لا شك في أن هناك تباينًا في مستوى الخدمات المقدّمة من المستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة حاليًا ولا شك أيضاً في أن الكثير من الخدمات التي تقدّمها مستشفيات وزارة الصحة لا ترقى الى المستويات العالمية، بل لا ترقى الى مستوى الخدمات المقدّمة من المستشفيات الحكومية الأخرى التابعة لبعض الوزارات والجامعات وغيرها من القطاعات التي تملك خدمات صحية. اللافت للنظر هو أن المواطن اصبح يتساءل: لماذا تختلف وتتميّز مستويات الخدمة في بعض مستشفيات وزارة الصحة التي تعمل بنظام التشغيل الذاتي عن غيرها من مستشفيات وزارة الصحة التي لا يتم تشغيلها بهذا النظام؟؟.. لا ننكر ان هناك تغيُّرًا للأفضل في مستوى الخدمات الصحية مقارنة بالماضي لكن يقابل ذلك تغيّر في مستوى الوعي و الإدراك لدى المواطنين، فالمواطن اصبح يتنقل ويسافر ويتلقى العلاج في افضل المراكز العلاجية خارج المملكة ومن حقة أن يقارن ويتساءل لماذا لا تكون مستشفياتنا مثل هذه المراكز الطبية المتطورة، كذلك لا ننكر ان وزارة الصحة بذلت وما زالت تبذل في سبيل الارتقاء بمستوى مستشفياتها لكن ما أراه ويراه غيري هو ان ما تبذله وزارة الصحة لا يواكب طموحات المواطنين ولا يواكب تطلعات ولاة الامر. الموضوع طويل وذو شجون لا يمكن الإلمام بأطرافه في هذا الحيّز المتاح لي، لذا سأحاول الإيجاز ما استطعت. اولًا: اختيار القيادات الصحية للمستشفيات، أريد من المهتمين في وزارة الصحة ان يجيبوا عن هذا السؤال، فالإجابة تغني عن كثير مما اريد ان اقول.. والسؤال هو: لماذا قامت الادارة العليا بأرامكو السعودية بالتعاقد مع مدير لمستشفاها من امريكا وتدفع له من المزايا ما تدفع!! وللمعلومية هو ليس بطبيب ؟؟ لسان حالهم يقول: «مَن يطلب الحسناء لم يغلها المهر»، فمن المؤكد ان هذا المدير يملك مؤهّلات وقدرات ومهارات وخبرات تؤهّله لهذا المنصب مما دعا ارامكو لأن تسعى للتعاقد معه مع أني لا اتفق في ان كل الحل يكون في اختيار مَن يكون على رأس الهرم في إدارة المستشفى (خصوصًا في مستشفيات وزارة الصحة) لكن ألا يرى المسؤولون في وزارة الصحة ان المدير غير المؤهل ولا يملك أبجديات الإدارة هو حجر عثرة في تطوير المستشفيات؟؟. طريقة تأمين الخدمات للمستشفى، يجب أن تعطي للمستشفيات مرونة في التعاقد لشراء الخدمات وأن تتحرر من نظام المناقصات الحكومية، فالنظافة المطلوبة للمستشفى تختلف عن النظافة المطلوبة للمدرسة والغذاء المطلوب للمرضى يختلف عن الغذاء المطلوب لمعسكر من الجنود. ثانيًا: الصلاحيات، ماذا نتوقع من مدير مستشفى لا يملك صلاحيات مالية او إدارية ولا يستطيع ان يعيّن او يكافئ او يفصل؟؟ هل يمكن لهذا المدير ان يُدير وهو لا يملك؟؟. ثالثًا: طريقة تأمين الخدمات للمستشفى، يجب ان تعطي للمستشفيات مرونة في التعاقد لشراء الخدمات وان تتحرر من نظام المناقصات الحكومية، فالنظافة المطلوبة للمستشفى تختلف عن النظافة المطلوبة للمدرسة والغذاء المطلوب للمرضى يختلف عن الغذاء المطلوب لمعسكر من الجنود، ولك ان تقيس على ذلك الخدمات الاخرى من الصيانة والغسيل وتأمين المستلزمات الطبية وغير الطبية وغيرها. رابعًا: هل يُعقل ان مدير المستشفى - الذي لا يتم تشغيله بالتشغيل الذاتي - لا يعلم ميزانية المستشفى الذي يديره !! ، في أي عصر نحن نعيش؟؟، هل إلى هذا الحد وصلت فينا المركزية، لماذا لا يقوم رؤساء الاقسام الطبية وغير الطبية في المستشفى بعمل ميزانية مالية سنوية لأقسامهم؟؟ لماذا لا يُعطى كل مستشفى الميزانية التي يحتاجها؟؟ إن العمل بهذه الطريقة لهو اكبر مضيعة للموارد ان توافرت وتؤدي الى وقف العمل ان لم تتوافر وهذا الذي يحصل حاليًا في معظم مستشفيات وزارة الصحة.. يا سادة يا كرام ما أشبه اليوم بالبارحة، هل تصدّقون ان ما كتبت لكم هو نص رسالتي لوزير الصحة قبل 12 سنة وما زال الوضع الآن كما هو!! فكأنما تنفخ في رماد.... ولنا تكملة في الاسبوع المقبل بإذن الله. تويتر - @IssamAlkhursany