة (الراي) ب (المجلس سيد لكماته) وتحدثت عما سمته (جلسة تيسونية) , فيما عنونت (القبس) ب (لا يستحقون شرف تمثيل الأمة) وأبرزت (السياسة) ما حصل تحت عنوان (يوم أسود دامٍ في بيت الأمة ... معركة بالعقل والعصي والبوكسات بين النواب ودعوات لتعطيل المجلس شهرا) أما (الجريدة) فعنونت ب (عيب فضحتونا) , وأوردت (مضبطة شتائم المجلس: لعنة الله... أنت سكرتير من القاعدة وتكفيري و هذا قليل أدب وقاعد يخربط و أنت كلب وساقط) . وقد تفاعلت الأزمة خلال الساعات الأخيرة , حيث تبادل النواب المتشاجرون رفع الدعاوى القضائية , ففى حين سجل النائب عدنان المطوع قضية اعتداء بالضرب ضد خمسة نواب في مخفر الصالحية وصنفت القضية كجنائية، حيث قدم المطوع تقريرا طبيا يفيد تعرضه للكسور باليد وكدمات بالرأس.تقدم النائبان فلاح الصواغ وسالم النملان بقضية أخرى لمخفر الصالحية ضد النائبين عدنان المطوع وحسين القلاف لاعتدائهما عليهما بالضرب .. كما تقدم النائب مبارك الوعلان للمخفر ذاته لتسجيل قضية سب وقذف بحق النائبين القلاف والمطوع بعد تطاولهما عليه بألفاظ نابية. ووفقا لمصادر اعلامية كويتية , فان النواب الوعلان والصواغ والنملان وزنفير سيتوجهون الى النيابة العامة في قصر العدل لاسكمال اجراءات التحقيقات بعد انتهاء تسجيل قضية تعدي ضد القلاف والمطوع وسينضم للنواب الشاكين النائب الحربش . وفى سياق ردود الفعل حول المشاجرة النيابية , وصف مكتب مجلس الأمة ما حدث ب «الغريب» على السلوك البرلماني، مؤكدا انه «حادث مؤسف لم تشهده قاعة عبد الله السالم من قبل»، مناشدا النواب مراعاة اللائحة الداخلية، متمنيا ان تسود روح الاخوة والمحبة. وجاء في بيان اصدره المكتب: «استعرض مكتب المجلس المشادات التي جرت في جلسة امس بين بعض اعضاء المجلس، والتي تطورت الى حوادث مؤسفة لم تشهدها القاعة من قبل، وتعتبر خروجا على أدبيات الحوار، مهما تباينت الآراء وتباعدت المواقف واختلفت الرؤى السياسية، لاسيما ان المجتمع الكويتي قد جُبل كما هو معروف وعلى مدى تاريخه على احترام الآخر، والحرص على التعبير عن الرأي بأسلوب حضاري، وهو ما يجب ان يسود جميع المناقشات، والمناقشات البرلمانية بصورة خاصة. واذ استنكر مكتب المجلس بشدة ما حدث، ناشد النواب ضرورة مراعاة ما تنص عليه اللائحة الداخلية للمجلس من انه لا يجوز للمتكلم استعمال عبارات غير لائقة او فيها مساس بكرامة الاشخاص، ووجوب المحافظة على نظام الكلام وموضوعه، وعدم إتيان اي امر يخل بنظام الجلسة واحترام نصوص اللائحة في هذا الشأن. وأكد ان ما حدث امر غريب على السلوك البرلماني يأمل ألا يتكرر مستقبلا، حتى لا يسيء اساءة بالغة الى المجلس وأعضائه، وهم الذين يجب ان يكونوا دائما القدوة الحسنة والمثل الاعلى، وان تسود روح الاخوة والمحبة في ما بين الاخوة الزملاء. فيما أعرب عدد من نواب مجلس الأمة عن أسفهم للأحداث غير المسبوقة التي حصلت خلال الجلسة التي كانت تناقش الاجراءات الحكومية المتعلقة بالافراج عن المواطنين الكويتيين المحتجزين في غوانتانامو، مؤكدين ضرورة اضطلاع رئاسة المجلس بدورها للحؤول دون تكرار هذه الأحداث، في وقت كان للدموع التي انهمرت من النائب شعيب المويزري تأثير أبلغ من العبارة التي لخص منها موقفه من هذه الأحداث قائلاً «ما حصل شيء محزن». بدوره، قال النائب وليد الطبطبائي «لم يكن بودنا ان يحصل ما حصل في الجلسة» مؤكداً ان دخول النائب حسين القلاف، ومداخلته التي هاجم فيها المحتجزين الكويتيين في غوانتانامو أشعلت الجلسة التي كانت تسير بهدوء وسلاسة. وأضاف «ان القلاف يمثل نفسه ولا يمثل الطائفة التي نحترمها، وقسماً بالله إنني لم أفرق في دفاعي عن المواطنين، إلا أن القلاف هاجم النواب وقال عنهم انهم ارهابيون، وطالبنا رئيس الجلسة عبدالله الرومي بإسكاته لكنه لم يفعل بل أعاد له الوقت للكلام». وأوضح الطبطبائي انه وبعد رفع الجلسة توجه الحربش ناحية بوابة الخروج، فرفع له القلاف العصا «التي قال في وقت سابق انها لتأديب النواب»، وهنا بدأت «الهوشة» بمحاولة القلاف الاعتداء على الحربش وما تبعها، داعياً مجلس الأمة الى التدخل لمنع اهانة النواب من القلاف الذي يبدو أنه مدسوس وأراد التخريب، وهو ما يجعلنا نشك في نوايا القلاف وكأنه أمر مدبر». وأكد أن ما حصل لن يثني النواب عن الاضطلاع بدورهم في مكافحة الفساد، وانهم ماضون في تقديم استجواب رئيس الحكومة مهما حاول بعض أعضاء كتلة «إلا الرئيس» تعطيلنا. ودعا النائب روضان الروضان الى مبادرة حكيمة من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد لتفعيل المادة (106) من الدستور حتى تهدأ النفوس المشحونة، مستدركا نحترم اي قرار من سمو الامير الذي عهدنا حكمته في التعامل مع الاحداث، معربا عن استيائه الشديد من المشاجرة بين النواب، معتبرها رسالة سيئة اوصلها البرلمان الكويتي عن الديموقراطية. وقال الروضان في تصريح صحافي عقب جلسة : ان ما حدث امر غريب علينا في الكويت ولم نكن نرغب ان يصل المجلس الى هذه المشادة ولكن يبدو ان الامر ردة فعل سريعة، وكان المفروض ان تكون حالات الانفعال موزونة لأن ما حدث امر غريب على مجتمعنا. وتمنى الروضان من الامير ان يُفعل بحكمته المعتادة المادة (106) من الدستور التي تؤجل انعقاد جلسات المجلس لمدة شهر، مستدركا واذا ما كان هناك قرار آخر من حكمة سموه فبالتأكيد سنحترمه. وأعرب الروضان عن حالة الاستياء الشديد التي اصابت النواب والمواطنين وكل من يحب الكويت جراء ما حدث بالامس وأداء مجلس الامة، محملا المسؤولية لكافة الاطراف، مضيفا كنا نتباهى بديموقراطيتنا بالسابق ولكن اليوم اوصلنا رسالة سيئة للعالم، مؤكدا ان هذه نتيجة الديموقراطية غير الموزونة. وأضاف الروضان: كنت أتمنى ان تُرفع الجلسة منذ بداية الاحتقان والمشادة وهو ما طلبته من الرئيس لكن للاسف حدث ما حدث، دعيا الاعضاء لجلسة حوار شخصي ومراجعة للنفس ازاء ما حصل من انفعالات وإجراءات وخطوات تم اتخاذها. الى ذلك , استنكر اتحاد المحامين الكويتيين ما حدث بين نواب مجلس الأمة من تنابذ بالألقاب واعتداءات باليد والهرج والمرج الذي ساد قاعة عبدالله السالم خلال الجلسة، واصفا ما حدث بالمهزلة التي لا يجب السكوت عنها. وناشد المحامي ناصر الهيفي أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد بالتدخل السريع وفرض هيبة الدولة لأن ما حدث يعد انتكاسة لتجربتنا الديموقراطية ويسيء للكويت وشعبها على المستويات كافة، مشيرا إلى أنه لا يجب بأي حال من الأحوال أن يصل مستوى الطرح بين نواب الأمة لهذا المستوى المتدني الذي لا يليق بهم كممثلين للشعب. وأشار الاتحاد في بيانه إلى أنه تقدم بمشروع لتطوير القضاء والنظام القانوني للدولة وصاحبه قانون لتطوير مهنة المحاماة أيضا بهدف الارتقاء بهذا الجانب وترسيخ سيادة القانون وهيبة الدولة واحترام الدستور والعمل التشريعي، ولفت إلى أن الاتحاد حرص عند صياغة مواد وفصول تلك القوانين على إرساء مبادئ العدالة التي تؤدي بدورها لتهذيب العمل السياسي والارتقاء بالمستوى العام للدولة وبث روح المواطنة والانتماء للوطن دون غيره.