مُرعب حقا هو مستقبل الإنسان وسط هذه الطفرة العظيمة للذكاء الاصطناعي، فالاستغناء عن القوة البشرية مقابل استيعاب الآلة والحواسيب قد بدا جليا، وأصبح التفكير صعبا جدا في نوع الأعمال التي قد يعمل بها البشر، خاصة مع ما يشهده العالم من ظهورٍ حقيقي لأنماط وظيفية غير اعتيادية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ستجعل مستقبل البشر غامضا وتجعل التنبؤ به صعبا للغاية، خاصة وقد أُعلن منذ فترة عن روبوتات تؤدي وظائف طبية عديدة، منها مهمة سحب الدم من المرضى بدقة عالية تفوق قدرة الأطباء البشر في الوصول إلى الشرايين الرئيسية وبدون مضاعفات قد تتسبب في أضرار للمرضى. ولكن قبل ذلك، ما هو الذكاء الاصطناعي؟ ومتى بدأ الاهتمام بهِ عالميا؟. إن الذكاء الاصطناعي هو أحد فروع علم الحاسوب، ويعرف بأنه خصائص وسلوك معين تتميز به البرامج الحاسوبية التي تجعله يحاكي قدرات البشر الذهنية، وأبرز هذه الخصائص القدرة على الاستنتاج، والتعلم، ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج داخل الآلة، كما يعرف بأنه تصميم ودراسة العملاء الأذكياء. وتستخدم في مجموعة كبيرة من المجالات مثل: النظم الخبيرة، والتشخيص الطبي، ومحركات البحث على الإنترنت، ومعالجة اللغات الطبيعية، وألعاب الفيديو، وغيرها. في عام 1956م بدأ الحديث جديا عن الذكاء الاصطناعي حيثُ عقدت كلية دارتموث في أمريكا مؤتمرا لاستكشاف نهج جديد من أجل بناء آلات ذكية، تعتمد على الاكتشاف الحديث في علم الأعصاب، واختراع الحاسوب الرقمي وآلات يمكنها محاكاة عملية التفكير الحسابي الإنساني، حضر ذلك المؤتمر أبرز قادة بحوث الذكاء الاصطناعي آنذاك: وهربرت سيمون، جون مكارثي، وألين نويل. ثم شهدت أبحاث الذكاء الاصطناعي في ثمانينات القرن الماضي اهتماما جديدا عن طريق النجاح التجاري للنظم الخبيرة التي تعتبر من برامج الذكاء الاصطناعي في محاكاة المهارات والمعرفة التحليلية، وتطورت تطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى الحد الذي يجعل المبرمجين لها في مراحلها المتطورة عاجزين عن إدراك أبعاد قدرات هذه الآلات التي يخترعونها أو يطورونها ويبرمجونها. ووصلت ذروة الاهتمام به أن عُقِد في البيت الأبيض في نهاية العام 2016 مؤتمر خاص من أجل مناقشة آخر ما توصلت اليه ابحاث الذكاء الاصطناعي ومستقبله. وهنا في المملكة، كان الذكاء الاصطناعي وتطوير البيئة الرقمية من أوائل المواضيع التي أولاها سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد كل الاهتمام، إذ كانت على جدول أعماله في زيارته التي قام بها للولايات المتحدة العام الماضي، وكان سموه قد اجتمع مع مؤسسي شركة غوغل في وادي السليكون وبحث سبل التعاون وإنشاء مراكز بحث وتطوير وتدريب الشباب السعودي على توطين التكنولوجيا وتنفيذ برامج التحول الرقمي وشهد عرضا عن الذكاء الاصطناعي، ووقع اتفاقيات عدة لهذا الغرض، تم على أثرها تأسيس كلية للأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي في المملكة تحمل اسم سمو ولي العهد لمواكبة التطور العالمي والتقنيات المتقدمة.