عندما يغيب من نحب فإنه قد يجهل ماذا يفعل فينا انتظار عودته, وقد يكون تعمد هذه الغيبة ليعرف مدى حبنا وتقديرنا له، نقول له تعال فغيابك يزيد من برد أطرافنا في شتاء بارد لا يحتاج سوى للدفء. الأصدقاء والمحبون عندما يجتمعون في ليالي الشتاء القارسة لا يشعرون بالبرد فلا يحتاجون حتى للحطب لتدفئة تلك الأطراف الباردة, فمشاعرهم وأحاديثهم تكفي لإشعال ما يحتاجونه من الدفء ليقضوا وقتهم بعيدا عن أي خطر خفي قد لا يدركونه في غمرة سعادتهم ولذة أحاديثهم، وليسوا بحاجة لإشعال النار في بيوت الشعر والمخيمات إلا إذا كانوا على دراية تامة بتقنيات التهوية ولديهم الخبرة الكافية بطريقة إشعال حطب التدفئة حتى يتم التخلص من الغازات السامة. قمت لتفقدهم ووجدت الأطفال الخمسة ملقين على الأرض وقد تغيرت ألوانهم وفي وضع مخيف ووجدت الموقد بجانبهم وعرفت السبب كم من عزيز فقد بسبب استنشاق أول أكسيد الكربون وكم من عزيز فقدناه بسبب حريق تم في فصول الشتاء السابقة, الوعي التام بما حولنا من الأخطار في فصل الشتاء يغينيا عن الحاجة للدفاع المدني وسيارات الإسعاف وإفساد اجتماعاتنا الجميلة. كما حدث لي مرة من المرات ذهبت لزيارة أحد الإخوان برفقة العائلة قبل عدة سنوات في أحد فصول الشتاء وقد وضع في غرفة الأطفال موقدا لم يكتمل احتراق الحطب به, وكما تعلمون عندما يجتمع الأطفال يكون للإزعاج دور لا يمكن تجاهله وفجأة وبعد حوالي نصف ساعة عم هدوء تام المكان ولم يعد هناك حركة دخول وخروج كعادة الأطفال فسألت عنهم فقالوا يلعبون (بلاي ستيشن) ولكني لم أصدق وعرفت أن هناك شيئا ما قد حصل (أعرفهم عيالنا زين!!)، قمت لتفقدهم ووجدت الأطفال الخمسة ملقين على الأرض وقد تغيرت ألوانهم وفي وضع مخيف ووجدت الموقد بجانبهم وعرفت السبب أخذتهم جميعا إلى خارج المكان للتهوية وإسعافهم الإسعافات الأولية التي قد تعلمتها في شركة أرامكو فرجع لهم الوعي ولكنهم ما زالوا غير مدركين أخذتهم إلى المستشفى بمساعدة من معي من الإخوان وتم إسعافهم ونجاتهم بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل ما قد تعلمت من مهارات الإسعاف الأولية. إخواني وأخواتي حافظوا على من تحبون لتشعروا بدفئهم.