الخيارات التي تملكها أميركا اليوم للتقرير بشأن ملف إيران النووي يمكن التنبؤ بها ومعرفتها ببساطة؛ فأميركا تتعامل كونها الطرف الأقوى في هذه المعادلة، لكن الجزء المهم في هذا السيناريو هو الخيارات التي تملكها إيران، وهل يمكن لها أن تجد مخرجاً عبر وسائل لا يمكن التنبؤ بها.. لن تكون المفاجأة فيما سوف تفعله أميركا؛ بل المفاجأة ستكون أكبر بما سوف تقرره إيران تجاه أي سيناريو محتمل ممكن أن تتخذه أميركا، سوف تنكشف إيران أمام نفسها والعالم من حولها، فهي إما أن تثبت أنها قادرة أو أنها مجرد نمر من ورق، لذلك السيناريوهات المحتملة في هذه القضية مقلقة للعالم وإيران التي لم تتعود المجازفة وغضب الغرب عليها. المرحلة التي أكلت فيها إيران الجزر بكثرة هي مرحلة الرئيس أوباما، فأميركا في عهد الرئيس أوباما كانت مرتبكة أمام نتائج الثورات العربية التي قلبت الموازين، وبسبب ذلك فقدت أميركا البوصلة التي كانت تبحث عنها عبر الرئيس أوباما الذي استمات لكي يفعّل فكرة الانكماش الأميركي في الشرق الأوسط، ولكنه لم يجد وسيلة مناسبة سوى أن يرمي أميركا ونفسه في أحضان اتفاق نووي مع إيران، كون الرئيس أوباما يعتقد أن إيران يمكنها خدمة أميركا لضبط إيقاع المنطقة عبر إحياء فكرة إعادة إيران كشرطي للمنطقة. السياسة الإيرانية ومنذ عهد الخميني وحتى اليوم سياسة أفضل ما يقال عنها إنها سيئة جداً، وأهدافها أسوأ مما نتوقعه، فالخطاب الإيراني يعكس تلك اللغة التي لن تتوقف عن إثارة المشكلات في المنطقة عبر استخدام المذهبية وتصعيد الصراع السني الشيعي في سبيل أهداف مختلطة مع طموحات فارسية لإحياء إمبراطورية تغلب عليها عرب قدموا من جزيرة العرب، الذين صنعوا الحضارة الإسلامية التي أصبحت إمبراطورية الفرس جزءاً منها. الاستبداد الذي يمارسه ملالي إيران يجسد أشكالاً من السلطة المتداخلة بين المذهب والطموحات غير المقروءة، والخلط الكبير داخلياً وخارجياً بين ما هو سياسي واقتصادي وطائفي، فمسار إيران يقودها إلى نمط من الفعل غير المتزن، فخلال الأربعة العقود الماضية لم تكن إيران قادرة على بناء علاقات استراتيجية منضبطة مع جيرانها والعالم، لذلك استهواها التنقل بين المشكلات التي تزرعها في المنطقة، بالإضافة إلى تناقضاتها حول مكافحة الإرهاب، وقد خدعت أميركا والعالم كله من قبل إيران، وبطرق ووسائل أثارت أسئلة مهمة حول النظام العالمي وموقفه تحديداً من إيران ودعمها للإرهاب. الخيارات التي تملكها أميركا اليوم للتقرير بشأن ملف إيران النووي يمكن التنبؤ بها ومعرفتها ببساطة؛ فأميركا تتعامل كونها الطرف الأقوى في هذه المعادلة، لكن الجزء المهم في هذا السيناريو هو الخيارات التي تملكها إيران، وهل يمكن لها أن تجد مخرجاً عبر وسائل لا يمكن التنبؤ بها، كما يبدو أن إيران لن تكون قادرة على الانتصار في هذا السباق المستجد لتجديد الاتفاق النووي، وأميركا هي الدولة الوحيدة التي يمكنها أن تساعد في صنع انتصار جديد أو هزيمة جديدة للمشروع الإيراني، بصورة أكثر دقة فإن رقبة إيران معلقة على مقصلة أميركية، وسوف تكون هذه الأزمة اختباراً حقيقياً لسياسات الرئيس ترمب ومصداقيته الدولية والإقليمية، لنكن صريحين، استراتيجية ترمب تجاه إيران تبلورت فقط في اتجاهين الأول: كم التصريحات التي يدلي بها عن إيران. والثاني: مجموعة الشخصيات التي انضمت لإدارة الرئيس ترمب، والتي تتميز بمواقفها ضد النظام الإيراني، أما غير ذلك فلم نشاهد شيئاً. السؤال المهم يقول إلى أي مدى يمكن لترمب إلحاق الضرر بإيران أو إنقاذها؟ كلا الخيارين ممكن مع شخصية كلاسيكية مثل ترمب الذي أتى من قطاع المال والأعمال ليدير أكبر دولة في العالم. هناك إسرائيل التي تشعر بالخطر الإيراني أيضاً، إسرائيل تعتقد كذلك أن إطلاق إيران من الاتفاق النووي يشبه إطلاق ثور هائج في ساحة المعركة، والعرب أيضاً عليهم أن يفكروا جدياً؛ لأن الخيار المتاح أمام ثور هائج هو رميه بالرصاص، فهل تفعلها إسرائيل عبر إقناع الرئيس ترمب بهذا الحل السحري الذي اعتادت إسرائيل استخدامه في المنطقة تجاه مشروعات نووية مماثلة. إيران التي جاء بها الخميني كنتيجة طبيعية لفوران أيديولوجي يمكن للتاريخ أن يتوقع ويفسر اتجاهاتها القاطعة وغير القاطعة، أحد الاحتمالات الممكنة أن يكتشف العالم أن إيران يمكنها الانكماش من جديد وتجرع القرار الأميركي عبر الانكفاء الداخلي وإعادة الكرة، لقد أصبح من الممكن الآن ومع اقتراب الثاني عشر من مايو القول إن إيران ذاهبة إلى الهزيمة، وعليها أن تختار الطريقة المناسة لهذه الهزيمة، هذا في الحالة الطبيعية لسياق الأزمة سياسياً وإعلامياً، ولكن يجب على دول المنطقة بما فيها إسرائيل ألا تستبعد مفاجآت الدول الغربية وأميركا معها، فقد يكون الثور الهائج في ساحة المعركة مازال يقدم الإمتاع للجمهور. د. علي الخشيبان (الرياض) الوسوم أميركا إيران خيارات