حذر الكاتب فهد عامر الأحمدي من موجة تطرف جديدة قد تظهر بعد ثلاثين عاماً من الآن، مستشهدا بالوقت نفسه بحالات سابقة بدأت في عهد الملك عبدالعزيز الذي عندما “أدرك استحالة بناء دولة عصرية بوجود الإخوان المتشددين الذين انشقوا عليه بحجة رفضه محاربة الجيوش البريطانية في العراق والخليج” حيث دخل المجتمع بعد تلك الفترة في مرحلة “انفتاح واعتدال حتى أتى غزو أفغانستان، وطغى التيار المتشدد مرة أخرى تحت مسمى الصحوة”.. حيث تم التضييق خلال هذه الفترة على أفراد المجتمع وعلى حياتهم وأفراحهم وعباداتهم حتى تراكمت مواقف مضادة لدى الغالبية منهم وانكسر جدار الصمت مؤخراً وظهرت “بوادر انفراج معاكسة يظنها البعض مفاجئة، ولكنها ردود فعل معاكسة لفترة تضييق استمرت لثلاثين عاماً”. وأبدى الكاتب في مقاله المنشور في صحيفة الرياض بعنوان (مجتمعنا وقانون نيوتن الثالث) خشيته من أن حالة الانفراج الحالية قد تولد موجة “استياء مكبوتة ستنتهي ربما بعد ثلاثين عاماً من الآن بردود فعل معاكسة تعيدنا مجدداً لحالة التشدد الفكري والاجتماعي التي مررنا بها مرتين حتى الآن”، كما يقول. وطالب الأحمدي من المجتمع أن يتفهم هذه الظاهرة “ولا يساهم هذه الأيام في بناء حالة كبت جديدة قد تنفجر مستقبلاً في الاتجاة المعاكس”، ويضيف بأنه يجب علينا أن لا نشجع “ردود الأفعال ومظاهر التشمت والاحتفاء بانتهاء الصحوة”، ويجب علينا أيضا أن لا نؤيد “مظاهر الانفلات بحجة الحرية، أو المجاهرة بحجة الانفتاح”، مؤكدا بأنه يجب علينا أن “نتصرف بعقلانية ونبني مجتمعاً طبيعياً معتدلاً ومتسق الاتجاه مثل مجتمعات عالمية كثيرة لا تملك مواقف فكرية حادة أو ردود فعل متذبذبة”. واستعرض الكاتب بعض الحالات التاريخية في دول أخرى مثل الحرب العالمية الثانية التي “ظهرت كرد فعل لاستسلام ألمانيا المهين في الحرب العالمية الأولى حيث عزف هتلر على رد الإهانة واستعادة كرامة الأمة الألمانية”، وكذلك حالة انهيار الأنظمة الماركسية المنغلقة في روسيا والصين والتي تسببت “بردود فعل عكسية نحو الانفتاح الاقتصادي والتحرر الاجتماعي وإعادة بناء كل معبد وكنيسة تم تدميرها في عهد ستالين وماوتسي تونج”، ومثل هذا شهدته دولتا كمبوديا وفيتنام، وتشهده حالياً كوبا وإيران، حيث “كبت الحريات ينجم عنه توجه معاكس نحو التحرر ومقاومة الطغيان”. وشدد الكاتب في نهاية مقاله على ضرورة الانتباه والحد من التوجهات المعاكسة وردود الأفعال القاسية، وضرورة تعلم كيفية تجاوزهها أو على الأقل “التخفيف من حدتها من خلال التدرج والتسامح وعدم المبالغة في ردود الأفعال ذاتها”.