لم يعد الرئيس السوري بشار الأسد قادرًا على استعادة السيطرة الكاملة على بلده المنكوب ولا يتمتع معارضوه بالقوة الكافية للإطاحة به مما قد يبقي سوريا في أتون حرب أهلية طائفية لأشهر وربما لسنوات. غير أن الآراء القائلة بأن حكومة الاسد قد تلحق الهزيمة التامة بمعارضيها المختلفين يعكس عدم فهم أصحابها لطبيعة الحرب أو الأعداد الكبيرة للقوات المشاركة فيها. وقال بيتر هارلينج وهو مدير مشروع بمجموعة الأزمات الدولية "في ضوء الوضع الراهن لا يستطيع النظام استعادة السيطرة ولا المصالحة ولا الإصلاح ولا إعادة البناء". وقال لرويترز "لكن الفوز يتمثل في البقاء على قيد الحياة ليوم آخر وإذا فكرت بهذا المنطق ستجد أنه الأسد كذلك". ورغم القلق الكبير الذي يساور الغرب يبدو أن أعمال العنف وإراقة الدماء ستستمر لفترة أطول. وتقول باربرا والتر الأستاذة بجامعة كاليفورنيا في سان دييجو إن الحروب الأهلية التي دارت منذ عام 1945 استمرت عشر سنوات في المتوسط. وبدأ بعض المحللين في المقارنة بين الحرب السورية والحرب الأهلية في لبنان التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990. وقالت والتر التي كتبت كثيرًا عن الحروب الأهلية في العالم "نعم ستستمر الحرب السورية لعدة سنوات... ولن ينتصر الأسد".وفي ظاهر الأمر يبدو موقف الأسد مشجعا لحلفائه. وقال جوناثان إيال رئيس قسم الدراسات الدولية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة "لا أذكر حربًا أهلية واحدة استمرت أكثر من عامين وانتهت باستعادة الحكومة المركزية سيطرتها الكاملة". وتظهر أنماط جديدة من القوة في الوقت الذي تتمزق فيها أوصال سوريا وتنهار مؤسسات الدولة واقتصادها. ويشير التدفق الهائل للأسلحة أن الأمر قد يستغرق عقودًا لاستعادة النظام. وقال إيال "حتى وإن تم القضاء على المعارضة فإن التخلي عنها لن يصب في مصلحة معظم الدول العربية لأنها تريد أن يكون لديها أداة لتواصل الضغط على الأسد وإيران". وهناك كثير من المصالح الأخرى المتعارضة تجعل من الصعب توقع كيفية إيجاد حل دبلوماسي رغم الجهود الأمريكية والروسية الرامية لعقد مؤتمر سلام في جنيف خلال الأسابيع المقبلة. وفي ظل غياب التدخل الخارجي الحاسم لصالح المعارضة -والذي لم يبد الغرب رغبة في القيام به- يشير معارضو الأسد إلى عاملين محتملين قد يؤديان إلى سقوطه وهما الانهيار الاقتصادي التام أو الانقلاب العسكري. ولعل أفضل ما يتمناه العالم في المستقبل القريب هو انحسار حدة الصراع الذي يقول الأكاديمي الأمريكي جيمس فيرون إنه أحد أشرس الحروب الأهلية التي وقعت في الأعوام الستين الماضية فيما يتعلق بعدد القتلى.