كيف يصبح الحفاظ على "اكتظاظ" فتيات كلية التربية بجامعة القصيم في مرتبة متقدمة من إنقاذ حياة فتاة تصارع الموت؟!. أي فهم سقيم هذا؟!. لماذا حياة الإنسان لدينا في مرتبة متدنية - ولا أود القول رخيصة جداً- أمام أي أمر آخر؟!. كيف يحدث هذا في أحد معاقل التعليم العالي؟!. يقول خبر صحيفة "الحياة" (الأحد 4 أبريل 2010) أن حارسات كلية التربية بجامعة القصيم منعن فرقة الهلال الأحمر من إنقاذ فتاة سقطت مغشياً عليها في الداخل، بعد أن حضرت الفرقة في وقت وجيز، إثر ورود بلاغ من إدارة الكلية يطلب إسعاف الفتاة!. وحين وصول الفريق الإسعافي، في غضون 4 دقائق من تلقي البلاغ، تصدت له حارسات الكلية مطالبات ببقاء الفريق خارجاً، بسبب أن في الداخل نساء، ولا يجوز بالطبع ولو "فطسن" جميعاً أن يدخل عليهن رجال، حتى لو كانوا في مهمة إنسانية من أجل إنقاذ حياة فتاة على مشارف الموت!. أُجبرت الفرقة الإسعافية على الانتظار في الشارع وقام بدورها الإسعافي حارسات بوابات الكلية حين استلمن عربة نقل المرضى وذهبن بها إلى الداخل ثم أحضرن الفتاة بعد 9 دقائق، وحين حاول المسعفون إجراء الإنعاش القلبي الرئوي تبين أن الفتاة قد فارقت الحياة. مدير العلاقات والإعلام في جامعة القصيم، قال في معرض تبريره للإجراء الذي لايتسم بأي حس إنساني على الإطلاق من قبل حارسات الكلية، اللاتي منعن الفرقة الإسعافية من الدخول حال حضورها وإجراء الإسعافات مباشرة، أن السبب "اكتظاظ" الكلية بالطالبات!. ما المتوقع أن يكون في داخل الكلية غير الطالبات وعضوات هيئة التدريس؟!. أي تبرير لهذا الإهمال والتراخي في إنقاذ حياة إنسانة؟!. وما فائدة طلب الفرقة الإسعافية التي حضرت بحسب مسؤول هيئة الهلال الأحمر خلال 4 دقائق إذا كان سيمضون 9 دقائق أخرى ليباشروا الحالة الإسعافية؟!. أين الخلل؟. ومن المسؤول عن إهمال إسعاف الفتاة في الوقت المناسب، من قبل الجهة المخولة بهذه المهمة، حتى فارقت الحياة؟!. مدير الفرع الرئيسي لهيئة الهلال الأحمر في منطقة القصيم صالح التويجري اتهم في تصريح لصحيفة "الحياة" مسؤولي الكلية ب«قلة الوعي»، وعدم الإيمان بأهمية الوقت الإسعافي واستغلال كل ثانية منه. ياسيدي، هل هناك من تزعجه الاتهامات ب"قلة الوعي" في كثير من قطاعاتنا الحكومية اليوم؟!. إنها كلمات تلفظها الصحف ثم تُطوى وكأن شيئاً لم يكن. لابد من تحويل الأمر إلى قضية جنائية بسبب الإهمال في الحفاظ على حياة إنسانة أودعتها أسرتها لتلقي العلم في كلية جامعية وإذا بالكلية ومسؤولوها يفتقرون "للوعي" في الحفاظ علي حياة الإنسان!. لقد تم التعاطي بلا مبالاة في إنقاذ حياة هذه الفتاة بينما كانت تصارع الموت، والمبرر "اكتظاظ" الفتيات داخل الكلية!. كيف يأمن الناس على فتياتهم في المدارس والجامعات "المكتظة" بعد اليوم إذا كان "الاكتظاظ" سيكون مبرراً لمنع إنقاذ الحالات الإسعافية مقابل الحفاظ على "الاكتظاظ"!. قبل أيام أطلق مدير عام الدفاع المدني الفريق سعد التويجري بياناً صحافياً واضحاً لا لبس فيه حول تعميم لمديريات الدفاع المدني بالحق في استعمال القوة النظامية في مواجهة كل من يعترض مهام الفرق الإنقاذية عند مباشرتها أي حادث كون عملها إنساني بحت ولا يجوز لأحد اعتراضه أو التدخل في طريقة تنفيذه. كان البيان الصحافي والتعميم يستند إلى أنظمة ولوائح الدفاع المدني المقررة، بمعنى الإشارة إلى المرجعية القانونية التي تراعي البعد الإنساني في مهمات الجهاز بعيداً عن الاعتبارات والتقديرات الشخصية والثقافية التي قد تختلف من فرد لآخر أو من جهة لأخرى. بعد ذلك التصريح الحازم صرحت بعض الجهات الحكومية بتفهمها لدور الدفاع المدني وتقبلها إجراءاته، والمفارقة أن تلك الجهات كانت، غالباً، تعترض طريق الدفاع المدني حين مباشرة بعض الحوادث خاصة حين يكون مسرحها مدارس البنات!. بيد أن الحزم المستند على المرجعيات القانونية كان كفيل بمنع المتجاوزين. اليوم، وبعد هذه الحادثة المؤلمة، وملابساتها، ننتظر من سمو رئيس هيئة الهلال الأحمر الأمير فيصل بن عبدالله أن يصدر توجيهاً مباشراً باستخدام القوة النظامية حين إعاقة مباشرة الحالات الإسعافية، والتواصل مع قطاع الدوريات الأمنية، لاعتقال كل من يعترض إنقاذ حياة إنسان في أي موقع كان ومن ثم تحميله المسؤولية الجنائية، لأنه بقوة القانون وسيادته نستطيع حماية الأرواح والممتلكات أمام أية تفسيرات ذاتية.(حمود الزيادي العتيبي) [email protected]