كانت تتريض في بساتين الأماني العذبة .. فرغم سباحتها في البحر المالح .. والتجاعيد التي نقشت وجهها بفعل السنين .. إلا أن ماضيها لا يزال يدغدغ مشاعرها .. فهي تحلم بأن تعود صبية كما كانت أيام زمان ..!! كان بعض الشبان في الساحل الشرقي .. يمطرونها غزلا بالهول واليامال .. حتى ابتدع أحدهم «الصرناي» ليصل صوته لمسامعها .. فقد كانت فاتنة الجمال وهي تسير بألماسها وذهبها في سوق الحب بالدمام .. ولا يعيبها آنذاك .. أن يترجل فرسانها من أحذيتهم كل يوم ليسيروا على رمال السيف .. حاملين ألوان فستانها المرصع بالسماوي والأسود ..!! لقد ذاب في عشقها الكثير .. وعلقوا على أسطح منازلهم وفرجانهم .. أعلام معشوقتهم ذات اللون السماوي الذي يجعل اللعاب يسيل منهم ..!! لقد أشرقت بارقة أمل في جوانح المارد .. ولمحت عبرها وجوه كساها الألم لعشرين عاما وأكثر .. تنسمت فتحات الفرح بين تجاعيدها .. تلك التجاعيد التي اختزلت الدمع في رحلة الأسى والوجع والآهات ..!! كانت بدايات النهضة .. ضوءا وحياة وتوهجا ونجوما .. بدايات تغرد فيها عصافير الصباح .. لا شيء غير الفرح يسكن جوانحها .. ويحيط بحديقتها .. قبل أن تدور الأرض عليها .. وترتفع موجة البحر فوق قاربها .. وتنطفئ نجومها في ليلة الهبوط من الممتاز ..!! إنه الزمن الجميل لنهضة الدمام .. ذلك المارد الذي صال وجال .. وغنت له الحناجر على أنغام الهول واليامال .. و«طيران» فريج العمامرة لا تهدأ ولا تكل ولا تمل .. خصوصا عندما يلتهمون الجار فارس الدهناء . نامت الدمام القديمة وفرجان أول .. على بقايا حلم بدأ يعود تدريجيا .. ويصحو معه عشاق المارد ليأخذ من توارث هذا العشق الراية الجديدة التي تمزقت بحكم السهام التي تفننت في طعنها .. منذ مغادرة قاعة الممتاز .. والاستكانة في دوري المظاليم .. حتى الغرق في دوري أندية الظل ..!! نعم .. كانت بدايات النهضة .. ضوءا وحياة وتوهجا ونجوما .. بدايات تغرد فيها عصافير الصباح .. لا شيء غير الفرح يسكن جوانحها .. ويحيط بحديقتها .. قبل أن تدور الأرض عليها .. وترتفع موجة البحر فوق قاربها .. وتنطفئ نجومها في ليلة الهبوط من الممتاز ..!! مر الفرح على الجسد الحزين المسجى من ربع قرن .. ليطرد تضاريس الهم والغم والنكد من بلاد المارد الذي عاش في الربع الخالي لسنوات طويلة .. حتى نسى الناس هذا الاسم الذي قدم الزوري وعيسى حمدان والدنيني رحمه الله وأحمد داوود وخالدين وراشد سالم وغيرهم من ذوي الفن الرفيع .. والنجومية ذات الخمسة نجوم ..!! لقد كتبت تلك الكلمات في الموسم الماضي وكانت النهضة على مشارف دوري الأضواء .. لكن الأمتار الأخيرة من السباق شهدت سقوطا مروعا لمارد الدمام وتنازل عن الصدارة وعلى الصعود لدوري الأضواء .. !! وفي هذا الموسم وتحديداً بعد فوزه في الجولة الأخيرة على حطين .. أصبح المارد حر نفسه .. بمعنى إذا أراد الصعود للأضواء فليأكل بيده ولا ينتظر نتائج غيره في الدورة الثلاثية التي تجمعه بالرياض والخليج لحصد البطاقة الثانية المؤهلة لدوري جميل .. !! لن أنحاز للنهضة على حساب الخليج ولا على حساب الرياض لكنني كتبت للتاريخ الذي يشهد أن للنهضة صولات وجولات في بدايات الكرة السعودية لكنه غاب عنها لمدة ربع قرن ..!! وللرياض أيضاً تاريخ .. وللخليج أيضاً تاريخ .. ربما يسعفنا الوقت للحديث عنهما ..!!