ربما لا تخلو الحياة الزوجية من المشاكل كبيرها وصغيرها .. وربما يتم حل بعضها بواسطة الأقارب أو المصلحين .. ولكن يبقى لمراكز التنمية الأسرية دور بارز في حل القضايا الأسرية بشكل عام والإصلاح بين الزوجين بشكل خاص وإعادة المياه لمجاريها، ولعلنا نتوقف هنا فيما يقدمه مركز التنمية الأسرية بالدمام التابع لجمعية البر بالمنطقة الشرقية من خدمات اجتماعية وأسرية لكافة أفراد المجتمع في المنطقة بهدف تحقيق السعادة الأسرية وإضفاء السكن النفسي بين الزوجين وصولا إلى التربية القويمة للأجيال من خلال خدمة إصلاح ذات البين التي تتضمن الدعوة إلى برّ الوالدين وتوثيق الصلة بين الأرحام : جانب من البرامج الاجتماعية التي تقدمها مراكز التنمية ) ( اليوم ) حالة مختلفة ما بين الهموم الكبيرة التي عاشها أحد الآباء سنة بعد سنة يحن للقاء ابنه بعد طول الفراق وبسبب الانفصال .. وما بين رغبة الجد المريض المتألم الذي ينام على السرير الأبيض في العناية المركزة .. لم يجد الأب طريقة لحل ومعالجة هذه المعاناة إلا التفكير الجدي في أن يتجه للمركز لاسيما والهموم قد عصرت قلبه، وجاء الأب راجيا من الله تعالى أن يجد المخرج في قسم إصلاح ذات البين بالمركز، وعزم النية وتواجد بالمركز والتقى بالمسئولين وبدأ حديثه بالحالة الخطيرة التي يعيشها والده في غرفة العناية المركزة وحال هذا المريض كبير السن وأمنيته في أن يرى أحفاده قبل أن يأخذ الله أمانته، .. حالة ربما تكون غريبة بعض الشيء لكنها بدأت بانفصال وطلاق بين هذا الأب وزوجته قبل 12 سنة وبعدما أنجبا ثلاثة أطفال فيما كان الرابع جنينا في بطن أمه وقد أعلن بعدها هذا الأب رحلته إلى منطقة أخرى تاركا الأبناء مع والدتهم في الدمام تصارع الحياة مع أبنائها دون أدنى رعاية أو نفقة .. وما كان من الزوجة إلا الزواج برجل آخر بعد عدة سنوات من الصبر الكبير وتحمل مسئولية تربية الأبناء، وجاءت عودة الرجل لرؤية أبنائه لأسباب لعل من أهمها حالة والده المريض الخطير .. ورغبته الملحة في رؤية أحفاده بعد هذه السنوات، وكذلك رغبة هذا الأب في لم شمل العائلة ولم الأبناء وتعويضهم عن السنوات التي تحملوها وهو بعيد عنهم، وبالتالي قرر الأب أن يلم شمله عن طريق هذا المركز فتقدم وطلب المساعدة، وبدأت رحلة لم الشمل .. وعقدت الجلسة الثانية .. وبذل المصلح جهودا كبيرة في إقناع الأم بإحضار أبنائها للمركز، وتم بحمد الله تعالى اللقاء تحت سقف المركز في مجلس الصلح .. وشهد لقاء الأب بابنه الأصغر بعد 12سنة يراه ولأول مرة في حياته، لم يتمالك وقتها الأب مشاعره وشوقه الكبير لأبنائه ليعيش حالة من البكاء الحار وهو يحتضن أبناءه، ليكون بعد ذلك الصلح فبادر هذا الأب بتقديم مبلغ 120 ألف ريال للأم تعويضا عن نفقة السنوات السابقة وتعهد باللقاء الدائم بأبنائه، فلم يمر يوم من اللقاء إلا وتوجه هذا الأب ومعه الأبناء لرؤية جدهم المريض الذي كان أكثر شوقا للقائهم، وتحقق بحمد الله تعالى للجد ما أراد ليلتقي بأحفاده بعد طول الغياب، أشرقت السعادة على وجهه واطمأن قلبه لاجتماع شمل ابنه بأحفاده، خرج الجميع من هذا الجد وكلهم في سعادة، وبعد أسبوعين من هذا اللقاء انتقل هذا الجد المريض إلى مثواه الأخير .. وتوفي وهو في راحة مطمئنا على حال عائلته وأحفاده، واتصل بعدها الأب بالمركز وحال صوته الحزين يشعرهم بوفاة والده ويقدم كل الشكر والعرفان لجهود القائمين على هذا المركز بعد أن تحققت أمنية الجد ورؤية أحفاده بواسطتهم . حكاية غريبة لم تكن هذه هي الحالة الفريدة من نوعها إلا أنها كانت شاهدا حقيقيا على ما يتمتع به هذا المركز من جهود وإمكانات، وتبدأ هذه القصة من حيث سمع سكان أحد المباني السكنية بالدمام بشجار وخصام شديدين بين زوجين من جنسية عربية، فلم يجد سكان هذا المبنى إلا الحل الأفضل بإجبار الزوجين للاتجاه إلى المركز لحل مشكلتهما، وذكر أحد سكان المبنى أن الزوجين في خصام شديد وصوتهما وشجارهما عال جدا حتى أن الأمور أصبحت في تطور كبير، خاصة بعدما وصلت الحالة إلى إقدام الزوج على ضرب زوجته لأكثر من مرة ما جعل الزوجة تعلن حالة الاستنفار والغضب وتطرد زوجها من المنزل والجيران يشاهدون هذا الوضع .. الأمر الذي جعل الزوج ينام في سيارته، والحل كان هذا المركز بعد أن التقى المصلح بالزوجين في مجلس الصلح، وبعد الاستماع لهما لاحظ أن الزوج متمسك بزوجته ويرغب بالصلح .. فيما وجد الزوجة مصرة على الطلاق ومصرة على عدم الرجوع إليه وأنها ترضى أن تكون مطلقة ترعى أبناءها أفضل من العيش مع الرجل!!، وبعد 3 ساعات من النقاش بينهما تبين للمصلح أن الشرارة التي أشعلت هذه الأزمة بين الزوجين انطلقت على مائدة طعام بسبب عبث أطفالهم في الأطباق، واكتشف المصلح أن الزوجة لديها غيرة شديدة على زوجها بسبب ظروف تواجده في العمل لفترات طويلة وخوفها من وجود امرأة ثانية في حياته، يقدم مركز التنمية الأسرية بالدمام خدمات اجتماعية وأسرية بهدف تحقيق السعادة الأسرية وإضفاء السكن النفسي بين الزوجين وصولا إلى التربية القويمة للأجيال وخدمة إصلاح ذات البين التي تتضمن الدعوة إلى برّ الوالدين وتوثيق الصلة بين الأرحاموفي خضم الحديث حسم المصلح القضية ظاهريا إذ قال للزوجة: «بناء على طلبك سوف نقوم غدا باجتماع يطلقك فيه زوجك بناء على رغبتك وإبرارا في أيمانك»، بينما قال المصلح :» للزوج بسبب سوء عشرتك لزوجتك .. فإنه يجب عليك غدا الحضور لكي تطلق زوجتك .. وبعدها أقوم أنا بتزويجك من امرأة أخرى»، وهنا صرخت الزوجة معترضة على كلام المصلح وقالت :» لا أرغب الطلاق .. ولكنني أريد أن يهتم بنا ويرعانا .. وأنا مستعدة لمسامحته، وتم بحمد لله إنقاذ أسرة كادت الغيرة العمياء تلقي بها ضائعة وتشرد أفرادها. مجلس الصلح المشرف العام على مركز التنمية الأسرية بالدمام خالد بن إبراهيم العرفج أوضح أن المركز الذي تم إنشاؤه بتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية وسمو نائبه الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد .. أنه استقبل في عام 1431 ه أكثر من 146 قضية تم الصلح ولله الحمد في 51% منها بينما جاء ما نسبته 37% قيد الدراسة والباقي للمتابعة، كما بين أن معظم قضايا الخلاف التي تحدث بعد الطلاق تتركز حول النفقة والحضانة والزيارة، وأن المركز يسعى لأن يكون مجلس الصلح بالمركز مكانا تستقر فيه النفوس، وأن تصل بإذن الله تعالى إلى بر الأمان والاستقرار الأسري . آلية عمل المركز يعمل المركز من خلال ذلك في التوفيق بين المتخاصمين وإصلاح ذات بينهم في أمور عديدة منها؛ حالات الطلاق التي يرجى تلافيها .. وكذلك حالات عضل البنات فضلا عن حالات الخصام بين أفراد الأسرة وخارجها، ويتم استقبال كافة هذه القضايا من إمارة المنطقة الشرقية ومحافظاتها .. وكذلك من جمعيات البر والمحاكم وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدوائر الأمنية .. وذلك إما بحضور أصحاب القضية مباشرة إلى المركز أو عبر الهاتف الاستشاري الموحد للمركز 920 000 900 ، ويجتمع ممثل المركز (المصلح) بذوي الشأن في القضية في وقت محدد وفي مجلس معد لهذا الغرض وتقرّب بينهما المسافة حتى يصل الجميع إلى حل ودي يصل بالأطراف إلى الصفاء والنقاء وحل أمثل للقضية في إطار سري يتناسب وخصوصية مجتمعنا.