«مغاير شعيب» أحد أبرز المواقع الأثرية بمحافظة البدع الواقعة غرب مدينة تبوك، وهي عبارة عن مقابر منحوتة في الصخر، وتتزين بزخارف مشابهة لواجهات المغاير النبطية الموجودة في مدائن صالح بمحافظة العلا، والبتراء في الأردن، وترتبط البدع مع تبوك بطريق يمتد لمسافة 200 كيلو متر، وتعد الفاصلة بين حضارة الحاضر وماضٍ مجيد قبل 100 عام من الميلاد، حيث أرض مدين في البدع الوارد ذكرها في القرآن الكريم، والتي تعتبر وجهة سياحية وأثرية في تبوك تضم آثارا وسدودا وزخارف لم تغيرها عوامل التعرية على مدى ألفي عام. قال رئيس العناية بالتراث الوطني بمنطقة تبوك عبد الإله الفارس: «مغاير شعيب كانت مستوطنة زراعية من عام 100 قبل الميلاد وحتى عام 550م، حين أجبرت 20 سنة من الجفاف سكانها من الأنباط على الانتقال شمالا للهلال الخصيب، وتعد البلدة دليلا على الوجود المستمر لعدة أمم في عصور مختلفة، حسب ما كشفته الدراسات، وهي عبارة عن واحة قديمة بعث الله فيها نبيه شعيب إلى قومه مدين، والبدع تقع في أرض مدين، وأن اسم الأيكة لا يزال يطلق على واد النمير رافد وادي عفال، ومن أبرز المعالم الأثرية فيها الواجهات النبطية بالمغاير، حيث كتب عليها كثير من النقوش اللحيانية والنبطية، وهي مدينة قديمة عامرة بها عيون كثيرة، وأنهار عذبة، وبساتين ونخيل، وعندما تقف أمام المنحوتات تدرك أنك أمام ملحمة تاريخية عظيمة يمتزج فيها الخيال بالحقيقة، إذ تتداعى صور عديدة للتاريخ، تمزجها حضارة إنسانية لا تزال شواهدها قائمة من آثار، ومقابر، ونقوش، وسدود، وكتابات وزخارف، وفنون متنوعة، تصور بكل تفرد تلك الحضارة الحافلة بالنبوغ في المناحي العمرانية والثقافية، فالدخول إلى مغاير شعيب يكون عبر أبواب منحوتة في الصخر، تفنن أصحابها آنذاك بالرسم والحفر والنقش، وإن كانت المغاير تعد كهوفا، إلا أنها كانت منحوتة داخل الجبال بطريقة هندسية رائعة تنم عن حضارة قديمة، وداخل هذه البيوت غرف مفصلة تفصيلا دقيقا، كما شيدوا لها مقابر داخلها منفصلة عن البيوت، ورسمت بعض النقوش والزخارف بطريقة هندسية دقيقة وعريقة، حيث تعاملوا مع الحجارة الصماء، وطوعوها كيفما شاءوا فكانت سكنا لأحيائهم وقبورا لأمواتهم». »80 قبرا وأضاف الفارس: «مغاير شعيب كانت مقصدا للرحالة والمستشرقين، حيث شهدت زيارة عدد من الرحالة أبرزهم ادوارد روبل وهو أول أوروبي زارها، والفنلندي جورج اوغست فالين وهو أكثر المستشرقين الاسكندنافيين شهرة، كما زارها المستكشف البريطاني ريتشارد فرانسيس بيرتون وعدد من الرحالة، وكان من أبرزهم الرحالة الإنجليزي هاري فيلبي الذي زارها مرتين بينهما 30 عاما، والذي أشار إلى أنه يوجد ما لا يقل عن 80 قبرا منتشرة من النوع النبطي في منطقة مغاير شعيب، وأن المقابر كانت مقصورة على الأسرة الحاكمة والنُبلاء والوجهاء من كبار حكم الأنباط، إلا أن هذا العدد لا يوحي بكثرة في عدد سكان الأنباط، أو في المقابل طول مُدة حكمهم في مدين. » مواقع أخرى وأشار الفارس إلى أن من أهم المواقع الأثرية بالبدع والمجاورة لموقع مدائن شعيب الأثري موقع المالحة، وموقع الأصيفر، وموقع بئر السعيدني، وموقع الرديدة، وموقع الملقطة، إضافة إلى مواقع أثرية متفرقة، لافتا إلى أنه من عام 2017م تجري أعمال المسح والتنقيب بموقع المالحة الأثري بمحافظة البدع من قبل فريق سعودي فرنسي، مؤكدا أن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني تحرص حاليا على تطوير وتأهيل موقع «مغاير شعيب» من منطلق رؤية المملكة بالعناية والمحافظة على المواقع الأثرية والإرث الحضاري والثقافي والإنساني، والذي يعتبر مقصدا للزوار من داخل وخارج المملكة على مدار العام.