بات موضوع التنمية العمرانية منذ سنين هما يشغل بال عدد من القطاعات الحكومية وتحديا وطنيا ومقياسا حقيقيا لمدى حضارة وتقدم البلدان, وفي إطار مساعي هذه التنمية يتوجب خلق بيئة لتجمعات عمرانية تتوفر بها شروط العيش الكريم بداخل المدن والأحزمة الحضرية المحيطة بها, أو في القرى الناهضة على مشارف الحواضر، ويجب أن تهدف هذه المساعي إلى مواجهة ظاهرة التشوهات العمرانية الناجمة عن النمو السكاني, وتزايد الطلب على السكن, وعدم توفير كل الأسر على ما يكفي من الموارد المادية لتحقيق هدف الحصول على سكن، وعلى الرغم من اتخاذ الحكومة في الآونة الأخيرة سلسلة إجراءات من شأنها التخفيف من حدة أزمة السكن بالنسبة للفئات الاجتماعية ذات الدخل المتوسط والمحدود, بعض الأحياء تفتقر كثيرا إلى التخطيط السليم رغم أن أبنيتها شيدت استناداً لمخططات هندسية درست وصدقت ورخص لها من قبل أمانات البلديات . من قبل تشجيع البرامج السكنية الموجهة لهاتين الفئتين, أو إحداث أقطاب حضرية جديدة على مشارف بعض المدن, أو قروض البنك العقاري ، و500 ألف وحدة سكنية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله فإنه لا زال هناك أزمة أخرى وهي التنظيم والتخطيط للمباني السكنية، فلذلك ينبغي على الجهات ذات العلاقة التصدي لعدد من الأمور ومن ذلك التشوهات العمرانية سواء التي تتخذ شكل بناء عشوائي أو بناء غير قانوني أو تجمعات سكنية فوضوية لا زالت متفشية في مناطق مختلفة من الحواضر والتجمعات السكنية الناهضة الموجودة على مشارف المدن والقرى. كما يلاحظ التشوهات التي يعكسها تخطيط الأبنية والشوارع وتناقض الألوان, وتفاوت عدد الطوابق وبالمحصلة تجد أن هذه المدينة أو تلك تفتقد لأي هوية معمارية تميزها عن غيرها وتعكس ثقافة أبنائها وواقع بيئتها (بحرية - جبلية - صحراوية - تاريخية..الخ) والحضارات المتعاقبة عليها ، ونستطيع القول في ضوء ذلك إن بعض الأحياء تفتقر كثيرا إلى التخطيط السليم رغم أن أبنيتها شيدت استناداً لمخططات هندسية درست وصدقت ورخص لها من قبل أمانات البلديات . إن هذا الواقع غير المقبول من كافة الجوانب له أسباب عديدة بعضها يتعلق بضعف مستوى العمل الهندسي ، وغياب الاهتمام أو الذوق الفني عند نسبة كبيرة من مهندسينا بحجج مختلفة وبعضها يتعلق بأصحاب العقارات وتجار البناء الذين لا يهمهم أو لا يهم الكثير منهم سوى تحقيق الأرباح السريعة . إن كثيرا من دول العالم سبقتنا في هذا المجال وكانت هناك بروتوكولات بين وزارات الاسكان والتخطيط والبلديات في دول مختلفة من العالم مع منظمة الأممالمتحدة لتنظيم وإدارة أعمال الحفاظ على القيم الجمالية للشكل الخارجي للأبنية والفراغات العمرانية والأثرية وحماية أسس النسيج البصري للمناطق الحضارية، والعمل على إزالة التشوهات العمرانية والحد من التلوث البصري، وكذلك وضع القواعد الحاكمة للارتقاء بعناصر التنسيق الحضاري طبقا للمعايير الدولية, ويبقى السؤال الأهم في كيفية استغلال هذه الموارد الكبيرة وهذه التنمية العمرانية الضخمة الموجوده في المملكة العربية السعودية في خلق بيئة عمرانية صحية على جميع الأصعدة . - مهندس عمارة وتخطيط