بعد أن سمع المواطن العربي عن المكالمة الهاتفية التي تمت بين الرئيس الأمريكي باراك اوباما و الرئيس الإيراني حسن روحاني بدأ يسأل عن سر هذا التقارب المفاجئ وفي نفس الوقت صرحت إسرائيل عن عدم رضاها عن هذا التقارب. ومن مفارقات الأمور أنه ورغم التصريحات النارية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضد إيران، إلا أن إيران بادلته بصورة ايجابية وقامت بإلغاء مؤتمر موجه ضد إسرائيل. ورغم أن الدوائر المراقبة في العالم العربي استغربت الأمر، إلا أن هناك الكثير من المراقبين لم يستغربوا ما حدث. فعلاقة إيران بالطوائف اليهودية لها جذور بعيدة. فالحضارة الإيرانية تعتبر من أقدم الحضارات في العالم وبديهي أن يكون لها تواصل قديم مع الطوائف اليهودية. بل لا يزال الكثير من اليهود المتدينين يدينون بالشكر للإمبراطور الإيراني سيروس بسبب انقاذه الكثير من اليهود من البابليين منذ أكثر من (2500) سنة. و لو تحدثنا عن التاريح الحديث فسنجد أن شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي كان على علاقة قوية بإسرائيل، بل أن إسحق رابين قال إن مطار طهران كان يوجد به مهبط خاص وأكثر ما تستعمله هي الوفود الإسرائيلية. وحتى بعد خروج الشاه وأثناء قمة العداوة بين إيران وإسرائيل وأثناء الحرب العراقية- الإيرانية كانت القنوات مفتوحة، وكان الكل يعرف أن قطع غيار عسكرية مثل معدات طائرات الفانتوم الإيرانية تأتيها من إسرائيل وخاصة معدات الهبوط (لاندنغ قير). ومهما يكن السبب حول مساعدة إسرائيل لإيران والتي أهمها اضعاف العراق، إلا أن العلاقات السياسية تطغى عليها المصالح. و رغم أن إيران كانت تصرح بعدم وصول قطع غيار إسرائيلية، إلا أن سقوط طائرة فوق الأراضي السوفييتية مسجلة في الأرجنتين إتضح أنها تحمل قطع غيار إسرائيلية وخط الرحلة (فلايت بلان) كان بين تل أبيب و طهران. إن العلاقة بين إيران و إسرائيل ليست بشيء جديد، فموقعهما في أحد أسخن البقع في العالم يحتم عليهما التواصل و كلاهما يرى مصلحته في علاقته بالآخر خاصة في الحالات التي تكون فيها العلاقة الإيرانية- العربية غير جيدة و تكون هناك أجواء متوترة بين العرب وإسرائيل. ولهذا السبب يجب أن لا يستغرب العالم العربي أي تقارب بين الدولتين، وإيران تريد في الوقت الحالي أن تخرج من عزلتها وتريد علاقة أكبر مع إسرائيل مع العلم أن من مصلحة إيران التقرب أكثر للعالم العربي خاصة دول الخليج و سيكون طريق إيران للعالم الخارجي أسرع وأضمن من خلال علاقة أفضل مع جيرانها العرب. تويتر: @mulhim12