الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    فرصة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    لبنان يغرق في «الحفرة».. والدمار بمليارات الدولارات    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «آثارنا حضارة تدلّ علينا»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    أرصدة مشبوهة !    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إطلالة على الزمن القديم    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    فعل لا رد فعل    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    «إِلْهِي الكلب بعظمة»!    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المرور»: الجوال يتصدّر مسببات الحوادث بالمدينة    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظام الرهن سيحفز صناعة الائتمان العقاري في المدى المتوسط ومنافعه ستكون محدودة إذا لم تتوفر الأراضي
البنوك مطالبة بتعزيز دورها في تمويل المشروعات العقارية.. جون اسفيكياناكيس:
نشر في الرياض يوم 28 - 03 - 2011

قال الدكتور جون اسفيكياناكيس مدير عام وكبير الخبراء الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي ان البنوك السعودية تستطيع ان تلعب دوراً أكبر في دعم عملية توفير المساكن الجديدة المطلوبة بشدة. فحتى الربع الثالث من عام 2010، مثل الائتمان العقاري المصرفي 6,7% فقط من إجمالي النشاط الائتماني للبنوك السعودية؛ وهذه هي أدنى نسبة من نوعها في منطقة الخليج. إذ يمثل الائتمان العقاري حوالي ثلث الائتمان المصرفي الكلي في كل من الإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين. لذا، تستطيع البنوك السعودية زيادة حجم ائتمانها العقاري بشكل كبير لأن احتمالات انكشافها المفرط على السوق العقارية المحلية معدومة عملياً.
واضاف تتمتع البنوك السعودية بسيولة وفيرة. فقد ازداد صافي أصولها الخارجية بأكثر من 100% خلال السنتين الماضيتين. لكن حجم ائتمانها العقاري ما زال دون المستوى المطلوب كما أن معدلات نموه مازالت ضعيفة. وحتى الربع الثالث من عام 2010، مثلت قروض الإسكان المصرفية 2,8% فقط من إجمالي القروض التي قدمتها البنوك السعودية خلال تلك الفترة. أما حجم قروض الإسكان المصرفية الذي بلغ اثنين وعشرين مليار ريال سعودي في الربع الثالث من العام الماضي، فقد مثل زيادة كبيرة قدرها 42,2% من مستواه في الربع الأول من عام 2009.
ويضيف: بالمقارنة مع المستويات الإقليمية والعالمية، يمكن القول إن حجم الائتمان العقاري السعودي صغير جداً. وفي عام 2009، بلغت نسبة الائتمان العقاري إلى إجمالي الناتج المحلي في المملكة 6,8% وكانت، حينذاك، أقل من النسب التي سجلتها الإمارات العربية المتحدة (15,5%) وماليزيا (أكثر من 30%) والعديد من الدول الأوروبية، وكذلك المملكة المتحدة (87,6%) والولايات المتحدة (81,4%). وإذا أسقطنا عائدات النفط من إجمالي الناتج المحلي السعودي، فإن نسبة الائتمان العقاري إلى إجمالي الناتج المحلي تصبح 13%؛ أي أكثر انسجاماً مع المستويات السائدة في منطقة الخليج.
وقد يمثل توسيع نطاق التمويل إلى عمليات شراء المساكن إجراء حاسماً لإصلاح سوق العقارات السكنية، خصوصاً أن شريحة الشباب السعودي كبيرة وفي نمو مطرد. ففي عام 2009، مثل الشباب الذين تقل أعمارهم عن ثلاثين عاماً 66% من مواطني المملكة؛ وتشتمل هذه الشريحة على أعداد كبيرة من المشترين المحتملين الجدد الذين سيسعون، على الأرجح، للحصول على قروض سكنية من البنوك ومؤسسات الائتمان الأخرى لشراء أولى مساكنهم في العقد القادم.
تطبيق معايير البناء عامل حاسم
لتحسين نوعية العقارات السكنية
يشير الدكتور جون اسفيكياناكيس الى ان أحد أهداف الخطة الخمسية الرسمية 2010-2014، يتمثل في ضمان تطبيق معايير البناء السعودية في جميع مراحل عملية بناء أي عقار، الأمر الذي يؤكد على إدراك الدولة السعودية لمدى الحاجة لتحسين نوعية العقارات. ويعد فرض تطبيق معايير معمارية عالية عاملاً حاسماً في تشجيع بناء مساكن مقتصدة للطاقة. ففي الوقت الراهن، يعاني 70% من مساكن المملكة من سوء العزل الحراري، مثلاً، الأمر الذي يجهد شبكة توزيع الكهرباء لأن السعوديين يستخدمون مكيفات الهواء بشكل مكثف ولأن كفاءة مكيفاتهم تساوي ثلث كفاءة تلك المستخدمة في الاقتصادات المتقدمة. وتستهلك الأسر السعودية 52% من الطاقة الكهربائية التي تولدها البلاد، بينما يذهب 65% من هذا الاستهلاك لتشغيل مكيفات الهواء.
الحد من مخاطر الإقراض
وسيستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن نلمس جميع منافع قانون الرهن العقاري لأن البنوك ستحتاج لاختبار مدى قدرة هذا القانون على طرد المقترضين المتخلفين عن السداد من المساكن، التي اشتروها بقروض مصرفية. في هذه الأثناء، ينبغي على البنوك أن تعيد هيكلة برامجها للائتمان العقاري بحيث تتوقف عن فرض الفوائد على القيم الكلية للقروض على مدى فترة السداد، والاكتفاء بتقاضي الفوائد فقط على الأجزاء المتبقية من القروض نتيجة لدفع الأقساط.
وسيتزامن تمرير القانون العقاري مع تلافي المخاطر المستمر بين البنوك السعودية منذ الأزمة المالية العالمية. وأشار العديد من البنوك إلى افتتاح المزيد من الفروع كوسيلة رئيسية لتحقيق النمو. لذا، بمجرد إرساء قواعد الائتمان العقاري، ستبدأ البنوك بتوسيع نشاطها في مجال الائتمان العقاري لكنها ستحرص، في الوقت ذاته، على تلافي وقوع أي أزمة ائتمان عقاري؛ ما يعني أنها لن تقرض الأفراد الذين قد يواجهون صعوبات كبيرة في دفع الأقساط، خصوصاً إن بدأت أسعار الفائدة بالارتفاع؛ وهو ما قد يحدث بالفعل ابتداء من العام القادم. وللحد من مخاطر الإقراض، ينبغي على البنوك أن تضع حدوداً معقولة للإقراض، مثل عدم منح أي قرض تتجاوز أقساطه الشهرية 33% -40% من إجمالي الدخل الشهري للمقترض. وينبغي على القانون أن يفرض "هامش أمان" وقدره حوالي 50% من إجمالي دخل كل مؤسسة ائتمانية، وذلك بهدف منعها من الإفراط في الإقراض.
ومن شأن توحيد معايير الرهن العقاري أن يرفع كفاءة المؤسسات الائتمانية ويخفض تكاليف صفقاتها الائتمانية. ففي مثل هذه الحالة، تحتاج البنوك إلى الاهتمام بالتطورات الرئيسية مرة واحدة فقط، ما يمكنها من التركيز بصورة أكبر على تقييم المزايا الائتمانية للأفراد الذي يسعون للحصول على قروض مصرفية.
ومع أنه يؤمل من تمرير قانون الرهن العقاري أن يرفع نسبة مالكي المساكن بين السعوديين، إلا أن تحقيق هذه الغاية قد يستغرق بعض الوقت. فقد سنت مصر قانون الرهن العقاري المحلي في عام 2001، وبعد عقد من الزمن، ظل نمو قطاعها العقاري ضعيفاً. وتمثلت العقبة الرئيسية التي اعترضت سبيل ازدهار هذا القطاع بتكاليف التمويل المرتفعة والمداخيل الضعيفة لمعظم مشتري المساكن المحتملين. وسيتمثل التحدي الحقيقي الذي ستواجهه المملكة بتوسيع قاعدة المستفيدين من قانون الرهن العقاري. وإلى جانب البنوك، من المتوقع أن يحفز هذا القانون أيضاً مؤسسات التمويل العقاري المستقلة، مثل شركة التمويل العقاري التي يمتلك صندوق الاستثمارات العامة جزءاً منها، والتي تخطط لتقديم قروض سكنية عندما يدخل قانون الرهن العقاري الجديد حيز التنفيذ.
التحدي المتمثل بتعزيز قدرة المواطنين
على شراء مساكن
لكي يترك قانون الرهن العقاري آثاراً إيجابية ملموسة على السوق العقارية، يؤكد الدكتور جون اسفيكياناكيس على انه ينبغي على شروط التمويل أن تكون سهلة على عامة السعوديين. وتتمثل إحدى العقبات التي تعترض ذلك بالأجور والرواتب الحالية للقطاعين الخاص والعام لأن معظم فئاتها لا يسمح للعاملين بشراء مساكن. كما أن أسعار فائدة القروض السكنية تصل أحياناً إلى مستويات لا تطاق؛ إذ تتراوح في المملكة حالياً بين 3% و7% للقروض الممنوحة إلى الأفراد وتعتمد على مدة ونوع القرض.
وبصفة عامة، تخفض برامج الرهن العقاري الدفعات الأولى المطلوبة من مشتري المساكن المحتملين، الأمر الذي يساهم في رفع نسبة مالكي المساكن بين الشباب. وفي العديد من الدول، تتراوح فترات سداد القروض السكنية بين خمس وعشرين سنة وثلاثين سنة، لكننا نتوقع أن تتراوح هذه الفترات بالنسبة للبنوك السعودية بين خمس عشرة سنة وعشرين سنة، في بادئ الأمر.
ومن خلال مقارنة أسعار الفيلات والشقق مع متوسط أجور ورواتب القطاعين الخاص والعام، يتجلى حجم التحدي المتمثل بتعزيز قدرة المواطنين السعوديين على شراء مساكن. لنفترض أن رجلاً سعودياً يعتمد على راتبه فقط لإعالة الزوجة وثلاثة أطفال ويريد شراء شقة في الرياض مساحتها 190 م2 وسعرها 574,167 ريالاً سعودياً (هذا هو متوسط سعرها في الرياض وفق نتائج الدراسة التي أجريناها في النصف الثاني من العام الماضي)؛ علماً أن المتوسط السعري في جدة أعلى من هذا المستوى ولكنه أدنى منه في المنطقة الشرقية.
ولنفترض أن هذا المشتري سيدفع 10% من قيمة العقار (أي 57,417 ريالاً سعودياً) كدفعة أولى للبنك الذي سيحصل منه على قرض سكني وقدره 516,750 ريالاً سعودياً، وبفائدة ثابتة لتغطية القيمة الكلية للشقة. ولنفترض أيضاً أن قواعد التمويل السكني تنص على وجوب سداد هذا القرض مع نسبة الفائدة أو الأرباح التي تبلغ 6% خلال خمس عشرة سنة. ولو افترضنا أن القسط الشهري لسداد هذا القرض السكني يبلغ 4,361 ريالاً سعودياً وأن قيمة هذا القسط تساوي 36% من الراتب/ الأجر الشهري لهذا المشتري؛ لذا، يحتاج هذا المشتري إلى دخل شهري قدره 12,113 ريالاً سعودياً، على الأقل (أي 145,354 ريالاً سعودياً في السنة).
ولتمويل عملية شراء فيلا، تحتاج نفس الأسرة إلى نحو ضعف الدخل الشهري الآنف الذكر لأن متوسط سعر الفيلات التي تتراوح مساحاتها من 300-400 م2، بلغ 1,23 مليون ريال سعودي في النصف الثاني من العام الماضي. فإذا افترضنا نفس سعر الفائدة أو هامش الربح ودفعة أولى قدرها 20% من قيمة الفيلا، سيبلغ القسط الشهري 8,270 ريالاً سعودياً، الأمر الذي يتطلب دخلاً شهرياً قدره 22,972 ريالاً سعودياً (أي 275,660 ريالاً سعودياً في السنة).
واستناداً إلى هذه الحسابات التقريبية، يتضح أن الحد الأدنى للراتب المطلوب لتمويل عملية شراء فيلا أو شقة أكبر بكثير من راتب معظم العاملين في القطاعين العام والخاص، لأن معظم هؤلاء العاملين يتقاضون أقل من ثمانية آلاف ريال سعودي في الشهر؛ أي أقل من ستة وتسعين ألف ريال سعودي في السنة (25 ألف دولار). وحتى في حال إتاحة فرصة سداد القروض خلال عشرين سنة، فإن الحد الأدنى للراتب الشهري المطلوب لتمويل شراء الشقة والفيلا المذكورتين أعلاه سيبلغ 10,284 ريال سعودي و19,503 وريال سعودي، على التوالي.
ويتقاضى جميع موظفي قطاع الخدمات العامة الذين يتمتعون بخبرة خمس سنوات في مواقع عملهم رواتب شهرية تحدد وفق المراتب الحكومية من المرتبة الأولى إلى المرتبة الخامسة عشرة، وتتراوح من 2,185 ريالاً سعودياً (قبل رفع السقف الأدنى الذي أمر به الملك عبدالله وهو 3,000) إلى 20,250 ريالاً سعودياً؛ ما يعني أن جميع هؤلاء الموظفين لا يستطيعون شراء فيلات في الرياض كتلك التي نحن بصددها. ويبلغ متوسط الراتب في قطاع الخدمات العامة 8,644 ريالاً سعودياً، بينما يبلغ متوسط الراتب الشهري لمعظم موظفي هذا القطاع 5,699 ريالاً سعودياً. بالتالي، لا تستطيع نسبة كبيرة من هؤلاء الموظفين شراء شقق كبيرة. لكن العديد من موظفي القطاع العام ذوي المؤهلات العالية، مثل الصيادلة والأطباء ورؤساء المحاكم والأساتذة الجامعيين، يستطيعون تمويل عمليات شراء العقارات السكنية وقد يتمكنون أيضاً من تأمين دفعات أولى كبيرة. أما في القطاع الخاص، فإن عدم التناسب بين أسعار العقارات السكنية وأجور العاملين أكبر بكثير لأن أجور القطاع الخاص أدنى من رواتب القطاع العام، بصفة عامة.
وترتفع المداخيل عموماً عندما يرتفع معدل إنتاج الفرد، لكن هذا لن يحدث قبل أن تعمل أعداد أكبر من السعوديين في القطاع الخاص وبرواتب أعلى بكثير من تلك السائدة حالياً في الشركات الخاصة. وفي الوقت الراهن، يعمل في القطاع الخاص المحلي سعودي واحد مقابل كل تسعة وافدين. وينبغي تغيير هذا الواقع لرفع إنتاجية ورواتب هذا القطاع وتحسين مجمل المضاعفات الاقتصادية. يشار إلى أننا ناقشنا دينامية سوق العمل السعودية والاصلاحات التي تحتاجها في تقرير أصدرناه في الشهر الماضي. وبعد التحول الذي طرأ على تفضيلات المستهلك السعودي، سيزداد الطلب المحلي على الشقق خلال العقدين القادمين لأن تمويلها سهل نسبياً.
في هذه الأثناء، يتعين أيضاً إبقاء فوائد القروض السكنية دون مستويات الإيجارات لتفادي عزوف المشترين المحتملين عن الاقتراض لبناء وشراء بيوت والتحول إلى الاستئجار. مع ذلك، إن توافرت فرص التمويل المناسبة، فإن معظم السعوديين سيختارون، على الأرجح، امتلاك المساكن حتى إن كانت الإيجارات أقل من فوائد القروض السكنية.
الإنفاق الحكومي وحده لا يحل
مشكلات القطاع العقاري
يقول الدكتور جون اسفيكياناكيس إذا أخذنا هذه العوامل بعين الاعتبار، يتضح لنا أن توسيع قاعدة القادرين على شراء مساكن من خلال إدخال قانون الرهن العقاري يتطلب عدداً من العوامل الأخرى المكملة. أولاً وقبل كل شيء ينبغي على البنوك أن تطوّل آجال قروضها السكنية إلى خمس وعشرين سنة، مثلاً، بهدف تخفيف أعباء الأقساط الشهرية. فغالبية البنوك السعودية تطلب حالياً سداد القروض السكنية خلال خمس عشرة سنة، مع أنها منحت عدداً ضئيلاً من القروض المستحقة السداد خلال ثلاثين سنة.
علاوة على ذلك، ينبغي جعل نسب فوائد أو أرباح القروض السكنية أقل تنفيراً للمقترضين المحتملين. فإذا خفضت نسبة الفائدة إلى 3,5% سينخفض القسط الشهري بنحو 1,300 ريال سعودي في حالة القرض الممنوح لشراء فيلا في الرياض، وبنحو 700 ريال سعودي في حالة القرض الممنوح لشراء شقة هناك، الأمر الذي يوسع قاعدة القادرين على شراء مساكن. وسيكون من المفيد أيضاً وضع آليات لمساعدة المشترين في تأمين دفعات أولى كبيرة، لكن الأجور والرواتب الحالية تمثل عائقاً أمام تفعيل مثل هذه الآليات. ويقدم أحد البنوك السعودية منذ فترة قروضاً سكنية من دون دفعات أولى. ومع أن هذا البرنامج قد يغري ذوي الدخل المحدود، إلا أنه يتعين تقييمه بدقة وعناية.
وهناك برامج أخرى تستهدف شريحة محددة من السكان وقد تساهم في رفع نسبة مالكي المساكن بين المواطنين. فقد أطلقت المؤسسة العامة للتقاعد وشركة دار التمليك مشروع "مساكن" للتمويل العقاري الذي يقدم قروضاً لموظفي القطاع العام الذين لا تقل رواتبهم الشهرية عن أربعة آلاف ريال سعودي، وذلك وفق نماذج تنافسية للتمويل العقاري. ولدى هذه الشركة التي تعمل وفق الشريعة الإسلامية أكثر من مليار ريال سعودي وأعلنت أنها ستمنح قروضاً سكنية لخمس وعشرين سنة قيمة الواحد منها نصف مليون ريال سعودي، وبأقساط شهرية قدرها 3,346 ريال سعودي، الأمر الذي يجعلها يسيرة على الموظفين السعوديين وحالة استثنائية في المملكة.
وساعد بعض المؤسسات موظفيها في شراء مساكن من خلال برامج خاصة بها. فقد أطلقت شركة أرامكو السعودية، مثلاً، برنامجاً لتمليك موظفيها عقارات سكنية في عام 1953، وذلك لتشجيعهم على بناء وشراء مساكن في المنطقة الشرقية من خلال منحهم قطع أراض أو تغطية تكاليف قطع الأراضي التي يشترونها، بالإضافة إلى مساعدتهم مالياً في سداد قروضهم السكنية. وينبغي تطبيق مثل هذه البرامج على نطاق أوسع.
ويعتقد الدكتور جون اسفيكياناكيس أن قانون الرهن العقاري سيحفز نمو صناعة الائتمان العقاري في المملكة بشكل ملموس في المدى المتوسط، كما نعتقد أن منافعه القصيرة الأمد ستكون محدودة ما لم توفر الحكومة السعودية مساحات شاسعة من الأراضي السكنية لخفض أسعارها إلى مستويات في متناول عامة الشعب. وارتفعت أسعار الأراضي السكنية بوتيرة متسارعة خلال السنوات العشر الماضية، علماً أنها انخفضت في عام 2009، بسبب الركود الاقتصادي ثم عادت إلى الارتفاع المتسارع في عام 2010. فقد أظهرت دراساتنا أن متوسط سعر المتر المربع من الأراضي السكنية في جدة ارتفع في النصف الثاني من عام 2010، بنسبة 9,8% عن مستواه في العام السابق، بينما ارتفع هذا المتوسط بنحو 6% في المنطقة الشرقية. وفي النصف الثاني من العام الماضي، ارتفعت أسعار الأراضي السكنية في الرياض بنحو 3% من مستوياتها في النصف الأول.
لذا، ينبغي على أي إصلاح للسوق العقارية المحلية أن يشتمل على توفير المزيد من الأراضي السكنية، بالإضافة إلى توفير المرافق والخدمات الأساسية في المدن الرئيسية بأسعار معقولة لتشجيع مشتري المساكن المحتملين على شراء مساكن. وطبقاً لتقديرات الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، تبلغ نسبة الأراضي السكنية المتخلفة في الرياض حوالي 77%.
لذا، ينبغي على الحكومة السعودية تطوير مساحات كبيرة من الأراضي السكنية من خلال تزويدها بالبنى التحتية الأساسية. وإذا انخفضت أسعار الأراضي، سيتمكن المزيد من المواطنين من بناء وامتلاك مساكن وسوف ترتفع الجدوى الاقتصادية لقروض صندوق التنمية العقارية. وفي مثل هذه الحالة، ستخف الأعباء المفروضة على مشتري المنازل المستقبليين وسيتاح للحكومة السعودية مزيد من الوقت لمعالجة عيوب سوق العمل وإرساء ميزان الأجور المنشود. ويمكن أيضاً منح مساحات من الأراضي السكنية إلى صناديق عامة أخرى، مثل المؤسسة العامة للتقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والصندوق الاستثمارات العامة، لكي تساهم في توفير مساكن إضافية رخيصة وتتحمل مع البنوك مخاطر الائتمان العقاري.
ومع مرور الوقت، سيساهم قانون الرهن العقاري في توسيع حدود المدن الرئيسية؛ فقبل أربعين سنة، كانت مساحة مدينة الرياض أربعة وستين كيلو متراً مربعاً فقط، بينما تزيد مساحتها حالياً على ألف كيلو متر مربع. لكن حتى إن توافرت قطع الأراضي السكنية الموجودة على أطراف المدن بأسعار منخفضة، فإنها غير مؤهلة حالياً للتوسع العمراني بسبب افتقارها إلى وسائل النقل العام الكافية، الأمر الذي ينبغي الإسراع في معالجته لتسهيل هذا التوسع. ولا بد من الاعتراف بأن الدعم المالي الكبير الذي قدمته الحكومة السعودية إلى صندوق التنمية العقارية يبرهن على التزامها بزيادة نسبة مالكي المساكن بين المواطنين، لكن الإنفاق الحكومي وحده لا يكفي لحل المشكلات الهيكلية التي يواجهها القطاع العقاري السعودي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.