مع استعداد مليار ونصف مليار مسلم في أنحاء المعمورة لاستقبال شهر رمضان، بدأ سكان مدينة جدة منذ نحو أسبوع بشراء المواد الغذائية الأساسية، التي يزيد استهلاكها في شهر الصوم. ورغم أن الوقت كان وقت صلاة المغرب، إلّا أنّنا بالكاد استطعنا إيجاد موقف للسيارة في أحد مراكز التسوّق بجدة. فأعداد المتسوّقين استعداداً لشهر رمضان المبارك، تضاعفت في اليومين الأخيرين على نحو ملحوظ، بحسب أحمد مرعي، الذي يعمل مديراً لخدمة العملاء ومشرف صالة، في مركز التسوق الذي قصدناه؛ بهدف رصد استعدادات المواطنين والمقيمين لاستقبال الشهر الفضيل. ويقول أحمد مرعي إنّ نسبة ازدياد أعداد الزبائن في مركز التسوّق الذي يعمل فيه، بلغت في اليومين الأخيرين 90%، مشيراً إلى أنّ وقت الذروة في المركز يبدأ من بعد صلاة العشاء إلى صلاة الفجر. "يبدو أنّ الناس خائفون من نفاد الطعام والشراب من الأسواق، ولذا يأتون هنا بهذه الأعداد الغفيرة"، على ما قال مرعي ساخراً من تهافت الزبائن على التسوّق. ولكنّ سخريته ما لبثت أن تحوّلت إلى ضحكة قوية، عندما استدرك قائلاً إنّ "عمولته ستزداد أضعافاً هذا الشهر". ويؤكّد مرعي أنّ تحضيراتهم لرمضان تبدأ عادةً قبل أسبوعين من الشهر الفضيل، لافتاً إلى أنّ العصائر والشوربات هي الأكثر طلباً من قبل الزبائن في رمضان. غير أنه أضاف: "هناك طلبٌ على كلّ شيء، الناس يشترون كلّ شيء وأيّ شيء". أحد الزبائن الذين حاولنا أخذ آرائهم في أسعار السلع، رفض الحديث، وانسحب مسرعاً، مردّداً على نحو متكرّر: "خسائر..خسائر"! ولكنّ علي الغامدي (60 عاماً)، قال إنّ الأسعار معقولة، وأنّ من لا تعجبه الأسعار يمكنه أن لا يشتري؛ "فلا أحد يجبرك على القدوم هنا إن كنتَ لا تملك المال الكافي للتسوّق"، على ما قال ل"عناوين". ويقرّ الغامدي بأنّه لم يكن ليأتي للتسوّق لولا إلحاح الزوجة والأبناء. فرمضان، بالنسبة له، ليس للأكل والشرب، وإنّما للعبادة والتقرّب إلى الله، والإحساس مع الفقرار. أمّا وليد عبد الرحيم (31 عاماً)، فجاء لاستكمال التسوّق الذي كان قد بدأه منذ أسبوع، بعدما اكتشف أنّه تنقصه بعض السلع. ويبدي وليد ضيقه وتذمره الشديدين مما سمّاه "جنون الأسعار". فلمّا سألناه إن كان هناك ما يجبره على التسوّق، أجاب بأنّ إلحاح الزوجة هو الذي دفعه للمجيء هنا. ولو كان الأمر بيده، على ما قال ل"عناوين"، لاكتفى "بالماء والتمر". وأضاف: "الزوجة هي التي تقرّر في مثل هذه المسائل. ومهمّتي هي دفع المال فقط".