شركة الاتصالات المتكاملة، ربما كانت نكسة في تاريخ الاكتتابات والسوق السعودي، فمنذ نشاطها بداية بإدراج شركة الاتصالات السعودية والتي كانت شرارة دخول المستثمرين الأفراد إلى سوق الأسهم السعودية في العام 2003 وإلى منع إدراج أي شركة لم يقم المساهمون بسداد كامل رأس المال، وكان ذلك موجودا في مزادات سابقة أجرتها الشركات لأسهمها التي لم تدفع كامل رأس المال كالقصيم الزراعية، الباحة وبيشة، جاء اكتتاب شركة الاتصالات المتكاملة مع وعود قوية من المؤسسين بدعم الشركة ماليا حتى لا تتعرض لما تعرضت له شركة اتحاد عذيب بسبب تكاليف التشغيل ودخول الخدمات التجارية للشركة حيز التنفيذ، حيث وعد أولئك المؤسسون بتأمين تمويل أو قرض حسن للشركة بقيمة 2 مليار ريال. تأسست الشركة السعودية للاتصالات المتكاملة بتاريخ 22 يونيو من العام الماضي 2011 برأس مال يبلغ مليار ريال سعودي، وعدد أسهم يبلغ 100 مليون سهم طرح منها لجمهور المكتتبين 35 مليون سهم لتكون قيمة الأسهم التي اكتتب فيها الجمهور 350 مليون ريال. في بداية شهر أكتوبر أعلنت الشركة استقالة عضو مجلس الإدارة المهندس فهد الجربوع دون إيضاحات لأسباب الاستقالة، وبنهاية العام الماضي أعلنت الشركة أنها لن تتمكن من نشر قوائمها المالية عن العام 2011 نظرا لعدم حصولها على رخصة من هيئة الاتصالات السعودية، وكان ذلك أول علامات الاستفهام إذ جاء إعلان الشركة بنهاية شهر فبراير من العام 2012 بعد ما يزيد على نصف العام من طرح وإدراج الشركة في السوق المالية. وفي منتصف شهر مارس من العام الحالي، أعطت هيئة السوق المالية مهلة لكافة الشركات المدرجة التي لم تعلن عن نتائجها المالية المدققة عن العام الماضي حرصا منها على سلامة الإجراءات في السوق، وبنهاية المهلة أعلنت شركتان نتائجهما المالية بخسائر وهما الباحة والأسماك وهو أمر معتاد من الشركتين، وبنهاية يوم عمل 31 مارس 2011 أعلنت شركة بروج عدم قدرتها على نشر قوائمها المالية لعدم اتمامها نقل محفظة اللؤلؤة التأمينية لها وتسجيلها بأثر رجعي من العام 2009 وعدم استكمالها الإجراءات مع مؤسسة النقد العربي السعودي. وقد أعلنت شركة الاتصالات المتكاملة نتائج أعمالها عن العام الماضي 2011 حيث سجلت خسائر بقيمة 43 مليون ريال، أي وبحسب رأس المال الذي أسست عليه الشركة خسارة السهم الواحد بلغت 0.43 هللة، إلا أن الإعلان أشار إلى خسائر ب 1.24 ريال للسهم، ما أشار إلى أن أسهم الشركة التي حسبت عليها الخسارة الكاملة 35 مليون سهم وهي عدد الأسهم المطروحة للاكتتاب العام لجمهور المتعاملين، احتسب الخسارة بهذا الشكل بعد أن تحفظ المحاسب القانوني للشركة على مخالفة المادة 159 من نظام الشركات، ويشير تسجيل الخسارة على 35 مليون سهم أنها المبالغ الوحيدة الموجودة والمدفوعة لرأس مال الشركة، كما أن سحب 261,8 مليون ريال من حسابات الشركة لصالح المؤسسين يعد مخالفة صريحة من المؤسسين لأنظمة الشركات، حيث استغل المبلغ في إصدار ضمانين بنكيين قدما إلى هيئة الاتصالات السعودية كضمان لما ستحصل عليه الشركة وما ستقدمه من خدمات، حيث توقفت المعاملة هناك وتأخرت حتى اتضحت الأمور للهيئة وللمستثمرين بنهاية يوم عمل الاحد. تعقدت الأمور بالنسبة لشركة الاتصالات المتكاملة واتسعت الدائرة من مصادقة على إيداع رأس المال في كتابة العدل، إلى وزارة التجارة التي صرحت وسمحت بتأسيس الشركة، وثم إلى مدير الاكتتاب الذي تولى التدقيق والعمل على طرح الشركة للجمهور في السوق المالية السعودية، ولعبت هيئتا السوق المالية والاتصالات وتقنية المعلومات دورا رئيسا في كشف صنيع مؤسسي الشركة. أصبح من الضروري الآن أن توضع الشركة تحت وصاية هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات لتفادي أضرار أكبر قد يتعرض لها المساهمون المكتتبون والملاك الحاليون لأسهم الشركة، وربما لا يشمل إعلان هيئة مكافحة الفساد السابق بأنها غير مشمولة بما يحدث في السوق المالية والسوق العقارية ما حدث في شركة الاتصالات المتكاملة لأن الجهات المتسببة والمعنية متعددة ومن ضمنها جهات حكومية كوزارتي التجارة والصناعة، وكتابة العدل التي صادقت على أرصدة وحسابات الشركة وقت التأسيس، وأيضا يتوجب على البنوك التي أصدرت الضمانات البنكية غير قابلة الإلغاء الإفصاح عن موقفها وعن الضرر المرتبط بها جراء هذه التعديات على أموال المساهمين واستغلال ذلك في تقديم ضمانات للشركة. وأخيرا يجب أخذ موقف المصلحة العامة لمعاشات التقاعد التي اشترت حصة أحد المؤسسين في الشركة بنسبة 5 بالمائة من إجمالي رأس مال الشركة، وأيضا مصلحة التأمينات العامة التي سمح لها بيع حصتها فور الإدراج بحسب نشرة الإصدار التي نشرتها الشركة ومدير الاكتتاب فترة الاكتتاب في أسهم الشركة، وعلى هيئة السوق المالية التي اتخذت موقفها المنتظر منها جراء عمليات التدليس إرشاد المساهمين في السوق الشركة عن الخطوات والإجراءات القانونية التي يتوجب عليهم اتخاذها مقابل ما تعرضوا له من تدليس وغش وتلاعب. لقد أصبح الوقوف في وجه الشركات المتلاعبة والورقية ضرورة مهمة جدا في ظل حرصنا جميعا على صورة السوق السعودية أمام المجتمع الاستثماري المحلي والدولي، حيث إن مثل هذه القضايا من التلاعب أو الشركات المتهالكة المدرجة في السوق المحلية سيكون له أثر سلبي على النظرة العامة لسوق الأسهم السعودية، في الوقت الذي نطمح فيه إلى مزيد من التقدم لمصاف الأسواق المالية العالمية، وننتظر أيضا فتح السوق للمستثمرين الأجانب لقناعتنا بأن عددا من محتويات السوق المالية قادرة على جذب المستثمرين للسوق إلا أن مثل هذه القضايا سيكون لها ضرر على السوق في رفع نسبة المخاطر فيها للمستثمر. محلل أسواق المال Twitter: @THAMER_ALSAEED