أصبح الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالله حمدوك، الأربعاء (21 أغسطس 2019)، رئيس وزراء أول حكومة مدنية في السودان بعد الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، الذي فصله عن الخدمة المدنية قبل أن يتقلد مناصب اقتصادية لدى مؤسسات دولية وإقليمية. وأدى حمدوك اليمين الدستورية، أمام رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، ورئيس القضاء عباس علي بابكر، رئيسًا لوزراء الحكومة الانتقالية التي تستمر 39 شهرًا. وتركت قوى الحرية والتغيير، أمر اختيار فريق الوزراء البالغ 20 وزيرًا، لرئيس الوزراء بعد الدفع بقائمة مرشحيها، ومن ثم التشاور معه على القائمة النهائية للوزراء. واليوم يطوي حمدوك، الذي طُرد من الخدمة المدنية في السودان تعسفيًا تحت طائلة "سياسة التمكين"؛ حقبة الثلاثين عامًا تحت قبضة حكم الإسلاميين. ولم يكن حمدوك معروفًا لدى السودانيين، ولكن برز اسمه مع رفضه تكليف الرئيس المخلوع عمر البشير له بتولي وزارة المالية لإنقاذ بلاده من الأزمة الاقتصادية التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، أدت الى تحريك الشارع ضده حتى إسقاطه في أبريل الماضي. ولم يدر بخلد المفصول من الخدمة المدنية في السودان عبدالله حمدوك، في بداية عهد صعود الإسلاميين على الحكم؛ أن يسوقه القدر يومًا لرئاسة الوزراء بعد سقوط من طردوه بسياسات التمكين سيئة السمعة، عن الخدمة في 10 يناير 1990. وفقا ل “إرم نيوز”. بدأ عبدالله حمدوك المولود في قرية صغيرة بمنطقة الدبيبات بولاية جنوب كردفان؛ مسيرته المهنيّة عام 1981 حينما انضمّ للعمل في وزارة المالية حتى 1987، وابتعث لدراسة الماجستير والدكتوارة في الاقتصاد بجامعة مانشيستر – انجلترا (1987 – 1988)، لكن جرى إحالته للصالح العام تحت طائلة "سياسة التمكين" التي لاحقت آلاف السودانيين آنذاك. ولم يكتف نظام البشير بفصل حمدوك عن الخدمة المدنية؛ فحرمه من بدلات الدولة الخاصة بابتعاثه لدراسة الماجستير والدكتوارة في إنجلترا.وحمدوك المتخرج من جامعة الخرطوم بمرتبة الشرف في الاقتصاد الزراعي؛ ثم الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة مانشستر، استهل حياته العملية مسؤولًا بمشروع التنمية الريفية بجبال النوبة، ثم منتدبًا لإدارة التخطيط التنموي بوزارة المالية بإقليم كردفان. واضطر بعد مضايقات نظام البشير للعمل خارج البلاد، بدأها بمنظمة العمل الدولية، وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي بزيمبابوي، إضافة لعمله لفترة طويلة ببنك التنمية الأفريقي. لكن النقلة الأهم في حياة حمدوك العملية عندما التحق باللجنة الاقتصادية الأفريقية التابعة للأمم المتحدة UNECA ومقرها أديس أبابا، حيث عمل مسئولاً للإدارة العامة للحكم الرشيد، وكذلك الإدارة العامة لأفريقيا. وعلى ضوء خبرته الطويلة في قضايا الحكم الرشيد، جرى اختياره مديرًا عامًا للهيئة الدولية المعنية بهذا المجال IDEA في منطقة أفريقيا والشرق الأوسط، تحت إشراف عدد من القادة الأفارقة والأوربيين ورؤساء دول أمريكا اللاتينية. انتقل حمدوك مرة أخرى للجنة الاقتصادية الأفريقية التابعة للأمم المتحدة كبيرًا للاقتصاديين فيها حتى جرى اختياره "مسؤول أول" لهذه المؤسسة الدولية الرفيعة بعد إعفاء السكرتير التنفيذي، ليشغل حمدوك منصب المدير التنفيذي كأول سوداني يتقلد المنصب. وفي الفترة من 2003 حتى 2008، عمل حمدوك في المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية، ثمّ شغل في وقتٍ لاحقٍ منصبَ كبير الاقتصاديين ونائب الأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية لإفريقيا منذ عام 2011. بحلول عام 2016؛ عُيّن من قبل الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" كقائم بأعمال الأمين التنفيذي للجنة الأممالمتحدة الاقتصادية لأفريقيا. ويأمل السودانيون، أن يحقق الاقتصادي والتكنوقراطي حمدوك، نجاحًا في مواجهة تحديات السودان الاقتصادية أولًا، ووقف الحرب، وانتشال البلد المنهك بفعل الفساد الحرب، لكونه قيادي تجتمع فيه خبرات مشهود لها في علم الاقتصاد والحوكمة والدبلوماسية. وفور وصوله الخرطوم؛ تحدث رئيس الوزراء الجديد عن حلم السودانيين الانتقال إلى مصاف الدول الأفريقية، بالقول إن السودان بإمكانياته الهائلة قادر على وضع نفسه في مقدمة البلدان الأفريقية.