أكد المحامي والمختص بالقضايا التجارية هشام العسكر رفع مساهمي "شركة المتكاملة" دعوى قضائية ضد الشركة لتعويضهم عن الضرر القائم جراء تعطيل رؤوس أموالهم مؤكدا حصوله على توكيلات من قبل المساهمين للترافع أمام القضاء نيابة عنهم. وأكد العسكر رغبة المساهمين التقدم بالدعوى حتى في حال عادت الشركة للتداول وقامت بتصحيح أوضاعها وذلك نتيجة الاضرار الواقعة عليهم جراء احتجاز أموالهم خلال فترة الإيقاف , مشيراً الى استمرار تلقيه توكيلات من مساهمي الشركة للاستمرار في القضية ولايزال تعليق سهم "المتكاملة" ووضعها يكتنفه الكثير من الغموض والتداخل في خيوط القضية التي أصبحت إحدى القضايا الشائكة في سوق الأسهم السعودي وذلك لتعدد الجهات المرتبطة بهذا الموضوع والتداخلات العديدة في الصلاحيات والاشتراطات . وتعود بداية القضية بعد تأسيس الشركة بالمرسوم الملكي الصادر برقم 5/م بتاريخ 1429ه لتأسيس شركة الإتصالات المتكاملة والتي تختص في تقديم خدمات البنية التحتية في قطاع الإتصالات وبرأسمال بلغ مليار ريال مقسمة على 100 مليون سهم وعلى أن يتم طرح 30 بالمائة للاكتتاب العام وأن يتم تخصيص 5 بالمائة للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية كشريك مؤسس فيما يحتفظ المؤسسون بالمتبقي من رأس مال الشركة والمقدر ب 65 بالمائة . لتبدأ الشركة والمؤسسون بإنهاء كافة الإجراءات اللازمة لاستخراج التصاريح من قبل وزارة التجارة تمهيداً لطرحها للاكتتاب وذلك بدفع 5 ملايين ريال كقيمة للتراخيص من قبل هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات إضافة إلى إيداع المؤسسين مبلغ مليار ريال كضمان بنكي ببنك الراجحي "غير مشروط وغير قابل للإلغاء" تمهيدا لتقديم كافة الأوراق اللازمة لوزارة التجارة لأخذ التصريح بمزاولة العمل. وفي المرحلة الثانية من حكاية "المتكاملة" تقدمت الشركة لوزارة التجارة والصناعة لأخذ الموافقات اللازمة لإصدار الترخيص لكن الوزارة رفضت نظراً لجدل حول قانونية الضمان البنكي وعدم جوازه مما دعا القائمين على هيئة الإتصالات وتقنية المعلومات حسب العديد من المصادر الصحفية إلى إرسال خطاب كتابي لوزارة التجارة يفيد بمصداقية وجود الضمان البنكي وأن الهيئة لديها كافة الوثائق اللازمة وطلبت الهيئة من الوزارة تسهيل عملية استخراج التصاريح اللازمة لرفعها لهيئة سوق المال مؤكده اطلاعها على كافة الوثائق وقانونيتها . أما في المرحلة الثالثة فقد تقدمت الشركة بطلب الموافقة من قبل هيئة السوق المالية لطرح الحصة المقررة بالمرسوم الملكي للاكتتاب العام والبالغة 30 بالمائة من حجم رأس المال , لتأتي الموافقة على الطرح رغم تأكيد العديد من المصادر الخاصة ل"اليوم" أن موافقة الهيئة جاءت رغم عدم إيداع رأس المال المشروط من قبل المساهمين" , يأتي طلب هيئة الاتصالات بضرورة إيداع 650 مليون ريال من قبل المساهمين كجزء من رأس المال المقرر إضافة إلى قيمة الأسهم المطروحة للاكتتاب ليكتمل بذلك رأس المال المقرر والمحدد بقيمة مليار ريال , ولكن المساهمين طالبوا فيما بعد بسحب الضمان البنكي والموجود بمصرف الراجحي وإعتباره جزءا من رأس المال ولكن البنك رفض تسييل الضمان البنكي كونه "غير مشروط وغير قابل للإلغاء". وفي الشهر السادس من العام الماضي 2012 جاء خطاب هيئة السوق المالية والمرسل للقائمين على الشركة ليشدد على ضرورة اكمال كافة الشروط المطلوبة من قبل هيئة الاتصالات والمحددة بأربعة شروط وهي "تسديد قيمة الترخيص إضافة إلى ضمانات كإثبات جودة الخدمة والاداء والخطة التشغيلية للشركة " وحددت هيئة السوق مدة 16 أسبوعاً لإنهاء كافة الاشتراطات اللازمة ليأتي خطاب شركة المتكاملة بتاريخ 9/9/2012 بطلب تمديد المدة المحددة من قبل الهيئة وذلك بعد اكتمال ثلاثة اشتراطات وتبقى حل الخلاف الموجود بين المصرف والشركة لكسر الضمان البنكي وإلتزامهم بتقديم الخطة التشغيلية الكاملة للشركة بعد انتهاء الخلاف القائم حول المبالغ المالية , ولكن هيئة السوق المالية فاجأت المتداولين بتعليق تداول سهم الشركة ومطالبتها بضرورة العمل سريعا لإنهاء كافة الإجراءات مهددة بالرفع للمقام السامي لطلب الغاء الترخيص كون تأسيس الشركة صدر بمرسوم ملكي وهذا ما يستوجب صدور مرسوم ملكي آخر للالغاء . وتحدثت العديد من المصادر الخاصة ل"اليوم" بأن هناك سوء فهم كبير وتداخلا بين أطراف القضية ما تسبب في خلافات حادة بين عدة أطراف ومحاولة جهات عديدة وضع حد لهذه الأزمة القائمة والتي تسببت في خسائر للمكتتبين والمساهمين مع إثارة العديد من الأسئلة حول الشركة واشكالياتها . من جهته قال المحلل المالي محمد العمران إن الأنظمة المتعلقة بأخذ التصاريح من قبل هيئة الإتصالات وتقنية المعلومات تنص على تقديم ضمانات بنكية بقيمة الرخصة والهدف منها إثبات قدرة الشركة المالية وجديتها أمام الهيئة لحين الانتهاء من بقية الاجراءات على أن يتم دفع المبلغ المحدد بالعقد "نقداً" وذلك حسب العقد التأسيسي للشركة والذي ينص في عقد شركة المتكاملة بقيمة مليار ريال سعودي وهذا ماقامت به الشركة . ويضيف العمران :ان المشكلة في قضية المتكاملة كانت بعدم إيداع رأس المال من قبل المؤسسين والخطأ تتحملة وزارة التجارة بعدم التأكد من الإيداع النقدي وحقيقته وهو ما يعد مخالفة صريحة وواضحة لأنظمة الوزارة ويجب عليها تحمل نتائجه وهذا ما أكده مراجع الحسابات القانوني بتقريره والذي عادة ما يكون طرفا مستقلا للتأكد من كافة الإجراءات وسلامتها والذي أكد بعدم إيداع رأس المال النقدي" . وأردف العمران " كان على هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات تنبيه وزارة التجارة بعدم إيداع المساهمين للمبلغ "النقدي" , وأن لا تقوم التجارة التي كان على رأسها الوزير السابق عبدالله زينل باكمال التصاريح والموافقة على التصريح للشركة بالعمل , وأمام تلك الاشكالية قامت هيئة السوق المالية بتعليق تداولات سهم الشركة في المرة الأولى بعد طلب هيئة الإتصالات وتقنية المعلومات إيقاف الشركة حتى استكمالها كافة الشروط المطلوبة. وذكر العمران : أنه تم تشكيل لجان من قبل المقام السامي للبحث حول الموضوع واشترطت 3 شروط رئيسية لعودة الشركة للتداول وحددتها تلك اللجان في "سداد قيمة المقابل المالي البالغة (1,009,638,952) ريالا وتقديمها خطاب ضمان مقابل حسن الأداء مقداره (50,000,000) ريال وذلك في مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات لها لتنتهي المهلة في يوم الاثنين 23/3/1434ه الموافق 4/2/2013م وتنفيذ الخطة التشغيلية والتجارية والفنية المقدمة من الشركة وذلك خلال المدة التي تحددها هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وأخيراً تسديد المساهمين المؤسسين سندات لأمر المستحقة للشركة التي حرروها لمصلحتها" وكان ذلك في تاريخ 21/1 من العام 2013م . ليأتي رد الشركة في تاريخ 26 من شهر يناير بأنها "استوفت جميع شروط الحصول على الترخيص من هيئة الإتصالات وتقنية المعلومات حيث قامت يوم السبت 14 ربيع الأول 1434ه الموافق 26 يناير 2013م بتسديد قيمة المقابل المالي لتخصيص الطيف الترددي والبالغة مليار ريال ، وقامت بتقديم خطاب ضمان مقابل حسن الأداء مقداره خمسون مليون ريال ، وكذلك قامت بتقديم شيك مصدق بقيمة خمسة ملايين ريال مقابل قيمة الترخيص وذلك حسب ما تنص عليه شروط الترخيص . وأضاف العمران بأن الشركة أعلنت أنها استوفت كافة الشروط المطلوبة ولكن واقعياً لم تقم بإيداع رأس المال المحدد نقداً ولكنها اعتمدت على الضمان البنكي والمطالبة بتسييله لإيداعه ضمن رأس المال وهذا ما يتنافى مع الاشتراطات الخاصة بالأنظمة . وحول مطالبة الشركة بذلك قال العمران "من المتعارف عليه أن الضمانات البنكية "هي غير مشروطة وغير قابلة للإلغاء" ولايمكن تسييلها بتلك السهولة والشركة لم تلتزم بالشروط مما تسبب في تعلق تداولها للمرة الثانية بعد طلب هيئة الإتصالات وتقنية المعلومات إيقافها لعدم اكتمال الشروط المطلوبة والرفع للمقام السامي بإلغاء التصريح الخاص بالشركة" . وحمل العمران مسئولية ماحدث للجهات الحكومية ذات العلاقة كونها سمحت للشركة بالحصول على التصاريح وطرحها للتداول ما تسبب في خسائر فادحة للمساهمين والمتداولين نظراً لحصول الشركة على كافة التصاريح اللازمة وطرحها للاكتتاب والتداول . وعن الحلول الممكنة في الوقت الحالي للخروج من الأزمة قال العمران "يجب أن تتحمل الجهات الحكومية تلك الأخطاء وأن يتم استبدال وابعاد المساهمين المؤسسين بجهات حكومية كصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التأمينات الاجتماعية وأن تتولى إدارة الشركة جهات حكومية وفرض الوصاية عليها لمدة خمس سنوات لاستكمال كافة الإجراءات القانونية والوقوف على تأسيس الشركة بشكل صحيح لضمان حقوق المساهمين وحمايتهم من الخسائر ". إنقاذ الشركة وسمعة المساهمين من جهته قال المحلل المالي عبدالله الجبلي إن تسلسل أحداث الشركة منذ الأمر الملكي بالموافقة على إنشائها حتى الأمر الملكي بإلغاء ترخيصها في حال عدم الوفاء بالالتزامات المناطة بها وجدت أن الأعضاء المؤسسين قد أوقعوا أنفسهم في ثلاث مشاكل: الأولى, عدم دفع الجزء المستحق عليهم من رأس المال و هذا اخلال ببنود العقد الذي رضوا به منذ البداية و العقد شريعة المتعاقدين فهل يعني ذلك أنهم يريدون حصة من الشركة بدون مقابل ؟ ويضيف الجبلي أن المشكلة الثانية, أن هم أضروا بسمعتهم كرجال أعمال لهم باع كبير في مجال التجارة و لا يمكن أن يغفر لهم المستثمرون أنهم تسببوا في المشكلة بعدم دفع الجزء المستحق عليهم من رأس المال بالإضافة إلى سحب حوالي 266 مليون ريال من أموال الاكتتاب لأن ذلك يعني أن المؤسسين يرغبون في حصة مجانية في الشركة و أموال المساهمين أيضاً أما المشكلة الثالثة, أنهم أفقدوا ثقة المستثمرين في الشركة , سواءً المتداولين في سوق الأسهم أو الشركات التي قد يكون لها تعاملات مستقبلية معها , و الثقة هي أساس التعامل في أي عمل تجاري . ويقول الجبلي إن الحل لتلك المشاكل أن يقوم المؤسسون بإنقاذ أنفسهم و إنقاذ الشركة و المساهمين فيها بدفع الجزء المتبقي عليهم و الوفاء ببقية الالتزامات التي تعهدوا بها أمام هيئة الاتصالات و نظم المعلومات لكن الغريب في الموضوع هو كيف سمحت هيئة سوق المال للشركة في الطرح الأولي و الادراج و التداول بدون أن يكتمل رأس المال الأولي من قِبَل المؤسسين و وضعه باسم الشركة في حساب بنكي مستقل . وأضاف إن ما فعلته الهيئة هو بمثابة ثغرة قانونية قد يتسلل منها ضعاف النفوس مستقبلاً للتحايل على الأنظمة و الظفر بأموال المستثمرين . و هذه الغلطة من الهيئة هي المتسبب الرئيسي في ضياع أموال المساهمين في الشركة و الذين يشترون من السوق بثقة في أن جميع الشركات المدرجة تحت المراقبة لذلك فأموالهم في مأمن , فهل نرى من الهيئة إجراء يرجع هذه الثقة للمتداولين .