قال الدكتور جون إسفيكياناكيس مدير عام و كبير الخبراء الاقتصاديين بالبنك السعودي الفرنسي أن السوق العقارية السعودية ما زالت تعاني من ضغوط النقص في معروض المساكن و الطلب المتزايد عليها، ما جعل أسعارها بعيدة عن متناول غالبية الشباب السعودي. ونظراً إلى المنحى التصاعدي لأسعار الشقق و الفيلات، بات من الملحّ بناء وحدات سكنية جديدة في أشدّ مناطق المملكة حاجةً إليها مع تسهيل امتلاكها على ذوي الدخل المحدود والمتوسّط. الدولة تبذل جهودا مضنية لمعالجة النقص في معروض المساكن . ( اليوم ) وتعمل الحكومة السعودية على جبهات عدّة لمعالجة النقص في معروض المساكن؛ ففي الشهر الماضي، خصصت 55 مليار ريال (14,7 مليار دولار) لدعم البرامج التي تساعد المواطنين ذوي الدخل المحدود في بناء و شراء مساكن. و في ال 17 من مارس الجاري، أصدر خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز أوامر ملكية لتخصيص 250 مليار ريال للهيئة العامة للإسكان (التي تم نقل أصولها وموظفيها إلى وزارة الإسكان حسب الأمر الملكي باستحداث وزارة جديدة تسمى بوزارة الإسكان) لتمويل وبناء 500 ألف وحدة سكنية جديدة ، وهناك أيضاً مؤشرات عديدة توحي بأنّ الدولة تبذل جهوداً مكثّفة لتسريع عملية تمرير قانون الرهن العقاري الجديد الذي طال انتظاره ، من خلال تحديد حقوق المقترضين و المقرضين، على تشجيع البنوك مع مرور الوقت على قبول المزيد من المخاطر المرتبطة بإقراض عملائها، ما يبشّر بتعزيز القدرة التمويلية للمستهلك السعودي في المدى المتوسط. أما في المدى القصير، فإنّ سيناريو سوق العقارات السكنية سيظلّ معقّداً، الأمر الذي قد يحول دون تعزيز قدرة الشباب على بناء و شراء مساكن، مع أنّ قانون الرهن العقاري المرتقب قد يُحفّز نمو السوق العقارية. ففي ظل أسعار المساكن ومستويات الأجور والرواتب الحالية، أصبح شراء مسكن بعيداً عن متناول الكثير من المواطنين، لا سيما ذوي الدخل المحدود والمتوسط العاملين في القطاعيْن العامّ والخاصّ، على حدّ سواء. تحتاج شركات البناء العامة والخاصة معاً إلى بناء حوالي 275 ألف وحدة سكنية سنوياً حتى عام 2015، أيْ ما مجموعه 1,65 مليون مسكن خلال هذه السنوات الستّ ، لكي تتمكن من تلبية الطلب المحلي على المساكن الذي تضاعف منذ عام 1988، و نما بأكثر من 2 بالمائة سنوياً ، حيث تُعد سوق العقارات السعودية فريدة من نوعها في المنطقة بسبب النقص في معروض الوحدات السكنية فيها . وأضاف إسفيكياناكيس ستحتاج شركات البناء العامة و الخاصة معاً إلى بناء حوالي 275 ألف وحدة سكنية سنوياً حتى عام 2015، أيْ ما مجموعه 1,65 مليون مسكن خلال هذه السنوات الستّ ، لكي تتمكن من تلبية الطلب المحلي على المساكن الذي تضاعف منذ عام 1988، و نما بأكثر من 2 بالمائة سنوياً. وتُعد سوق العقارات السعودية فريدة من نوعها في منطقة الخليج بسبب النقص في معروض الوحدات السكنية فيها ، و بالرغم من ارتفاع أسعار العقارات السكنية ، أظهر الإحصاء السكاني العامّ الذي أُجري في 2004، أنّ نسبة مالكي المساكن بين السعوديين بلغت 60 بالمائة و ظلّت النسبة ثابتة في إحصاء 2007، لكنْ بين عاميِّ 2000 و2004، انخفضت هذه النسبة من 65 إلى 55 بالمائة. وخلال تلك الفترة، ارتفع متوسط إيجارات المساكن من 26 إلى 30 بالمائة من متوسّط راتب الفرد ، طبقاً لبيانات وزارة الاقتصاد و التخطيط. و تشير بعض التقديرات المستقلة إلى أن نسبة مالكي المساكن بين السعوديين تبلغ حالياً 30 بالمائة فقط ، و تهدف الحكومة إلى رفع نسبة مالكي المساكن بين المواطنين إلى 80 بالمائة بحلول عام 2024، وذلك من خلال توفير أعداد متزايدة من المساكن بأسعار منخفضة وت عزيز القدرة التمويلية للمواطنين. لكنْ يبدو أنّ تحقيق هذا الهدف لن يكون سهلاً لأنّ أعمار ثلثيّ المواطنين تقلّ عن ثلاثين عاماً وبينهم 47 بالمائة من الذين تقل أعمارهم عن عشرين عاماً، ما يعني أنّ أعداد الشباب الذين سيبلغون سنّ الزواج وسيحاولون الاستقلال عن آبائهم والعيش في مساكن خاصّة بهم سترتفع بشكل كبير في المستقبل القريب . و منذ الثمانينيات، انخفض متوسط حجم الأسرة السعودية بشكل ملحوظ. وعلى وجه التحديد، انخفض هذا المتوسط من 7,4 فرداً في عام 1987، إلى 5,65 فرداً في عام 2008، الأمر الذي زاد عدد الشباب الباحثين عن مساكن أصغر و أرخص . و نظراً إلى الفجوة القائمة حالياً بين معروض المساكن و الطلب عليها والطفرة الوشيكة المتوقعة في طلب الشباب على المساكن، نتوقع أنْ يسجّل قطاع المساكن نمواً متسارعاً كما نعتقد جازمين أنّ القانون العقاري سيرفع نسبة مالكي المساكن بين المواطنين في المدى البعيد. لكنّ تحقيق المنفعة القصوى من القانون العقاري يتطلب إصلاح العيوب الهيكلية للسوق العقارية، بما فيها عدم تركيز شركات البناء على توفير وحدات سكنية بأسعار منخفضة لأنّ معظم مدخولات المواطنين ليست مرتفعة بما يكفي لدعم ازدهار التمويل والرهن العقاري. وينبغي أيضاً وضع نوعية المباني وكفاءتها في استهلاك الطاقة على رأس الأولويات التقنية.وتمثّل أسعار الأراضي تحدياً حقيقياً. فقد سجّلت أسعار الأراضي المُفرزة للمشروعات السكنية ارتفاعات حادّة خلال العقد الماضي، وتشير بعض التقديرات إلى أنّ تكلفة هذه الأراضي تزيد عن نصف التكلفة الكليّة للعقارات التي تُقام عليها . و من شأن مبادرة الدولة إلى السماح لبعض شركات البناء ببيع وحدات سكنية قبل إنجازها (على الورق و على الخريطة) أنْ يشجّع تنفيذ المزيد من مشروعات البناء الضخمة، كما ينبغي الاستمرار في توسيع نطاق مثل هذه الإصلاحات. وفي حال غياب مقاربة شاملة لإصلاح القطاع العقاري، سيُضطر العديد من الشبّان السعوديين إلى الاستئجار بدلاً من بناء أو شراء مساكن بسبب مستويات الإيجارت المنخفضة نسبياً، الأمر يُنذر بزيادة الضغوط المفروضة على الإيجارات - المرتفعة أصلاً، بالإضافة إلى خفض نسبة مالكي المساكن بين المواطنين ، و أوضح إسفيكياناكيس أن فرض قيود على بيع العقارات على الورقة أدى إلى الحدّ من قدرة ورغبة شركات البناء في إطلاق مشروعات سكنية ضخمة، الأمر الذي أضرّ بسوق العقارات السعودية ككل. لذا، ينبغي تغيير هذا السيناريو لتحقيق أهداف البناء الطموحة القادم.