أعلن وزراء روسيا ديمتري مدفيديف الاحد أن الرئيس السوري بشار الاسد ارتكب «خطأ فادحا، قد يكون قاضيا» لأنه تأخر كثيرا في تطبيق الاصلاحات السياسية. وقال لتلفزة «سي إن إن» خلال منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا «كان عليه التحرك بسرعة اكبر ودعوة المعارضة السلمية التي كانت مستعدة للجلوس الى طاولة المفاوضات معه. انه خطأ فادح، قد يكون قاضيا .. يبدو لي ان فرصه في البقاء (في السلطة) تتضاءل يوما بعد يوم»، وأوضح «»اعتقد انه مع مرور كل يوم وكل اسبوع وكل شهر تتصاءل فرص استمراره». مشيرا الى أنه حاول مرارا اقناع الاسد شخصيا بالحوار مع المعارضة، لكنه لم ينجح. وقال «برأيي، المسؤولون السوريون غير مستعدين لذلك. لكن يجب ان لا يسمح في اي حال من الاحوال لنزاع مسلح بإطاحة النخبة السياسية». وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأسبوع الماضي ان ابعاد الرئيس الاسد غير وارد في الاتفاقات الدولية وانه «يستحيل تنفيذه». والسبت، اعلن نائب رئيس الوزراء السوري قدري جميل لاذاعة صدى موسكو ان روسيا لا تزال تزود دمشق بالاسلحة في اطار عقود مبرمة منذ وقت طويل. وأكد مجددا موقف روسيا المتمثل في ان الشعب السوري وحده مؤهل ليقرر مصير رأس النظام السوري، «أكرر القول مرة اخرى: يعود للشعب السوري ان يقرر. لا روسيا، لا الولاياتالمتحدة ولا اي دولة اخرى». كما اعتبر مدفيديف مجددا ان موسكو لا تعمل على بقاء الاسد في السلطة. وقال ان روسيا لم تكن أبدا حليفا حصريا لسوريا او لبشار الاسد. وقال «أقمنا علاقات جيدة مع والده ومعه، لكن كان لديه حلفاء اكثر حظوة بين الدول الاوروبية». وهذه أرفع تصريحات روسية تفيد بأن أيام الأسد قد تكون معدودة. لكن ميدفيديف جدد الدعوة الى إجراء محادثات بين الحكومة ومعارضيها وكرر موقف موسكو أن الأسد ينبغي ألا يطاح به على أيدي قوى خارجية. واعتبر مدفيديف أن «مهمة الولاياتالمتحدة والقوى الأوروبية والاقليمية ... هي اقناع الاطراف المعنية بالجلوس للتفاوض وليس مجرد المطالبة برحيل الأسد ثم يعدم مثل (الزعيم الليبي الراحل معمر) القذافي أو ينقل إلى جلسات محكمة على محفة مثل (الرئيس المصري المخلوع) حسني مبارك.» وحالت موسكو دون صدور ثلاثة قرارات لمجلس الأمن التابع للامم المتحدة استهدفت الضغط عليه لانهاء العنف الذي حصد أرواح أكثر من 60 ألف شخص. لكن روسيا نأت ايضا بنفسها عن الأسد بقولها إنها لا تحاول دعمه ولن تعرض عليه حق اللجوء. ووجه ميدفيديف إلى الاسد بعضا من أقسى انتقادات روسيا حتى الآن حيث ساوى بين «قيادة البلاد والمعارضة العنيدة» في تحمل المسؤولية عن تصاعد الأمور إلى حرب أهلية، مقرا بأن الاسد بطيء للغاية في تنفيذ الاصلاحات السياسية التي وعد بها. وقال «كان عليه ان يفعل كل شيء بسرعة أكبر ليجتذب إلى جانبه قسما من المعارضة المعتدلة التي كانت مستعدة للتفاوض معه. كان هذا خطأه الكبير وربما خطأه القاتل.» وجدد التأكيد أن تأثير موسكو على رئيس النظام السوري محدود. وقال ميدفيديف الذي كان رئيس روسيا حتى مايو ايار الماضي «اتصلت بالاسد شخصيا عدة مرات وقلت: اجر الاصلاحات واعقد مفاوضات ... في رأيي ان القيادة السورية ليست مستعدة لذلك للأسف .. لكن من ناحية أخرى يجب عدم السماح بأي حال بالوصول الى موقف تزاح فيه النخبة السياسية الحالية بأعمال مسلحة لأنه في هذه الحالة ستستمر الحرب الاهلية عقودا.» وصدرت عن روسيا إشارات متواترة إلى انها تستعد لاحتمال رحيل الاسد لكنها استمرت تشدد على انه يجب ألا يجبر على ترك السلطة على أيدي قوى اجنبية. وتصدر روسيا السلاح إلى سوريا وتستخدم منشأة بحرية على ساحل البحر المتوسط هي قاعدتها العسكرية الوحيدة خارج جمهوريات الاتحادي السوفيتي السابق. لكن محللين يقولون ان سياسة روسيا تحركها أساسا رغبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منع الولاياتالمتحدة من استخدام القوة العسكرية او دعم مجلس الامن الدولي في اسقاط الحكومات التي تعارضها.