تمارس المؤسسات الدبلوماسية المتعددة أدواراً حيوية ومؤثرة في كل بقاع العالم، وتحديداً السفارات والمؤسسات الملحقة بها (قنصليات وملحقيات ثقافية) أصبحت تضطلع بدور هام في دعم العلاقات مع الشعوب والمجتمعات المختلفة، وبالفعل أصبح من الواضح تماماً أن أداء تلك المؤسسات يعكس إلى حد كبير ثقافة الدول والمجتمعات التي تمثلها، ومن ثم تستطيع أن تُكون فكرة أو رؤية بشأن ثقافة واتجاهات الدولة التي تتجه إليها بزيارة واحدة للسفارة أو القنصلية التي تمثلها، عندما تزور سفارة الولاياتالمتحدة في أي دولة عربية مثلاً ستجد نظاما صارما وقيودا اجرائية تعكس على سبيل المثال التخوف والحذر من الزوار العرب والراغبين في السفر للولايات المتحدة وسترى أيضاً أمورا أخرى تشعرك بالفعل بأنك في رحاب أقوى دولة في العالم، وعندما تتردد على سفارة دولة أفريقية ربما تستشعر الكسل واللامبالاة في التعامل... من ناحية أخرى من الضروري مراجعة وتنقيح دورة الاجراءات المطلوبة للعمل أو السفر للمملكة أو الحصول على بعض الوثائق أو الخدمات الرسمية ومن ثم تسهيل وتبسيط تلك الاجراءات قدر الامكان، فالمشكلة التي نغفل عنها هي أن تعقد الاجراءات يرهق الموظف كما يرهق العميل والمراجع ويسهم بشكل مباشر في ابطاء حركة العمل والنشاط في تلك المؤسسات وهكذا، والسؤال هنا : ماذا يستشعر؟ وما الانطباعات التي تترسخ في أذهان المترددين على سفارتنا وقنصلياتنا السعودية في الخارج ؟ بناء على تجارب عشناها وخبرات سمعناها من آخرين أستطيع القول: إن الانطباع الأول هو الجفاء في التعامل والابتسامة المفقودة ووضوح مؤشرات تعكس رغبة في التعقيد دون التبسيط والتعامل أحياناً (من البعض) بمسحة من التعالي ورؤية الذات وربما الغطرسة، والسؤال الثاني هنا : هل تعكس هذه السمات والمشاهدات ثقافة مجتمعنا السعودي؟ أجتهد مرة أخرى وأرى أنها تعكس ثقافة الموظف السعودي بصفة عامة – لا نريد أن نظلم مجتمعا بأكمله - فالموظف المتجهم القاسي في تعاملاته هنا في المملكة هو نفسه الموظف هناك وراء الحدود والبحار، للإنصاف نشير الى أن حجم الضغوط وأعباء العمل التي يتعرض لها الموظفون في سفارات وقنصليات المملكة في كل أنحاء العالم ربما تفوق بكثير تلك التي يتعرض لها موظفو سفارات الدول الأخرى والسبب معروف ويتعلق بالمملكة كمقصد للزيارة والعمل والسياحة الدينية، وفي فترات الذروة ( شهور الصيف وشهر رمضان ) تتحول سفارتنا والمؤسسات التابعة لها إلى خلية نحل تعمل بلا توقف أو راحة، لكن هذا لا يبرر على الاطلاق سوء التعامل والتشديد غير المبرر مع الزوار والعملاء، وتحديداً أتمنى ويتمنى كثيرون أن تبذل تلك المؤسسات أقصى ما في وسعها كي تقدم وتسوق صورة ذهنية متميزة عن مملكتنا ومجتمعنا، وبصفة عملية أتمنى أن تهتم تلك المؤسسات باختيار منسوبيها (سعوديين وغير سعوديين) وأن تهتم بتقديم برامج تدريبية لموظفيها في كافة مستوياتهم تتعلق بمهارات التعامل مع العملاء وحل مشكلاتهم وادارة الضغوط والتواصل... الخ، وأن تحفز منسوبيها على تقديم أفضل مستويات الأداء باعتبارهم جمعياً ( دبلوماسيين واداريين وموظفين) سفراء للمملكة في الخارج. من ناحية أخرى من الضروري مراجعة وتنقيح دورة الاجراءات المطلوبة للعمل أو السفر للمملكة أو الحصول على بعض الوثائق أو الخدمات الرسمية ومن ثم تسهيل وتبسيط تلك الاجراءات قدر الامكان، فالمشكلة التي نغفل عنها هي أن تعقد الاجراءات يرهق الموظف كما يرهق العميل والمراجع ويسهم بشكل مباشر في ابطاء حركة العمل والنشاط في تلك المؤسسات. ربما يكون ظني هذا صحيحاً أو خاطئاً وهو أننا نهتم في تلك المؤسسات بالأنشطة السياسية والدبلوماسية أكثر بكثير من اهتمامنا بالأنشطة الأخرى التي تمس المواطنين العاديين، وربما نكون حريصين على التواصل مع النخب السياسية والإعلامية في الخارج ونهمل التواصل مع عملاء عاديين لا يطلبون أكثر من تأشيرة سفر أو خدمة تسبقها ابتسامة .. فقط ابتسامة!! @ssalrasheed