عندما تحاول دول مجلس التعاون الخليجي، الدخول على خط الأزمة المشتعلة باليمن الشقيق، فإنها إنما تجتهد لنزع فتيل التوتر الذي عطل البلد، وصعد بالصراع بين نظام الرئيس علي عبد الله صالح، ومناوئيه المطالبين برحيله، إلى درجة غير مسبوقة، تطلبت مع زيادة نزيف الدم، التوصل إلى نقطة شجاعة. المبادرة الخليجية، يهمها في المقام الأول، وقف النزيف الذي يسيل فيه الدم اليمني، برصاص يمني، وبأيدٍ يمنية، ونعلم دائماً أن الخطوات الشجاعة، لا تأتي إلا من شجعان فقط، قادرين على تحمل المسؤولية أمام الله، ثم التاريخ، والوطن، وهذه اللحظات الحقيقية التي يجب الترفع فيها عن المكاسب الشخصية، والابتعاد أيضاً عن النزوات الشيطانية. دول الخليج، لا تريد تكرار الحالة الليبية، ولا تتمنى أبداً، أن يستمر الوضع على ما هو عليه، وإذا كان الرئيس اليمني نفسه، قدم خطوة جيدة، بإعلان استعداده لقبول حل سلمي يسمح بانتقال سلس للسلطة، فإن على المعارضة أيضاً، أن تبحث في الآليات التي تؤطر للخروج من هذا النفق المظلم.. وتضع كل هذه الخيارات على المحك، دون اللجوء للعنف الذي لو استفحل فإن البلد كله سيواجه شبح حرب أهلية. ليس من مصلحتنا في دول الخليج، أن يكون اليمن في مثل هذه الحال المؤسفة، التي بلا شك تنعكس علينا، ذلك لأن اليمن شريك تاريخي، يهمنا بكل تأكيد استقراره، وأمنه، ونهضته، ولا نقبل أبداً وبأي حالٍ من الأحوال، أن يتحول ليصبح ساحة حرب، أو عداء، وبالتالي فإن الدعوة الخليجية للقاء مرتقب بالرياض، بين النظام والمعارضة في اليمن، بمثابة الأمل الأخير قبل أن تستعر الأمور إلى ما تحمد عقباه، وتضع المنطقة كلها بالتالي على صفيح ساخن، لا يتمناه أي عاقل. نثق في أن كل الأطراف قادرة على التوصل لحل يحفظ ماء الوجه للجميع، ويضع المطالب الشعبية في المقدمة باعتبارها استحقاقاً مشروعاً ينبغي التعامل معه بجدية، وليس بالإهمال أو الاستهتار أو الاستهانة، وعلينا أن نعترف أن منطقتنا تمر بأزمة ثقة حقيقية، ما بين القاعدة الشعبية وهرم السلطة، وهذه يجب تفهمها واستيعابها، والعمل على استعادتها بطريقة حكيمة وعاقلة، وأي طريق آخر غير ذلك، سيضعنا في اختبارات صعبة للغاية، ليبيا ماثلة أمامنا بكل مآسيها ومخازيها أيضاً، ولا نريد أن يكون اليمن نسخة مكررة.