إن إدارة التغيير اليوم جاءت استجابة للصعوبات التي واجهتها الشركات في جعل التحسينات المستمرة والسريعة جانبًا روتينيًا في عملها، وأدت الجهود الرامية إلى تقسيم الحياة المهنية لأوقات اعتيادية وأوقات لإدارة التغيير، ومع تزايد عدد الأشخاص الذين يتحلون بذهنية إدارة التغيير فإنهم من الطبيعي أن يشجّعوا على التعامل مع التغيير بصفته أمرًا مميزًا. فإذا رغبنا في زيادة المبيعات أو تطبيق عملية دمج، أو تطبيق سياسة جديدة للموارد البشرية، وإذا استدعى تآكل السوق وضع نموذج تجاري جديد أو تخفيض التكلفة أو تحسين الإنتاجية أو تطوير منتجات جديدة، فالأمر يتعلق بإدارة التغيير. وحتى عندما يكون الهدف العام هو تحقيق الاستقرار تظل هناك في أكثر الأحيان أهداف للتغيير مثل تقليص التفاوت في نوعية المنتج أو الخدمات وخفض التكلفة وتخفيض الوقت المطلوب. وما إن يتم تحديد كل وظيفة في الشركة استنادًا إلى التغييرات التي يفترض إجراؤها، سواء كانت كبيرة أم صغيرة، يصبح التحسين المستمر أمرًا روتينيًا، وكل تحديث يحمل معه فوائد تُستخلص من العمليات الجارية وتصبح المؤسسة آلة لها حركة مستمرة، فلا يحدث التغيير على الإطلاق بصفته حدثًا مفاجئًا، بل جزءًا من الحياة. ما نحتاجه فعلًا للتغيير هو تغيير طريقة التفكير، وعلى القادة أن ينظروا إلى التغيير ليس بصفته مسببًا لاختلال عرضي، وإنما لب عمل الإدارة، فوضع الأهداف الصعبة وإرساء العمليات لتحقيقها وتطبيق تلك العمليات والتعلم المتأني منها، كل هذه الخطوات يجب أن تشكّل ما يميز يوم عمل طويل في حياة الشركة على مختلف المستويات. ويمكننا إجراء عملية التغيير في عدم إضاعة شهور في تصميم خطة شاملة تجعل الشركة تتجه أكثر نحو التغيير، وبدلًا من ذلك، ركز على بعض الأهداف المهمة التي لم تُستكمل بعد، واجعل فرق الشركة تعدّ بعض الأهداف الثانوية بهدف تحقيقها خلال عدة أشهر، وأن يُطلب منها تجربة خطوات خلاقة تعتقد أنها ستحدث فرقًا، وأن تتعلم منها، ويتيح إبقاء هذه التجارب واختبار العديد من الابتكارات في إطار زمني قصير، فالغاية من هذه الخطوات هي الدفع قدمًا بالأهداف الإستراتيجية الرئيسة، ويجب أن يكون التركيز على تحقيق تغييرات محددة، ويتبع كل نجاح حزمة جديدة من الأهداف الأكثر طموحًا. ويقوم جزء مهم من هذا الإنجاز على اعتبار المديرين مسؤولين عن إدخال تحسينات بصورة مستمرة، فإن تحميلهم مسؤولية العمليات يجعلهم يطورون قدراتهم في قيادة التغيير المستمر، في حين ينمّي موظفوهم القدرة على تطبيقه. ويمكن الاستعانة بالخبراء المختصين من أجل الدعم، لكن الإدارة الفعلية للتغيير يجب أن تبقى في أيدي المديرين.