نبرات الحزن وغصة الألم، تتضح ملامحها بوضوح على محيا «س .ح» تلك الزوجة الصابرة التي تواجه ظروفاً حياتية شاقة، إذ أنها تعول أربعة أبناء صغار، في وقت يقبع فيه زوجها بين أسوار السجون دون أن يؤمن لهم دخلا يقتاتون منه، فأصبحوا تائهين، يبحثون عن بصيص أمل، يرأب صدع الأسرة التي تتناول العشاء أحياناً، وتفتقده أحياناً كثيرة. الأم وأطفالها الأربعة بعد سجن رب الأسرة ( تصوير : اسماعيل محمد ) وتعيش أسرة «س.ح» تحت سقف منزل متهالك، مستخدمين أثاثا متواضعا، يترجم المستوى الحقيقي للأم وأبنائها، ويحكي قصة المعاناة التي يعيشونها، في ظل ظروف لا يقدرون على مقاومتها». وتروي الأم قصتها مصحوبة بالدموع والحزن وتقول : «منذ أعوام، ونحن بلا عائل، بعد أن دخل زوجي السجن، وأصبحت أتحمل أعباءً ثقيلة، أنهكتني كثيراً بين مصاريف أسرية وأخرى مدرسية، ومتطلبات الحياة التي نفتقد أبسط مقومتها، إضافة الى فاتورة الكهرباء التي عجزت عن تسديدها، والآن نحن مهددون بقطع التيار عنا، والعيش في الظلام الدامس». وتواصل الأم حديثها «المعيشة باتت صعبة جداً، والظروف قاهرة»، مؤكدةً انها «تفضل العيش مع زوجها داخل السجن، على أن تعيش عيشة الحرية، وتتحمل مسؤولية أبنائها، في ظل هذه الأوضاع والحياة البائسة التي لا لون لها ولا طعم»، مضيفة أن «أبنائي الأربعة يعيشون حياة أقل بكثير مما يجب أن يكون عليه أطفال الجيران والأهل والأصدقاء، فهم يحتاجون الى مقومات تبعث الأمل فيهم». وتتابع «أبنائي بينهم اثنان يدرسان، وفي حاجة إلى مصروفات واحتياجات لا تنتهي، ومن حقهما أن يعيشا مثل زملائهما في المدرسة، من رخاء في الملبس والمطعم، لكن هيهات، إذ تأبى الظروف أن يكون أبنائي كغيرهم من الأطفال، وتقف المعاناة حائلا بين وصولنا إلى أبسط مقومات الحياة، وبهذه الأوضاع، تكون براءة الطفولة، قد قتلت لدى أبنائي وانطفأت ابتسامتهم»، مشيرة بقولها: «لم أستطع دفع إيجار المنزل، وتراكمت علي الديون، وهذا جانب يهددنا بالخطر، حيث نقع تحت طائلة الطرد من المنزل نتيجة عدم تسديد أشهر الإيجار السابقة، وبتنا الآن ننتظر مصيراً مجهولاً أمام حزمة الظروف القاهرة التي لا أعلم كيف نجد لها حلاً». وتؤكد الأم أن «الأمل في الله، ثم في أصحاب الأيادي البيضاء، بأن ينتشلوا أسرتي، ويضعوا أكفهم على جرح زمن غائر على أجساد بريئة، ليس لهم ذنب في حبس أبيهم، وفقر أمهم».