لقد أثبت بعض ربات البيوت ممن يعانين ضغوط الحياة والحاجة لطلب المساعدة المادية من الآخرين لتوفير متطلبات أسرهن، أن الحاجة هي أم الاختراع وذلك عندما وجدن أن أفضل طريقة لمواجهة ظروفهن هي إيجاد حيلة غير مرفوضة من المجتمع وهي ممارسة مهنة الطبخ في منازلهن عندما يقمن بطهي جميع المأكولات والأصناف الغذائية وتقديمها للعوائل والعزاب الذين ظروفهم لا تسمح لهم بالطبخ مقابل مبلغ مادي، يتقاضينه جراء عملهن، ولعل شهر رمضان المبارك الذي نعيش أجواءه الروحانية هذه الايام فرصة مناسبة لزيادة الاقبال عليهن. أم محمد «35 سنة» تسكن بلدة سيهات تقول: أنا أمارس مهنة الطهي منذ 9 سنوات، ولعل السبب الرئيسي الذي دعاني للقيام بالطبخ للآخرين مقابل مبلغ مادي الظروف القاسية التي أعيشها وتعيشها أسرتي معي، لذا اضطررت أن أمتهن هذه المهنة الشريفة التي تدر علي المال الذي يكفيني الحاجة الى الناس. وعن مهنتها تقول: أنا أمارس هذه المهنة طيلة العام ولكن يزداد الطلب في شهر رمضان المبارك من قبل زبائني الذين هم العوائل والعزاب، والذين ظروفهم لا تسمح لهم بإعداد وجبة الافطار بالشكل الذي يتمنونه لدرجة أن بعضهم يطلب مني تجهيز سفرته طيلة العام، لذا تجدهم يلجؤون للآخرين لكي يطبخوا لهم في منازلهم. وتضيف أم محمد أنها تتفق سواء مع الاسرة أو الشباب العزاب الذين يرغبون في اعداد وطهي جبة إفطارهم على المبلغ قبل دخول شهر رمضان بأسبوع، على أن يكون المبلغ شاملا قيمة جميع المواد الغذائية مع اعداد الوجبة بعد طبخها ومن ثم توصيلها الى المكان المحدد سواء بواسطة الزوج أو أحد السائقين. فيما تقول أم خالد «44 عاماً» والتي تسكن في مدينة الدمام، بأن اسعار إعداد الوجبات طيلة أيام شهر رمضان تختلف مقارنة بباقي أشهر السنة، حيث يزيد مبلغ اعداد وجبة الافطار بالنسبة للعوائل ليصل بحدود سبعة آلاف ريال، أما وجبة إفطار العزاب فتصل بحدود الفي ريال للفرد الواحد. وتضيف ام خالد أنها تبدأ بإعداد وتجهيز وجبة الافطار من الليل وعند الانتهاء تقوم بحفظها داخل الثلاجة لليوم التالي ومع الساعة 10 صباحاً إلى أن يحين وقت الإفطار تقوم بطهي وطبخ كل الاصناف والمأكولات التي يشترطها زبائنها منها بنفسها حيث تقول: أنا مضطرة أن ألبي كل طلباتهم خاصة عندما يرغبون في تناول أكلات معينة وهذه الاكلات تحتاج الى إعداد مسبق من الليل لكي أسابق الوقت في النهار لذا تجدني من وقت مبكر داخل المطبخ لإعداد كميات كافية من الاصناف التي تكفي كل زبائني. أما أم احمد «46 عاماً» والتي تسكن بمدينة القطيف، فتقول: «إن هذه المهنة متعبة وشاقة وتحتاج الى تحمل فهي بحسب كلامها تمضي قرابة 9 ساعات داخل المطبخ عندما تقوم بإعداد المأكولات وتضطر في بعض الاحيان أن تستعين باثنتين من بناتها المتزوجات لكي يساعدانها في عملها. وتضيف «أم احمد» أنها تقوم بطبخ الوجبات مدة أربعة أيام في الأسبوع فقط تبدأ من يوم الأحد وحتى يوم الخميس عدا الجمعة والسبت لأن العوائل عادة يكونون في منازلهم فيما العزاب لا يكونون متواجدين في شققهم لأنهم غالباً يذهبون لزيارة أسرهم. وعن أكثر أنواع الأكلات التي تلقى رواجاً في رمضان تقول سارة الدوسري 35 عاماً، ان الأكلات الشعبية كالهريسة والجريش وكذلك اللقيمات والشوربات والسمبوسة في صدارة المائدة وذلك لأنها وجبات رئيسية على كل مائدة، لهذا نجد قائمة الطلبات يوميا تتصدرها هذه الاصناف والتي تحتاج الى جهد مضاعف لكي أقوم بإعدادها. فيما ذكر جاسم الدوسري «55 عاماً» أن زوجته في هذا العام من شهر رمضان قامت بتكليف احدى بناتها لكي تساعدها في الطبخ بعد أن رأت أن المردود المادي الذي تجنيه يستحق العناء والتعب رغم أنها تقف لمدة تزيد على 8 ساعات يومياً داخل المطبخ حيث يقول: ما دام وضعنا المادي تغير كثيرا، حيث اصبحنا لا نلجأ للاقتراض من الآخرين، كما في السابق بل على العكس أصبحنا نحن من نقرض الشخص الذي يحتاج.