يبدو أن جميع الحلول استنفدت مع شركتي المياه والكهرباء بعد أن ذاق مرارة أدائهما السيئ كل مواطن في مختلف مناطق المملكة خاصة خلال فصل صيف هذا العام. أمير منطقة الجوف الأمير فهد بن بدر "أخرج السيف من الغمد" مؤخراً والصيف يرسل بواقي حممه حين هدد كل من مسؤولي المياه والكهرباء في منطقة إدارته بأنه سيقطع الخدمة عن منزليهما إذا لم يجدا حلولاً لتوقف خدمة هذين القطاعين الحيويين عن المواطنين. الأمير يسن سنة حسنة بهذا التهديد وليته يفعل في أول اختبار لخلل تشهده خدمة هذين القطاعين في قادم الأيام؛ وهو هنا يعبر عن غضب المواطنين وحنقهم من استهتار ولا مبالاة الشركتين من تردي خدمتيهما رغم الرسوم الباهظة والدعم الحكومي الكبير اللتين تتقاضيانه. وهذا الحل يمثل إجراءً عملياً من إجراءات التصحيح في ظل عجز مؤسسات الرقابة عن محاسبة الخلل الإداري لدى الجهات الخدمية مما وضع الجهاز الحكومي التنفيذي في شبهة التواطوء أمام الرأي العام!. أمراء المناطق يمتلكون على سلطات يفترض أن تخولهم بمعالجة القصور في الخدمات ومراقبة أوجه الفساد ودهاليزه في نطاق مسؤولياتهم ومباشرة تلك المهام بفاعلية تحقيقاً للرؤية التنموية للبلاد. فليس من المعقول أن تتردى خدمة قطاع ما أو أكثر دون أن يمتلك المسؤول التنفيذي الأعلى للمنطقة على خطط وحلول لمجابهة المشكلة. وإذا كانت صلاحيات أمراء المناطق لا ترتقي لمحاسبة تلك القطاعات الخدمية فكيف يمكن إدارة شؤون المنطقة التنموية؟!. ربما هذا إنطباع غير صحيح ترسخ خلال سنوات من تداخل المرجعية بين قطاعات الوزارات الخدمية مع وزاراتهم الأم ومرجعية أمير المنطقة. الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية بدد هذا اللبس أخيراً حين قال في لقاء مع أمراء المناطق إثر اجتماع عقد في مكةالمكرمة " أمراء المناطق يمثلون أعلى سلطة في الدولة ويمثلون خادم الحرمين الشريفين في مناطقهم ومسئولين عن كل شؤون المواطنين، وأولها أمن المواطن وثانيها ما يتعلق بكل الخدمات، وهذا الأمر محل الاهتمام وهو ما بحث في هذا الاجتماع". حديث الأمير نايف يشير إلى الدور المحوري لأمير المنطقة في تصحيح الخلل الذي يطال الخدمات المقدمة للمواطنين والمسؤولية التي يجب أن يتصدى لها. يجب أن نتذكر أن مسؤولي الأجهزة الخدمية يعلمون بدهاليز الأجهزة الرقابية (هيئة الرقابة والتحقيق، ديوان المراقبة العامة) وآليات عملها التي تتسم بالروح البيروقراطية من رصدٍ (إن وجد) ثم كتابة ملاحظات وتقارير وانتظار رد الجهات الخدمية (إن حدث ذلك وتنبهوا) ثم إصدار تقرير بالخلل بعد عامين أو ثلاثة دون وجود آلية مباشرة وفعّالة لمحاسبة المسؤول المنوط به إدارة المؤسسة الخدمية ليستمر الإمتعاض المتراكم من قبل المواطنين للجهاز الحكومي برمته. لهذا يعد تلويح الأمير فهد بن بدر بإشعار مشؤولي الشركتين (المياه، والكهرباء) بأنهم سينالون عقاباً مباشراً من ذات المعاناة التي يتجرعها المواطنون مثال على مرونة المسؤول الإداري التنفيذي في القيام بواجباته أمام تقاعس مسؤولي الجهات الخدمية وتجاهلهم أدوارهم الوظيفية، كما يعد سنة حسنة نأمل شيوعها في مقابل اتساع رقعة تردي تقديم وإنجاز الخدمات في مختلف المدن والمحافظات. حمود الزيادي العتيبي [email protected]