بانكوك أ.ف.ب : بعد سبعة اشهر على احتجاجات سياسية دموية اعلن الجيش التايلاندي الخميس انقلابا عسكريا وعلق العمل بالدستور وطالب متظاهري طرفي الازمة بالعودة الى منازلهم. وفي تصريح تلفزيوني، قال قائد سلاح البر التايلاندي الجنرال برايوت تشان او تشا "كي تعود البلاد الى الحياة الطبيعية" على القوات المسلحة "ان تتسلم السلطة اعتبارا من 22 ايار/مايو في الساعة 16,30" بالتوقيت المحلي (9,30 ت غ). وبعد اعلان الانقلاب، فرض الجيش التايلاندي حظرا للتجول بين الساعة العاشرة مساء والخامسة صباحا، وطلب من متظاهري الطرفين المتنافسين مغادرة الشوارع والعودة الى منازلهم بعد حوالي سبعة اشهر من تظاهرات سياسية في العاصمة بانكوك. كذلك منع الجيش التايلاندي التجمعات لاكثر من خمسة اشخاص "لاغراض سياسية"، كما استدعى اعضاء الحكومة المقالة للمثول امام الجيش، وعلق العمل بالدستور باستثناء الفصل المتعلق بالملكية. واعلن قائد سلاح البر انقلابه بعد جلسة ثانية من المفاوضات بين اطراف الازمة من اجل التوصل الى تسوية. وقبل وقت قصير من اعلان برايوت للانقلاب العسكري، افاد شهود ان قادة متظاهرين من الطرفين نقلوا من مكان الاجتماع بآليات عسكرية وتحت حراسة مشددة. وليس واضحا حتى الآن ما اذا كان تم اعتقالهم رسميا. وبرر برايوت (60 عاما) قرار الجيش ب"اعمال العنف في بانكوك واجزاء اخرى من البلاد والتي سقط ضحيتها الابرياء والممتلكات وكان من المرجح ان تتصاعد". وقرار الجيش الاخير هو جزء من ازمة سياسية ممتدة منذ الانقلاب العسكري في العام 2006 الذي اطاح برئيس الوزراء المنفي ثاكسين شيناواترا، وهي خطوة اثارت غضب مؤيديه. واضاف برايوت في بيانه انه "على جميع التايلانديين ان يحافظوا على الهدوء، وعلى الموظفين الاستمرار في عملهم كالمعتاد". كذلك امر الجيش التايلاندي كل محطات الاذاعة والتلفزيون وقف برامجها وبث بيانات النظام العسكري الجديد. والقرار يشمل ايضا المحطات الاجنبية مثل سي ان ان و بي بي سي وسي ان بي سي. وفي بيان تلاه على التلفزيون الوطني الذي قطع برامجه اصلا ولا يبث سوى صور عسكريين على خلفية بيضاء، قال ناطق باسم الجيش "لاعطاء معلومات صحيحة للسكان على كل محطات الاذاعة والتلفزيون تعليق برامجها". وانتشرت شائعات عن انقلاب عسكري وشيك في تايلاند منذ يوم الثلاثاء بعد اعلان قائد الجيش القانون العرفي لتفادي خروج التوترات السياسية عن السيطرة. وتاريخ تايلاند حافل بالانقلابات (18 محاولة او انقلاب ناجح منذ 1932 عند اقامة الملكية الدستورية). واطاح الانقلاب الاخير في 2006 برئيس الوزراء ثاكسين شيناواترا، وهو شقيق رئيسة الحكومة ينغلاك شيناواترا والتي اقيلت من منصبها بداية شهر ايار/مايو الحالي. والازمة السياسية تدور اساسا بين النخبة الملكية في بانكوك ضد الحكومة المنتخبة ديموقراطيا والمتحالفة مع ثاكسين، الذي يعيش حاليا في دبي لتفادي السجن بتهم الفساد، الا انه لا يزال يملك وحلفاؤه دعما سياسيا قويا في تايلاند، وخصوصا في الشمال الريفي، وقد فاز بكافة الانتخابات التشريعية منذ 2001. ويأتي اعلان الانقلاب العسكري بعد الاجتماع المغلق الثاني للاطراف السياسية المعنية بالازمة العسكرية، والذي كان دعا له برايوت نفسه في قاعدة عسكرية في بانكوك. وعبر العديد من المحللين عن خشيتهم من ان الانقلاب العسكري قد يساهم في تعزيز التوترات. وقال بافين شاشافالبونغبون من مركز دراسات جنوب شرق آسيا في جامعة كيوتو في اليابان ان "يبدو ان الجيش لم يتعلم درس العام 2006″، في اشارة الى الازمة السياسية التي نتجت عن اقالة ثاكسين. وتابع ان "الانقلاب ليس ابدا الحل لانهاء الازمة، بل انه سيتحول الى ازمة"، مشيرا الى ان الانقلاب لن يسعد المتظاهرين المعارضين للحكومة. وقد اندلعت احتجاجات ضد الحكومة الموالية لثاكسين منذ عدة اشهر، واسفرت اعمال عنف عن مقتل حوالي 28 شخصا وجرح المئات. وبحسب بول شامبرز من معهد شؤون جنوب شرق آسيا في جامعة شيانغ ماي انه من المرجح ان يكون قرار قائد الجيش ناتج عن رفض الحكومة المؤقتة الضعيفة افساح المجال امام نظام انتقالي. ورئيس الحكومة المؤقت نيواتومرونغ بونسونغبايزان الذي رفض الاستقالة من بين الوزراء الذي دعوا الى المثول امام الجيش. وقال احد مساعدي رئيس الحكومة انه "بامان" في موقع سري. وكان برايوت، المتحالف مع الملكية ضد ثاكسين، تعهد في وقت سابق بعدم السماح لتايلاند بالتحول الى "اوكرانيا او مصر". وقال الخميس قبل الاعلان عن الانقلاب العسكري "ما افعله ضمن قدراتي الامنية، اذا اغضبت احدا فانا اعتذر، ولكن ذلك يبقى ضروريا". ويمنح القانون العرفي الجيش صلاحيات واسعة لحظر التجمعات العامة وتقييد التنظيمات واعتقال الاشخاص. واتخذ الجيش منذ يوم الثلاثاء خطوات لتقييد الاعلام. ولم يحدد برايوت المدة التي سيحكم الجيش خلالها، ولكن اوضح ان الهدف هو "بدء الاصلاح السياسي"، من دون اضافة تفاصيل. ودعا القمصان الحمر الموالين لثاكسين الى اجراء استفتاء حول طريقة الخروج من الازمة السياسية. ولكن المعارضة كانت طلبت في البداية باصلاحات سياسية نظر اليها وكأنها تهدف الى الاطاحة بقوة ثاكسين السياسية. ورحب بعض التايلانديين بالانقلاب العسكري. وقال ارنوست شينروك (39 عاما) ان الانقلاب "جيد"، مضيفا ان "البلاد كانت في حالة فوضى في ظل غياب للحلول منذ وقت طويل".