يشار الى كتابات جين شارب عن كيفية استخدام الاساليب السلمية لاسقاط الانظمة الشمولية بوصفها عاملا مهما أثر على النشطاء الذين قادوا الحملة لاسقاط الرئيس المصري السابق حسني مبارك. ثورة يناير لن تأتي بدكتاتور جديد لم يسبق أن تحدث الاكاديمي الامريكي «83 عاما» الى من وقفوا وراء الثورة الناجحة. لكن له آراء قوية فيما حدث في مصر وما يحدث في دول أخرى بالشرق الاوسط. وهو يؤكد قبل كل شيء على أهمية الاعداد والانضباط. وقال شارب في محادثة على مدى ساعة بالهاتف من بوسطن حيث يدير مؤسسة البرت اينستاين وهي منظمة لا تهدف للربح تعمل على تطوير دراسة واستخدام العمل غير العنيف في الصراعات حول العالم ان المحتجين المصريين كانوا مستعدين بينما لم يكن الليبيون كذلك. وقال شارب الذي ألف عدة كتب عن تاريخ الصراعات السلمية منها كتابان عن الزعيم الهندي الراحل المهاتما غاندي»أحيانا من يستخدمون الاساليب غير العنيفة لا يفهمونها فهما كاملا... يعتقدون أنهم اذا ابتعدوا عن العنف فسيبتعد عنه خصومهم ايضا». ومضى شارب يقول ان العكس هو الصحيح. وأضاف إنه كلما كان النظام شموليا يجب أن يتوقع منه اللجوء الى العنف. وأضاف إن هذا لا يرجع الى ان هذا جزء من طبيعته وحسب وانما ايضا لانه يتعمد استخدام العنف ليثير رد فعل لمعرفته بأن هذا سيعزز قاعدة قوته. ومن ناحية أخرى اذا تمكن المحتجون من الحفاظ على نهج سلمي منظم فان وحشية النظام سترتد عليه. ويصف شارب هذا بفن القتال السياسي. وتقوض المذابح دعم الجميع للحاكم المستبد باستثناء الاعضاء الاشداء في بطانته. ويجد جنود الجيش والشرطة صعوبة في قمع المدنيين المسالمين. وكانت نقطة التحول في الثورة المصرية حين رفض الجيش اطلاق النار على المحتجين في ميدان التحرير بوسط القاهرة. ويقول شارب ان فن القتال السياسي الذي يعتمد على تحويل قوة الخصم الى غير صالحه يمكن استخدامه في مواقف تبدو غير واعدة على سبيل المثال في النرويج خلال الحرب العالمية الثانية. حين وضع نظام فيدكون كويسلينج الحاكم المعلمين الذين رفضوا الترويج لنظريات النازي في المعتقلات فاندلع المزيد من الاحتجاجات. وفي نهاية المطاف تم الافراج عن المعلمين. والخطأ الاساسي في الصراع السلمي هو اللجوء للعنف. وهذه ليست مسألة أخلاقية بل مسألة فعالية. ويقول شارب ان من النماذج الكلاسيكية الاحتجاجات ضد قيصر روسيا نيقولا الثاني عام 1905. فبعد مقتل واصابة المئات في مسيرة سلمية الى القصر الشتوي كان الجيش على شفا التمرد لان الجنود لم يكن لديهم استعداد لمزيد من سفك الدماء. ويعترف شارب بأنه من الصعب على المحتجين في جزء من العالم العربي أن يقفوا مكتوفي الايدي في الوقت الذي تغلي فيه المنطقة بالكامل. ويقول ان في بعض الاحيان يكون من الممكن الفوز بدون انضباط او تدريب ويشير الى انتفاضتين سلميتين في السلفادور وجواتيمالا عام 1944. لكن هذا النهج ينطوي على مخاطرة. لكن شارب يقول انهم وحدوا صفوفهم بعد ان لجأ البلاشفة للعنف واستمر حكم عائلة رومانوف 12 عاما أخرى. ويعتقد شارب أن نفس الخطأ ارتكب في ليبيا. في بداية الانتفاضة انضمت وحدات من جيش القذافي الى قضية المعارضة المسلحة خاصة في بنغازي ثاني اكبر مدينة ليبية. وهو يرى أن من الجيد أن الثقة في الجيش قوضت لكن ليس من الجيد أن يحول بعض الجنود أسلحتهم في الاتجاه الاخر. سمح هذا للنظام المتداعي بتنظيم صفوفه. وكان الوضع المثالي أن يلتزم الجنود الساخطون ثكناتهم ويضربوا عن العمل. لكن ألم يكن المحتجون في ليبيا ليذبحوا لو لم يلجأوا للعنف.. حدث هذا على سبيل المثال في اليمن حيث قتل 52 محتجا مناهضا للحكومة في العاصمة في 18 مارس اذار على أيدي قناصة في ملابس مدنية وفي سوريا حيث قتل 37 متظاهرا على الاقل في 23 مارس اذار ببلدة درعا في جنوب البلاد. كانت اجابة شارب نعم على الارجح. لكنه يقول ان واقع سقوط قتلى وجرحى لا تختلف في الصراعات العنيفة عن الصراعات غير العنيفة وانه حين تقع الخسائر البشرية في الحالتين يكون من الضروري الحفاظ على الانضباط. ولادارة صراع سلمي ناجح لابد أن يتغلب المرء على الخوف. لكن ماذا يحدث اذا كنت غير مدرب مثل الثوار المصريين وبالتالي لا تستطيع الحفاظ على الانضباط في وجه الهجمات الوحشية.. يقول شارب انه يجب الا يبدأ أحد صراعا اذا كان غير قادر على استكماله. الافضل هو البدء بحملات صغيرة لحين اكتساب الخبرة والانضباط كما حدث في مصر قبل بدء محاولة اسقاط نظام بكامله. ويعترف شارب بأنه من الصعب على المحتجين في جزء من العالم العربي أن يقفوا مكتوفي الايدي في الوقت الذي تغلي فيه المنطقة بالكامل. ويقول ان في بعض الاحيان يكون من الممكن الفوز بدون انضباط او تدريب ويشير الى انتفاضتين سلميتين في السلفادور وجواتيمالا عام 1944. لكن هذا النهج ينطوي على مخاطرة. ويقول شارب ان من الضروري الا يحاول المحتجون اختصار طريقهم الى الحرية بالاعتماد على تدخل خارجي. والسبب في هذا هو أن المجتمع الدولي له جدول أعمال خاص به. كما أن من المهم جدا للمستقبل أن يحقق الناس على الارض انتصارهم. يجب أن يعتزوا بهذا الانتصار. وأضاف إنهم اذا اعتمد الناس على اخرين للحصول على حريتهم فانهم لا يتغلبون على خوفهم. يكونون اكثر عرضة لجلب دكتاتور اخر. وهو يعتقد أن هذا لن يكون الحال بالنسبة للثوار المصريين الذي يسعده جدا أن يلتقي بهم.