رأيت قبل يومين مقطعاً لأم انجليزية ترتدي معطفاً من الصوف الأحمر الناعم تحمل سلة تحوي العديد من الطعام المتنوع من خبز وفاكهة ولحم طير وما لذ وطاب ذاهبة لمحطة قطار تنتظر ابنها القادم بكل لهفة والأجمل ليس في تلك السلة بل ما تحمله بين أضلعها .قلبا عطوفا شغوفا لرؤيته بل كانت على هذا المنوال في كل مرة يعود اليها تجدد الطعام وتُزين اللباس فإن أتاها رقصت وبكت فرحة وإن لم يأتيها أيضا بكت حزنا. الذي شدني في الموضوع في كلا الحالتين نعبر بالدموع ولو الدموع لها لسان لشكت من ردات أفعالنا لطف الله بقلبها هي كأم لا ملامة عليها في ذلك. ننتظر بطبيعة الجبلة البشرية ننتظر الحب بلهفة ننتظر سماع صوت المطر ننتظر التصفيق في عرض سينمائي ليفوز البطل بجائزة الأوسكار .ننتظر الوصول للقمة بلهفة ننتظر سرعة نتائج الإنجاز بغض النظر سواء كنا على مهل أو استعجال فهو منتظر. الوالدان ينتظرون أبنائهم يكبرون ويصعدون بحياتهم للأعلى والجدة نهاية كل أسبوع تنتظر الأحفاد والأسباط شوقا لعناقهم .نفكر دائما بالمستقبل ننتظر بعد الخمس والعشر سنوات من نكون؟ وماذا حققنا؟ لماذا لا ندعها تأتي كما كتبها الله فكل شيء من ربي جميل .لابد أن نعتاد التسليم والتوكل على الله في كل امورنا ونبتعد عن التدقيق ونستمتع برحابة الصدور لنسلى ونعيش وأن لا نرفع سقف توقعاتنا في كل أمر معنوي أو مادي وتكون لدينا استعدادات نفسية لأي نتيجة درئا لكل الصدمات فإن حصل ما نريد ونتمنى فالله أكبر وأجزل في عطائه فشكرا ربي وإن حصل العكس أيضا شكرا ربي لطفك أحاطنا وأزلت عنا كل سوء لأنك تحب عبادك فتنجيهم. حتى المبالغة في المشاعر لمن حولك أنت محاسب عليها فطبطب على ذاتك وهون من عطائك ولهفة قلبك فلا توجعه بثقل الملامة والعتاب والبحث والتفتيش لأسباب ربما معرفتها أشد وجعا عليك . فلابد أن نفهم أن كل شيء في هذا الدنيا بالكم والكيف والمقياس والميزان وكل هذه ذُكرت في ديننا الجميل لكن كيف نترجم ذلك في حياتنا. أخيرا… كل مناظر الحياة ومحطاتها أوجزتها لي تلك العجوز ذات المعطف الأحمر فأثارت قلمي، رحماك ربي بقلبها وقلوب لازالت تنتظر.