بعد كارثة جدة مع الأمطار صار الناس ينقسمون إلى فريقين مع كل سحابة ممتلئة : قسم لا يتردد في الايذاء العام بضغطه على شاشات أجهزتهم ، وهم لا حديث لهم سوى البنية التحتية والفساد والتعبير بكلمات تبث الرعب في النفوس مثل غرق الزلفي غرق الطائف غرق وغرق وغرق والحقيقة أنه غرق فعلاً ولكن ليس في مياه السيول فحسب ؛ بل في التشاؤم وجلد الذات وانتهاز الفرص للإساءة لكل مسئول في الدولة وكأنه عدو جاء من أقاصي الديار ليساء له !! دون انصاف أو مراعاة للكثير من الأمور ومنها عامل الوقت، وعامل الطبيعة المناخية للمنطقة ، وكلنا نعرف أننا في منطقة نبتهل كل عام إلى الله لينزل علينا الغيث فنستسقي رحمته بأرضنا الجافة . ولم تكن الأمطار تشكل هاجساً في يوم ما لكل فرد منا ولهذا قلت لو ان كل فرد من أولئك الساخطين كان في يوم ما على كرسي الوزارة أو الإمارة وعرض عليه أحدهم انشاء مجاري الأمطار بمليارات الريالات لقال أي أمطار يا رجل واستلقى على قفاه من شدة الضحك . وهذا الأمر ذاته هو الذي إن الفيديوهات التي راجت في أجهزتنا كنكتة أو مواقف طريفة هي في الحقيقة مواقف محزنة تحزننا على أنفسنا وقلة وعينا وجهلنا الذي دفع بعضهم حياته ثمناً له بل وكانوا سبباً في فقد آخرين لحياتهم عندما تبرعوا بانقاذهم . إن الذين يدعون الاستماتة في الإصلاح من خلف الأجهزة عليهم أن يتحلوا بالموضوعية وأن ينطلقوا من مبدأ الحقوق المتبادلة ( خذ وهات ) من أجل مجتمع أكثر وعياً ونضجاً كان وراء كارثة سيول جده ووراء توزيع أراضي الأودية كأراض صالحة للسكن . فبعضهم وافق على الإنشاء كفكرة لكنه استخدم مخصصها المالي في أمور أخرى وبعضهم وضعها في جيبه ولو أعلن عن قنوات لتصريف مياه الأمطار بمبلغ وقدره لكان أفراد ذلك الفريق هم أول الرافضين بحجة أن أرضنا مطرها نادر فلماذا نصرف عليها !! ولكي نعيد خططنا ونعمل من جديد على المعالجة يحتاج الأمر إلى وقت . خلال هذا الوقت برز لنا الفريق الآخر ؛ فريق ( الهياط )والاستعراض بكل شكل في وسط تدافع مياه السيول فريق يتهور وفريق يصور لتخليد اللحظة عبر اليوتيوب !! وفي النهاية وفيات أكثر وخوف أكثر وهجوم أشد على الحكومة وأجهزتها وأولهم الدفاع المدني الذي لا يدري من ينقذ أينقذ المحاصرين بلا ذنب أم ينقذ المتهورين الذين رموا بأنفسهم في التهلكة . معظمنا كان يتحدث عن المساوئ التي بدت من الأمانات والدفاع المدني وغيرهما من أجهزة الدولة ولم يشر أحدهم إلى المسئولية الفردية التي يجب أن يتحلى بها الجميع تجاه أنفسهم ومن يعولون حين يعرضون أنفسهم للخطر بطرق فيها من اللاوعي شيء كثير . إن الفيديوهات التي راجت في أجهزتنا كنكتة أو مواقف طريفة هي في الحقيقة مواقف محزنة تحزننا على أنفسنا وقلة وعينا وجهلنا الذي دفع بعضهم حياته ثمناً له بل وكانوا سبباً في فقد آخرين لحياتهم عندما تبرعوا بانقاذهم . إن الذين يدعون الاستماتة في الإصلاح من خلف الأجهزة عليهم أن يتحلوا بالموضوعية وأن ينطلقوا من مبدأ الحقوق المتبادلة ( خذ وهات ) من أجل مجتمع أكثر وعياً ونضجاً . مجتمع يتعامل في معايشته للوضع ونقده للمساوئ بطريقة الإصلاح الواعي وليس الهجوم اللفظي المثير الذي لا طائل منه . وللحديث بقية Twitter: @amalaltoaimi