في العاصمة الرياض، وتحديداً في الأماكن الشعبية، توجد مساكن طينية، بنيت في فترات مبكرة من الألفية الثانية، تغير العالم من حولها مرات ومرات، وبقيت هي على حالها، شاهدةً على فقر أصحابها، وقلة حيلتهم..منازل الطين، على ما يبدو، قررت أن تصون العشرة، وتشفق على ساكنيها، وغالبيتهم مواطنون، فترفض أن تقع فوق رؤوسهم وهم نيام، بيد أنها تعطي لهم إنذاراً من وقت لآخر، بضرورة استبدالها، أو على الأقل صيانتها، حتى تصمد في وجه الزمن.على الجانب الآخر، يدرك أصحاب المنازل ذاتها، أنهم عرضة للموت تحت الأنقاض، لكنهم يؤكدون لأنه لا بديل عن سكناها، سوى أرصفة الشارع.. منازل قديمة ومتهالكة تشكل خطراً على قاطنيها (اليوم) صابرون وصامدون تسيطر حالة من الاندهاش على البعض، حينما يتفاجأون بوجود منازل هنا وهناك، في قلب العاصمة الرياض، مازالت تحتفظ بطابعها الشعبي القديم، ومازالت مستخدمة من قبل مواطنين، اضطرتهم ظروفهم المالية إلى تملكها والإقامة فيها، رغم علمهم بحجم الخطورة التي تشكلها عليهم هذه المنازل، التي قد تسقط فوق رؤوسهم بين لحظة وأخرى. المنازل القديمة، بنيت من الطين، وتقتحمها مياه الأمطار شتاءً، ولا ترحمها الحرارة المرتفعة صيفاً، ويبدو من فيها صابرين وصامدين على حالهم وحالها، وإذا نصحهم ناصح باستبدال هذه المنازل، يؤكدون أنه لا بديل لها، سوى أرصفة الشوارع. هذا المنزل اشتريته، وقمت بترميمه، ولكنه لا يستطيع أن يصمد أمام هطول الأمطار التي تحدث سنوياً، وتخترق غرفه كافة البيوت المستأجرة ويدعو عفندي إبراهيم حجاج، الذي يسكن أحد الأحياء الشعبية في مدينة الرياض المسؤولين إلى إبداء نظرة عطف إلى سكان هذه الأحياء، ويقول: «كنت أعمل في وظيفة مراسل مدني في الإدارة العامة للجوازات، قبل أن أتقاعد عن العمل منذ سنوات عدة، وراتبي التقاعدي لا يتجاوز 1800 ريال حالياً، وقررت أن أضع تحويشة العمر بعد التقاعد في منزل يضمني مع أفراد أسرتي، ويغنيني عن مشكلات البيوت المستأجرة، ومشاكل المؤجرين، إلا أن المبلغ الذي جمعته، وهو 48 ألف ريال، لم يكف إلا لشراء منزل قديم، يعاني من التصدعات والتشققات في أحد الأحياء الشعبية بالرياض»، مضيفاَ: إن «هذا المنزل الذي اشتريته، وقمت بترميمه، لا يستطيع أن يصمد أمام هطول الأمطار التي تحدث سنوياً، والتي تخترق غرف المنزل، بسبب ضعف سقف الغرف مما تسبب في تضرر أثاث المنزل وخصوصا الفرش وغرف النوم»، موضحاً أن «منزلي يحتاج إلى مبلغ 14 ألف ريال أخرى، لترميمه من جديد، لمنع اختراق المطر، وإبعاد خطر تهدّمه وسقوطه علينا، حيث أضحى المنزل مثل الشبح المخيف، الذي قد يهجم عليهم في أي وقت، كما حدث لعدد من المواطنين في مدينة جدة، عندما سقطت عليهم منازلهم أثناء وجودهم فيها، بسبب تهالكها وانتهاء عمرها الافتراضي». منازل خطرة ولا يختلف الأمر مع عبد العزيز معشي، الذي يسكن مع والدته وإخوته في منزل قديم متهالك منذ فترة طويلة، يقول عنه: «هو منزل طيني صغير، تم ترميمه أكثر من مرة، بعد أن سقط جزء منه، بسبب نزول المطر عليه، ولم تفلح الترميمات البسيطة من الوقوف أمام زخات المطر المتسارعة، التي تدخل الخوف والرعب إلى قلوب أفراد أسرتي، تحسباً لسقوط المنزل عليهم في أي وقت»، موضحاً أن «المنزل مبني من الطين، ومرت سنوات طويلة على بنائه، ولا أبالغ إذا قلت إنه يشكل خطراً علينا، ونتمنى أن نعيش في منزل مناسب، يحمينا من الأمطار، ويدخل في نفوسنا الإحساس بالأمان والسعادة»، مؤكداً أن «الكثير من المواطنين من جيراننا، يعانون من سوء ترميم منازلهم، وتهالكها، ويتمنون أن تنظر الجهات المسئولة في مدينة الرياض إلى معاناتهم، والمسارعة في حلها». ترميم سريع ويكرر يحيى حسن، الطلب للجهات المسئولة، بالنظر في أحوال المواطنين من أصحاب الدخل المحدود، الذين يسكنون الأحياء الشعبية الفقيرة وفي القرى والمحافظات، ويقول: «الموارد المالية لهؤلاء ضعيفة للغاية، وهم لا يستفيدون بما فيه الكفاية من الجهات الحكومية، التي من المفترض أن تقدم لهم خدمات تناسب ظروفهم، مثل خدمات بنك التسليف، والجمعيات الخيرية»، مقترحاً «قيام لجنة مشكلة من جهات حكومية عدة، بزيارة كافة المنازل القديمة، والتي تحتاج إلى إصلاح وترميم، والنظر في مدى ملاءمتها للسكن من عدمه، ودعم أصحاب المنازل المتهالكة، بمبالغ فورية عاجلة، لإصلاح منازلهم أو إسكانهم في منازل جديدة، في حال كانت منازلهم غير مناسبة، وكذلك إنشاء إدارة مستقلة لترميم المنازل القديمة، ودعم المواطنين بالقروض الفورية من خلال توفير رأس مال كبير»، مضيفاً :إن «حكومة خادم الحرمين الشريفين لا تألو جهداً في خدمة المواطنين ورعاية مصالحهم».