المطار ليس مجرد مكان، ليس مجرد محطة سفر/ وصول. انه عنوان للبلد، يكشف للوافد عن طبيعتها، وهويتها، وثقافتها، وبالطبع مدى تقدمها، وانضباط ودقة مؤسساتها، تعبر البلاد عن نفسها عبر بواباتها الرئيسية، عبور المسافر من مطار طوكيو، يكفي لمعرفة قناعة الشعب الياباني بالعلم، والتكنولوجيا، كما يؤكد العبور من مطار شارل ديجول عن دقة الشعب الفرنسي وتقديره لقيمة الوقت. وبالوطن العربي الجميل، هناك مطارات تقدم للزائرين صورة جميلة للبلد مثل، مطار دبي الرائع من حيث التصميم، ودقة العمل، كذلك مطار القاهرة الذي اعتاد على استقبال أعداد كبيرة من كل الجنسيات، حيث تشعر بالترحاب، وطبيعة مصر العريقة كبلد سياحي أصيل. مطارات المملكة لا تقل من حيث التطور، والتصميم عن المطارات العالمية، لكن للأسف الشديد، بح صوتنا من سوء الإدارة، وإهدار الوقت، والمشقة غير المبررة التي يتكبدها المسافر، أختكم كتبت عدة مرات عن ذلك، بالإضافة للعديد من الزملاء الإعلاميين، وكأن صوتنا يضيع قبل أن يصل لسمع المسؤولين، والغريب أنني أنتظر التغيير بعد كل مرة يتناول فيها الإعلام الموضوع، ويخيب ظني كل مرة. حتى انني أتذكر كثيرا العبارة التونسية الشهيرة «لقد هرمنا» وأشعر بلسان حالي يقول «لقد تعبنا». إدارة المطار، عملية فنية تمثل قمة التطور الإداري، فالأخطاء تكلف كثيرا، وخطأ بسيط يمكن أن يسبب كارثة، لذلك معايير الجودة ليست رفاهية بل ضرورة. يحتاج المطار لإدارة واعية، ومحترفة، وقادرة على مواجهة الظروف الطارئة وحل المشكلات بسرعة، وهذه الإدارة يفتقدها مطار الملك فهد بالدمام بدرجة واضحة لكل من مر منه. ثاني ايام العيد، حيث يسهل توقع زيادة أعداد المسافرين كأمر طبيعي، ومتكرر يحدث بالمناسبات، كان مطار الدمام خارج السياق الطبيعي، وقفت بصف الجوازات لأكثر من ساعة وسط حالة عدم رضا واضحة من الجمهور. لم يدر في خلد المدير المناوب لحظتها أن يفتح مسارات أخرى لتخفيف الزحام، وتقليل الوقت المهدر. أما في العودة فإنك تصدم كل مرة بتأخر الحقائب والذي يتجاوز الساعة في أغلب الأحيان، ونجد أن المطار بعيد جدا عن المعادلات العالمية حيث تتنافس المطارات في اختصار الدقائق، والثواني. أما حساب الوقت الضائع بالمشقة، كبير السن ليس كالشاب، وذو الإعاقة ليس كغيره، فحدث ولا حرج، ولن أتحدث هنا عن مستوى النظافة، وجودة الاستقبال، فقد سبق وطرحت هذا الموضوع كثيرا. الكرم، وحفاوة الاستقبال مكون أساسي من ثقافتنا، وتراثنا بالمملكة، فالسعوديون يعدون افضل مكان، وأطيب رائحة لاستقبال الضيوف، لكن مطار الدمام لا يعكس هذه الثقافة بل العكس، أداء روتيني لا يقدر قيمة المكان، غياب لحلول المشكلات البسيطة، أو الاستعداد لمواجهة الأوضاع المتوقعة بالأعياد. ان أبسط مفاهيم الإدارة الجيدة، ومعايير الجودة، مفتقدة بالمكان الذي من المفترض أن يجسدها. أعلم بالطبع. أن الحكومة تنفذ برامج للتدريب، والتطوير، تتكلف الملايين لرفع مستوى مطارات المملكة، لكن يبدو أن النتائج ضعيفة جدا، بحيث نحتاج لحلول أكثر جذرية، وعلى الحكومة أن تتعامل مع المشكلة بجدية أكثر، فالتدريبات الروتينية، وورش العمل التقليدية، تفقد أهميتها حين لا تحقق أهدافها، والمطارات التي تعد واجهة للمملكة، تحتاج لمواجهة غير تقليدية للسلبيات المتكررة، واقترح هنا تفعيل مبدأ «الحساب/ العقاب» فمن يخطئ مسئول عن الخطأ.