يبدو أن الطرائف لا تروج في المقاهي وشوارع المدن فقط، ولكنها تسجل حضوراً قوياً في علاقات الدول وعلى ألسنة الدبلوماسيين أيضاً في مسائل جدية لا تقبل الطرافة وأطوار المزاح. ومن أشد الأطروحات دهشة أن تطلب الولاياتالمتحدةالأمريكية من الحكومة العراقية، الموالية لطهران، تفتيش الطائرات الإيرانية المتجهة إلى سوريا عبر الأجواء العراقية. وتعهدت الحكومة العراقية لواشنطن بأنها سوف تفعل. وهذه واحدة من الطرائف المؤلمة المؤسفة. لأن الحكومة العراقية، طبقاً لتعهدات رئيسها، وطبقاً لمتحدثي الجيش السوري الحر، تساند نظام بشار وتمده بالأسلحة وحتى الرجال، فكيف تمنع أسلحة إيرانية تذهب إلى حليف الحكومة العراقية ونظام طهران. وكيف تمنع الحكومة العراقية أسلحة هي بذاتها تشحن مثيلاً لها إلى نظام بشار الأسد. ثم كيف يطلب من حكومة عراقية خاضعة كلياً لنفوذ طهران، وتعمل وكيلاً عراقياً للمصالح الإيرانية، أن تتجرأ على منع أي أسلحة أو بضائع إيرانية تتجه إلى سوريا. ومن المنطقي أن يفتش موظفو الحكومة العراقية طائرات إيرانية ولا يجدون فيها ممنوعات. لأن التفتيش في هذه الحالة إما صورياً أو بناء على طلب من طهران نفسها، كي تسكت الأمريكيين والدول والمنظمات التي تفضح المساعدات العسكرية الإيرانية لنظام الأسد. وإذا كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية تنوي فعلاً وقف المساعدات العسكرية الإيرانية عبر الأجواء العراقية، فإن عليها أن توكل هذه المهمة لمراقبين دوليين محايدين، يراقبون عبور الطائرات الإيرانية ويطلبون هبوطها في العراق وتفتشيها تحت أبصارهم، وليس اعتماداً على تقارير موظفي الحكومة العراقية الذين لن يفتشوا وإذا فتشوا فإنهم سوف يشهدون أن الطائرات الإيرانية خالية من الأسلحة وحتى وإن كانت الطائرات الإيرانية مكدسة بالأسلحة والذخائر. حكومة نوري المالكي العراقية الموالية لإيران، تتحالف كلياً، وبأمر من طهران، مع نظام بشار الأسد. وبرر المالكي هذا التحالف علناً، بعذر أن سقوط نظام الأسد سوف يخل باستقرار العراق. وهذه ذريعة لأن حقائق التاريخ تسجل أن الاضطرابات في العراق تسببها السياسات الطائفية للمالكي وحكومته، وأن مساندة حكومة المالكي لنظام الأسد ليست خياراً بقدر ما هي قرار إيراني لا يستطيع المالكي رفضه إن لم يكن هو شخصياً يراه واجباً مقدساً. لأن المالكي وبشار الأسد يخوضان معركة واحدة هي الدفاع عن المصالح الإيرانية. Twitter: @Al_yaum