يتوسط خبراً نُشِرَ في صفحة "منوعات" في الزميلة (الحياة)، الخميس الماضي، صورة يظهر فيها رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون سلطان البازعي وإلى يمينه الدكتورة وطفى حمادي أستاذة النقد المسرحي الحديث في المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت. يُعرفُ من الخبر الذي توزعت مادته حول الصورة أن البازعي، الذي يظهر ممسكاً بميكرفون، يتحدث إلى الفتيات المشاركات في الورشة التي قدمتها الدكتورة حمادي ونظمتها الجمعية. كيف يمكن توفير مسرح يكون ملاذاً للأسر المهتمة بالمسرح مع تعدد المرجعيات التي تحدد ما "يجوز وما لايجوز" عرضه؟ كيف يمكن تفعيل أو نشر الثقافة المسرحية و تكريس عادة الذهاب للمسرح في ظل غياب المسارح وتكرر إلغاء العروض المسرحية ؟ على مدى الأيام الأربعة، مدة الورشة، واجهت المشاركات جدولاً مزدحماً بالمواد والموضوعات المتعلقة بالمسرح مثل الكتابة عن المسرح و النقد المسرحي، ومسرحة النصوص، والسينوغرافيا. موضوعات يتطلب فهمها ومعرفتها جيداً عدة (كورسات) تمتد على فصول دراسية عديدة وكاملة، وليس إلى ورشة تستمر أربعة أيام فقط. هذه حقيقة تعيها الجهة المنظمة ومُقدِمةُ الورشة والمشاركات فيها من ناقدات وإعلاميات وممثلات، إذ لا يمكن التعويل على ورشات قصيرة ومزدحمة كهذه لتخريج ناقدات مسرح وسينوغرافيات على سبيل المثال، خصوصاً الأخيرة (السينوغرافيا) المتأبية على التعريف وأن تصب في قالب تعريف جامع واحد. فعن هذه الصعوبة تقول باميلا هاوارد في كتابها الموسوم ب(ما هي السينوغرافيا)، ما إن يلتقي سينوغرافيون عالميون حتى يتجه النقاش الى التساؤل : ماهي السينوغرافيا؟ وتورد هاوارد واحدا وخمسين تعريفا صاغها واحد وخمسون سينوغرافيا كإجابة عن سؤالها ماهي السينوغرافيا في 2009؟ ليس القصد التقليل من أهمية هذه الورشة أو من الجهود التي تبذلها الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون في سبيل خلق ثقافة مسرحية وبناء جسور علاقة قوية بين الجمهور والمسرح كما يقول الأستاذ البازعي، القصد هو الإلماح الى الصعوبات والعقبات التي يصطدم بها الحراك المسرحي المحلي في ظل غياب الكثير من الإمكانات والموارد والمناخات الضرورية لتفعيل ونفخ روح الحيوية و التطور فيه. ومن هذه العقبات الغياب الغامض وغير المبرر لأي نوع من انواع التدريس للمسرح سواء جاء بشكل معهد للمسرح أو للفنون عامة أو كقسم للمسرح في كلية من كليات الآداب في جامعة محلية لتلبية حاجة مزمنة وملحة. أتمنى أن يمتد اهتمام الجمعية ب " تفعيل الثقافة المسرحية"، كما يقول البازعي، إلى أن تُدرجَ في خططها المستقبلية مشروع تأسيس مرفق تعليمي للمسرح وبقية الفنون: معهد ، أكاديمية، أو سلاسل ورش طويلة ودائمة كحد أدنى، بالإضافة الى التفكير في تدشين مشروع ابتعاث للتخصص في المسرح والسينما لسد النقص الكبير في هذه التخصصات وليكون العائدون نواة هيئة تدريس فيما لو اتخذت وزارة الثقافة والإعلام الخطوة في اتجاه تأسيس معهد للفنون. شيء آخر اتطلع إلى أن يحظى باهتمام الجمعية في ظل سعيها الى إزالة الحواجز بين المسرح والمجتمع بحسب ما ورد ضمن كلام البازعي، هو ان تعمل، بالتعاون والتنسيق مع اي الجهات ذات العلاقة، على التغلب على العوامل التي تهدد بزرع المزيد من الحواجز بين الطرفين أو تسهم في احباط المشاريع المسرحية المستقلة او الخاصة ، وأقصد المسرح خارج مظلة الجمعية. كمثال جديد على هذه العوامل، أذكر إغلاق هيئة الأمر في محافظة محايل عسير مسرح الطفل المقام ضمن فعاليات مهرجان محايل عسير للتسوق والترفيه بسبب الموسيقى. المفارقة الصارخة هي أن خبر إغلاق الهيئة لمسرح الطفل في محايل عسير ورد أسفل خبر الورشة الذي تضمن تصريح البازعي عن "إيجاد مسرح اجتماعي وأسري يكون ملاذاً للأسرة السعودية التي تهتم بالمسرح". كيف يمكن توفير مسرح يكون ملاذاً للأسر المهتمة بالمسرح مع تعدد المرجعيات التي تحدد ما "يجوز وما لايجوز" عرضه؟ كيف يمكن تفعيل أو نشر الثقافة المسرحية و تكريس عادة الذهاب للمسرح في ظل غياب المسارح وتكرر إلغاء العروض المسرحية ؟ Twitter:@RashedAlkhaldi