جرت العادةُ أن تكون لكل مشروعٍ مُعلَن ميزانيةٌ مرصودةٌ من وزارة المالية.. وعادةً ما تكون لكل مشروع طريقة احتساب من الجهة المالكة للمشروع.. وعادةً ما يرسو المشروع على الأقل قيمة في المناقصة.. وكما نلاحظ اسمها يأتي من الأصل “نقص”.. ويعني الأقل سعرًا.. وليتها كانت مفاضلة؛ ليكون الفائز هو الأفضل بدلًا من الأقل.. تلك مقدمة مُملَّة.. لنبدأ.. قبل عدة أشهر، تمَّت إعادة سفلتة طريق في الدمام بطول 6 كم تقريبًا بقيمة 47 مليون ريال.. القصة ليست في قيمة المناقصة.. بل تكمن في أن ذلك الطريق حديثٌ جدًا، ولم يمضِ عليه سوى سنوات معدودة.. وتلف الإسفلت.. وهذا حال معظم طرقنا.. وهناك وزارتان فقط معنيَّتان بالسفلتة: النقل والبلديات.. وكلاهما تخبّصان بذات السوء في السفلتة.. قامت وزارة النقل بسفلتة طريق الميناء، وبعد عدة أشهر “تخدّد” وتحفّر.. وتمَّ كشط الطبقة وإعادتها.. وهكذا، ومثلها لبعض الشوارع والطرقات لن أسردها، فرئيس التحرير لن يرضى بالسرد المُمِل.. هناك مَثَلٌ أجنبيّ يُعجبني كثيرًا (monkey see.. monkey do)، ويعني: قلّد الناجحين.. ومَن هم الناجحون.. يوجد في المنطقة الشرقية طريقٌ مرصوفٌ منذ عام 1406 هجري إلى تاريخ اليوم دون حفرة أو تخدّد.. وهو طريق جسر الملك فهد، وسبب نجاحهم هو استخدام حجارة رأس الخيمة بدلًا من الصخور الكلسية limestone)) المجلوبة من طريق الرياض.. والسبب الثاني تشديدهم على أوزان الشاحنات.. فقط. لماذا لا نقلّدهم؟ يقول أحد المسؤولين إن التكلفة سوف تزداد لو استخدمنا صخور رأس الخيمة.. فقمتُ بعمليةٍ حسابيةٍ مضنيةٍ لتكلفة الإسفلت.. ووجدت أنه سوف يرتفع بحدود 5-7%، ولو حسبنا مشاريع صيانة الطرق الحالية لو جدنا أن تلك النسبة تعتبر توفيرًا لخزينة الدولة.. لماذا لا نزيد في قيمة المشروع قليلًا كي نجنّب خزينة الدولة ملايين طائلة للصيانة..؟! هل هي قلة “دبرة” أم كسَل أم تقاعس، أم هكذا كان آباؤنا وأجدادنا..؟! هل الموضوع يحتاج لصحفي، ويبحث عن الحلول ليكتبها، أو مسؤول يود أن يكون مخلصًا؟!.. كي أصل لتلك الحقائق أتلفتُ معظم ثيابي وسيارتي وأحذيتي.. فأرجو منكَ عزيزي المسؤول أن تأخذ الأمر بمحمَل الجِدّ.. حتى أسعار صخور رأس الخيمة أحضرتُها من مصدرها.. وقارنتُها مع الصخور الجيرية المستخدمة.. وقمتُ بتجربةٍ على إسفلتٍ يخصّ الأمانة، ووثَّقتُ النتائج.. كنتُ ذات يوم مع صديق مسؤول.. وقلتُ له: هل تعلم “ليش تزداد الحُفَر في الشوارع بعد كل مطر غزير؟”.. إن الماء يغطي الإسفلت وضغط الإطارات يدخله في تجويف الإسفلت، فتذوب تلك الصخور.. ومع تكرار السيارات تحدث الحُفَر.. في حي الربوة بمدينة الظهران.. كان هناك تسرُّبٌ دائمٌ للماء، ويجري في مسار خاص له.. تتبَّعتهُ بشكلٍ يومي.. ووجدتُ أنه شكَّل حُفَرًا عميقة خلال 14-21 يومًا. الحديث ذو شجون.. ولي عودة معكم في هندسة الكباري والمخارج والمداخل.. في معظم الطرق التابعة لوزارة النقل والبلديات. والله المستعان.