يسرني أن أقدم ملخصاً لمشروع خطةٍ استراتيجية لرفع كفاءة القطاع الزراعي، وترشيد استخدامات الموارد الاقتصادية المتاحة بالقطاع، والتي توصلت لها الدراسات التي تم اجراؤها ومراجعتها من قبل فرق العمل التي شكلها صندوق التنمية الزراعية لدراسة احتياجات الانشطة الانتاجية الرئيسة بالقطاع، والصعوبات التي تعاني منها، من خلال مبادرات الصندوق السبع. مقدمة: ذكر العزيز الحكيم في كتابه العظيم قصة النبي موسى والخضر عليهما السلام، والحوارات التي دارت بينهما من لحظة اللقاء، وإلى أن تفارقا، وقد بدأت الاحداث بركوبهما البحر، وتوالت، وبصعودهما على ظهر السفينة وقع الحدث الاول، وبالسياق الذي أشار إليه القرآن الكريم، في الآية الكريمة " فانطَلقَا حتى إذا رَكِبَا في السَفينةِ خَرقها قال أخَرقتَها لِتُغرِق أَهلها لقد جِئت شيئَاً إمرَا"، وقد ورد في آيةٍ كريمة لاحقةٍ تبرير الخَضِر لتصرفه هذا، على النحو التالي "أَما السَفِينةُ فكانت لِمِسَاكِينَ يعملون في البحرِ فأردتُ أن أعيبها وكان وراءهم مَلِكٌ يأخُذُ كل سفينةٍ غصبا" وبذلك، اتضح الهدف مما احدثه في السفينة، وأن هدفه حمايتها من الاستيلاء عليها، وليس إعطابها. ولإبقائها لأصحابها المساكين الذين يعملون عليها؛ ويسترزقون من ورائها، وعدم حرمانهم منها بِتعدِي الملك الغاصب. ولعل المغزى الرئيس من الحدث ماثلٌ للعيان بوضوح في الآية الكريمة، حيث ابانت ان السفينة وسيلة لاكتساب أصحابها المساكين؛ وطلبهم الرزق. وان حمايتهم من سلبهم إياها أمرٌ أرادته حكمة الله جل وعلا، وأن ما استثار موسى (عليه وعلى نبينا السلام) من أنه إجراءٌ سلبيٌ ضارٌ بهم أمسى علاجاً ناجعاً، وشافياً لِمشكلةٍ قائمة، ومضرةٍ تستهدفهم ولعل نمط هذا الحدث، وتلك القصة، يمكن ان يحدث مراراً؛ وتكراراً، بصورٍ واشكالٍ متعددة. ويمكن أن تتعلق بممارسة أدوارٍ مساندة؛ ومعضدة، وداعمة تدفع للنجاح؛ والتفوق، وليست مٌعطلة أو مُحبطة، وتحمي من التعثر؛ والفشل. فالسفينة هي رمز لأي حرفة يمكن ان يشتغل بها أيُ احد. بالإضافة الى انها يمكن ان تُمثل أيَ عملٍ اقتصادي يمكن ان يمارسَه أي كان، تحوطه بيئةٌ؛ أو مناخ ما، يُسهمان بطريقةٍ إيجابية؛ أو سلبية في نجاحه؛ أو فشله، نتيجة سياسات؛ أو اجراءات يتم اتخاذها في اوقات مُختلفةٍ، وتحت ظروف معينة، يكون لها انعكاسات، منها ما هو الإيجابي، ومنها ما هو السلبي. وهو الامر الذي يتطلب اجراءات لإضعاف أثر السلبي منها، ولتمتين؛ وتقوية الاثر الإيجابي لها. لا سيما إذا كان ذلك يمسُ قطاعاً عريضاً ممن جعل هذه الحرفة أو النشاط مجالاً لعملٍ شريف؛ وتوفير لُقمةٍ كريمة. ولتوفير سُبلها بمناطق هي في حاجة لفرص العمل؛ ومصادر الدخل، وبما يعمل على ابقاء اهلها بها بدلاً من الانتقال الى مناطق أخرى بحثاً عن فرص عمل أو استثمار مناسبة لهم. ولذا يجب ألا تتسبب أي اجراءات في تأثير سلبي على مناطق لا تملك عوامل التحفيز اللازمة كما هو متمثل في الارياف والسواحل، وهو الامر الذي يدعوهم إلى التخلي عنها بما يؤدي الى تفريغها منهم، وهي أمور لها مردود سيئ على اقتصاداتها؛ وأهلها، ونقل مشاكلهم وتوفير احتياجاتهم إلى قطاعات ومناطق اخرى قد لا تكون مؤهلة لذلك. وفي الواقع فإن حرفة الزراعة أقرب شبيهٍ لحرفة العمل في البحر من حيث المخاطرة . فكلاهما معرضٌ لتقلبات المناخ، وافرازاتها، او طبيعة النتائج، ونوعيتها، ودلالة ذلك تتضح من قول العزيز الحكيم "أتزرعونه أم نحن الزارعون"، فقبل الحصاد وحيازة المحصول لا شيء مضمون. ثم يأتي بعد ذلك مهام، ومحددات تحكم النتائج، سلباً أو إيجاباً، ليس لممتهن الزراعة سيطرة عليها منها ما هو متعلق بالمناخ؛ وما هو متعلق بالموارد المتاحة؛ وأسلوب استخداماتها؛ وما يصاحب ذلك من هدرٍ أو سوء توظيف لها، ومنها ما هو مرتبط بالخدمات اللازمة من نقل؛ وحفظ؛ وتجهيز؛ وتسويق، بالإضافة الى مدى توفر المتطلبات الخاصة بجميع المراحل الزراعية؛ وما يلحقها من مهام تنتهي بعمليات التسويق عبر الاسواق المتاحة، والتي ينقصها متطلبات كثيرة لها أثر كبير في انخفاض الكفاءة الانتاجية، وارتفاع نسبة التلف في المحاصيل، وهما الامران اللذان يترتب عليهما هدر كبير في الموارد الاقتصادية الموظفة، وعلى رأسها المياه المستخدمة؛ والمال الذي صُرف؛ والوقت والجهد الذي بُذل، وصولاً إلى انخفاض المردود على الُمنتِج بسبب سوء نوع المحصول؛ وانخفاض درجة صلاحيته؛ وسلامته. وفوق هذا؛ وذاك ما يطرأ من تغيرات في السياسات؛ والتوجهات المتعلقة بالقطاع لأسباب عديدة؛ وظروف مختلفة لها تأثيرات إيجابية؛ وسلبية قد لا تظهر للعموم إلا في وقت لاحق؛ إلا أنها واضحة لذوي الرؤية الفاحصة. وهنا، ولكل هذا، تتضح اهمية التعضيد؛ وشد الأزر للعاملين في هذه الحرفة، بالعمل على تذليل العقبات على مختلف درجاتها؛ وأنواعها. وذلك للأهمية الكبيرة لاستمرار القطاع في القيام بدوره في تعضيد الاقتصاد الوطني، والأمن الغذائي؛ ورفع نسبة مشاركته في الناتج الوطني؛ وترشيد استخدامات الموارد الاقتصادية المتاحة له، بالإضافة الى رفع المردود على المنتجين عبر توفير السلع الآمنة؛ والسليمة للمستهلكين؛ وبأسعار مناسبة للطرفين. ويمكن بصورة مجملة تحديد إطار أساس بعددٍ من الاضلاع ينطوي تحته عددٌ من العناوين الرئيسة للقضايا التي يعاني منها القطاع، والتي لكل منها تفاصيلها؛ وتفرعاتها، وهي: - محدودية المعلومات المتعلقة بهما؛ ومنتجاتهما؛ وحاجة الاسواق المختلفة منها. - الاستهلاك العالي من المياه في الزراعة، واستنزاف البحر؛ وتلويثه. - ضعف سلاسل الامداد لمعظم المنتجات؛ التي تنقل المنتجات؛ وتُقدمها بصورة مناسبة لها؛ وتحافظ على سلامتها؛ وحفظها، وهي الامور التي تحد من الهدر الحاصل في جميع مراحل الانتاج؛ والنقل؛ والتسويق. - ضعف في القدرات الفنية؛ والادارية في قطاعي الدواجن، والزراعات المحمية، والخدمات التي يتم تقديمها لمختلف القطاعات؛ بما في ذلك قطاع الصيد، وغيره. - تدني كفاءة قطاع الاغنام الى حدٍ كبير. وذلك لأسباب إدارية؛ وتشغيلية؛ وفنية؛ ونقص في اليد العاملة المدربة؛ والمؤهلة، أدت في مجملها إلى ضعف الانتاج؛ وانخفاضٍ في معدلات الكفاءة الغذائية إلى حدٍ كبير؛ والتي هي سببٌ رئيس في ارتفاع تكاليف التغذية بصورة كبيرة بحكم أنها العنصر الأساس في تكاليف التربية؛ والتسمين - ضعف العمل التعاوني، وتدني المستوى الثقافي المتعلق به - تدني فرص الاستثمار، والعمل المناسبة في القطاع الزراعي في أوضاعه الحالية. - التسويق الزراعي، ومعوقاته - ضعف قطاع الخدمات المرتبطة بالقطاع الزراعي. كما أن الحقائق تقول؛ وبصوت جهوري؛ إن حرفة الزراعة في الوطن تعاني، وفي جميع جوانبها؛ ومتطلباتها من قصور تتفاوت درجاته تبعاً لنوعه، ومن سوء إدارة لموارده المتاحة والموظفة؛ وبصور متعددة، والتي يمكن إجمالُها تحت مسمىً واحد، وهو الهدر .المتعلق بعدد من الموارد؛ من مياه، وأراض، وبيئة، وموارد رأسمالية متنوعة، وموارد بشرية. يضاف إلى ذلك هدر كبير في المنتجات بعد حصادها وأثناء جنيها؛ وجمعها؛ ونقلها؛ وتوزيعها؛ وعرضها في الاسواق، وما يترتب على ذلك من خسائر للعديد من العناصر الموظفة من مال وجهد ووقت ومياه وانخفاض في العوائد؛ والمردود على المنتِج الاساس، وهو المزارع. ولعل الرابط المشترك، والذي تنطلق منه تلك القضايا هو نقص المعلومات بأنواعها المتعددة لجميع مراحل الانتاج، وحاجة الاسواق؛ وسبل نقل وتقديم المنتجات لها، وهي الامور التي انتجت التشوهات المشاهدة في مجال تقديم الخدمات التي يحتاجها المنتج لمراحل الانتاج المختلفة؛ والتسويق. ولعل التشوه الاكبر واضح بصورة بشعة في سيطرة عمالة وافدة على المسرح الزراعي في ممارسات تعاونية بينهم بشكل مستتر، وتضامن جليٌ لعزل المزارع، والمسوِق المواطن، وإجباره على إخلاء الميدان لهم، وهي عمليات لا تستطيع الجمعيات المرخص لها على القيام بها بأوضاعها الراهنة. وهذه الامور مجتمعة، مع غيرها، لاسيما ما يتعلق بالأمراض، ونقص المعارف لدى المنتجين؛ والمستثمرين في عددٍ من الانشطة الزراعية، كتربية الدواجن؛ بأنواعها المتعددة، وتربية الاغنام بالاعتماد على التغذية المركزة؛ والاعلاف الجاهزة المتكاملة، والزراعات في بيئات محمية. وفي حقيقة الامر، فإن معالجة تلك الثقوب مختلفة الاحجام؛ وسدها تحتاج جهوداً كبيرةً ومكثفة؛ ومتوالية، وبتكاتف جميع الجهود من ذوي العلاقة، وبتنسيق قوي، لاسيما بعد الجهود المثمرة التي قام بها صندوق التنمية الزراعي من خلال دراسات مفصلة لوضع النقاط على الحروف. واختار عدداً من القضايا الرئيسة كخطوة أولى، وذلك عبر توصيف دقيق لتلك القضايا وانطلاقا منها، وبتنسيق قوي مع وزارة الزراعة، تمكن عبر فرق عملٍ متخصصةٍ؛ ودراساتٍ فنيةٍ متعمقة، من الوصول إلى ألياتٍ تُعالج تلك القضايا في مسعى من الصندوق لبلورةِ سياسة واضحة، واجراءاتٍ يُقصد منها تحويل الانشطة الزراعية إلى انشطة مُستدامة، تنسجم مع ظروف البلاد؛ ومواردها، وترتكز على أسس قوية؛ وصلبة، من العوامل؛ والعناصر التي يلزم توفرها من اجل نجاح كل نشاط منها؛ وارتفاع كفاءته؛ ومردوده على المنتج، وبما يُحقق الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية المتاحة، وعلى رأسها المياه؛ والاراضي؛ والاموال المستثمرة، والطاقات الاخرى المسخرة. وقد بدأ الصندوق بأولاها بتأسيس مركزٍ للمعلومات المختلفة التي يحتاجها القطاع الزراعي؛ والعاملين به بمختلف قطاعاتهم وذلك نظراً لنقص المعلومات التي يحتاجها المشرع؛ والمنتِج؛ والراغب في الاستثمار؛ ومقدم الخدمات؛ وناقل المنتجات ومجهزها؛ وموفرو التجهيزات والمتطلبات والخدمات؛ والاسواق والعاملون في التسويق؛ والمستهلكون النهائيون للمنتجات؛ وغيرهم. ويتمثل النقص في كثير من المعلومات الفنية؛ وقصور في القدرات الادارية المعرفية والخبرات المتعلقة بجوانب العمليات الانتاجية في مختلف مراحلها؛ وعدم إلمامٍ بالتقنيات والآليات الحديثة المطبقة بالدرجة الكافية؛ والنوعيات والكميات التي تحتاجها الاسواق المختلفة من المنتجات وأسعارها اليومية وكذلك، الوسائل الحديثة المرشدة لاستخدامات المياه في الري. وجميع تلك العناصر لها أهمية كبرى لاتخاذ القرارات الاستثمارية؛ وسلامتها، وحسن استخدام المتاح من الموارد الموظفة في مختلف الانشطة المستهدفة، وتلك العناصر لها دور حاسم في رفع الكفاءة الانتاجية؛ والعائد الاقتصادي على المنتج؛ ومساهمته في العائد الاقتصادي على الوطن، بما في ذلك سلامة المنتجات؛ وجودتها، مما يُمكن المنتج من التفرغ للعمل الانتاجي؛ وتطويره؛ وعدم شغله بالمتطلبات الاخرى. وقد باشر مركز المعلومات اعماله. وقد خصص الصندوق مبادرته الثانية، التي تهدف الى تخفيض المياه التي تستهلك في الزراعة، بجانب خطة تخفيض زراعات القمح والاعلاف الخضراء بالمملكة؛ وخطة دعم صناعة الاعلاف، والتي يؤمل من ورائها تخفيض الاستهلاك من 16,5 بليون متر مكعب سنوياً إلى 5 بلايين متر مكعب، وستكون المبادرة هي احدى الآليات التي ستحول الزراعة إلى زراعة مستدامة، وبما يمكن من ادارة العرض والطلب من المياه، وذلك عبر توظيف تقنيات حديثة متطورة تُسهم في الترشيد. ووضع آلية مناسبة لصرف الاعانات المقررة للتجهيزات التي تتعلق بالترشيد، يتناسب كلٌ منها مع مقدار ما تُحققه من وفر في المياه المستخدمة عبر إيجاد مختبر وطني لفحص جودة أنظمة وتقنيات المستخدمة، واقتراح حوافز مالية اضافية لقاء التوفير لكميات اضافية من المياه عما هو مطلوب مقارنة بالاستهلاك القياسي من الماء للمنتجات المستهدفة، بالمناطق المختلفة، تبعاً لمزاياها النسبية، والتحول من منتجات ذات قيمة منخفضة؛ ومستهلكة للمياه، إلى محاصيل أعلى قيمة؛ وأقل استهلاكا للماء. كما أوصت المبادرة بإيجاد برنامج أو كيان ذي تنظيم؛ ووظائف ذات اختصاصات محددة تشرف على وضع السياسات والتشريعات اللازمة؛ وتطبيقها، وعدم إغفال برنامج توفير مصادر مياه إضافية، وتوزيعها. وقد أفرد الصندوق مبادرته الثالثة لقضايا التسويق، وتطوير اساليب المناولة؛ وسلاسل الامداد. وذلك بهدف تعزيز جودة المنتجات؛ وسلامتها، وتحسين كفاءة التسويق. ويذلك سيتحقق رفع كفاءة استخدام المياه في الانتاج، عبر خفض الهدر في المياه بسبب تلف المنتجات خلال مراحل الانتاج؛ والحصاد؛ والمناولة؛ والتسويق. وكذلك الهدر في الموارد الاخرى الموظفة من أموال؛ وجهد؛ ووقت مما سيحقق رفع كفاءة الانتاج، وخفض التكاليف، وبالتالي ارتفاع العائد على المنتجين، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب في الاسواق. ومن العوائد المهمة الاستفادة من التمايز بين المناطق؛ ومزاياها النسبية من حيث الاجواء؛ وتوفر المياه، وتوفير فرص عمل؛ واستثمار للأفراد؛ والمؤسسات الصغيرة لتوفير الخدمات المختلفة خلال مختلف مراحل الانتاج؛ والتسويق. وقد تبنت المبادرة توصيات بإقامة شركة (او شركات) وكيانات مختلفة لتتولى عمليات التسويق، وتنظيم الاسواق؛ ومتابعة تنفيذ التشريعات المقررة، والتأكد من جودة المنتجات؛ وسلامتها. كما اكدت على اهمية وضع ما يلزم من التشريعات واللوائح لتنظيم اسواق الجملة، وجعلها تحت مظلة واحدة؛ وما هو متعلق بجودة المنتجات وسلامتها، ومعالجة التداخل في الصلاحيات بين مختلف الجهات ذات العلاقة بالأسواق. وإقامة مراكز كبرى ومحطات ملحقة بها في المناطق الزراعية المختلفة تقوم بتجميع واستقبال المنتجات؛ وتخزينها؛ وتلبي حاجة غسيل وفرز وتدريج وتعبئة المنتجات، وتنظيم ما يسهل عمليات التتبع للمنتجات ومراقبتها بما يكفل سلامتها وأمانها، ووضع المعايير والمقاياسات الموحدة لها، مع الاستثمار في انشاء مراكز ابحاث تطبيقية لإيجاد الحلول للمشاكل الفنية التي يواجهها القطاع في مختلف الجوانب. ونظراً لأهمية قطاع الدواجن، وما يعانيه من صعوبات فقد خصص الصندوق له مبادرته الرابعة التي تستهدف المحافظة على المكتسبات التي تحققت وتوفر الضوابط والتدابير اللازمة لدرء الامراض والأوبئة، ورفع درجة الامن الحيوي لدى المشاريع المختلفة عبر برامج تأمين تتحمل بعض التعويضات مقابل الخسائر الناتجة عن الامراض والاوبئة، وربط استحقاق التعويضات بالالتزام بضوابط معينة؛ واشتراطات يجب تطبيقها بدقة عالية داخل المشاريع. وبموجبها سيتم رفع كفاءة برنامج اعانات الاعلاف؛ والهدر الحاصل به بسبب النفوق الذي يحدث خلال مراحل التربية، وخصوصاً في الفترة المتأخرة من عمر الطيور، مما سيحد من الخسائر الفادحة التي تتعرض لها المشاريع؛ والاقتصاد بشكل عام، ورفع كفاءة القطاع؛ وتخفيض تكاليفه، ووقاية صحة المستهلكين من الامراض ذات العلاقة بالإنسان والطيور، وتسهيل متابعة الامراض والاشراف عليها عند حدوثها، ووضع الضوابط والآليات للتخلص من المخلفات؛ وتطهير المشاريع الموبوءة، وإقامة المرافق؛ والتجهيزات المناسبة لذلك. وقد أوصت المبادرة بإنشاء مجلس وطني لصناعة الدواجن، وتصميم استراتيجية متكاملة للقطاع تكون أساساً لدعم تنمية القطاع تنمية طويلة الاجل، وزيادة الحصة السوقية للمنتجين المحليين، مع العمل على تطوير خطة لمواجهة الامراض الوبائية؛ وتنظم استجابة الجهات المعنية العامة والخاصة للتعامل مع مختلف الامراض الوبائية عبر مركز وطني لإدارة الامراض. ولأهمية قطاع إنتاج التمور، وما حدث به من توسع كبير جدا، ولحاجته إلى التفاتة تُعنى ببعض جوانب، ومراحل إنتاجه، والخدمات اللازمة لها. وذلك، بهدف رفع مستوى تقنيات إنتاج التمور؛ وتصنيعها، وتبادل الخبرات والمعلومات مع الدول المتقدمة، واستخدام أساليب التسويق الحديثة، وتوحيد الجهود الفردية المبعثرة لإعطاء منتجات المملكة ما تستحقه من سمعة ومكانة من خلال إيجاد الكيانات القادرة على استخدام الاساليب المهنية والاحترافية القادرة على تحقيق ذلك، بالإضافة الى رفع كفاءة الانتاج؛ وترشيد أساليب الري، مع العمل على رفع كفاءة المنتج؛ والتركيز على القيمة المضافة له؛ والاستفادة من مخلفات التعبئة، والتصنيع، وتحقيق سلاسل إمداد ذات كفاءة عالية تقوم بالمناولة؛ والتسويق وتقديم المتطلبات اللازمة لذلك، بالإضافة إلى مؤسسات على مستويات مختلفة تقوم بالخدمات الأخرى اللازمة لعمليات الانتاج وإدارته. وقد قدمت مبادرة الصندوق الخامسة توصيات عديدة لتحقيق تلك الاهداف تتمثل في إقامة وكالة عامة مستقلة لتقديم الخدمات الإرشادية لمنتجي التمور، وشبكة من المزارع تتولى تعليم الممارسات الجيدة في الزراعة؛ وضمان تطبيقها، وشبكة من الشركات أو الجمعيات الخدمية تقوم بتقديم الخدمات اللازمة للمزارعين خلال عمليات الانتاج؛ بما في ذلك تقليل فاقد الانتاج؛ والرفع من جودته، ومعالجة القصور لدى العمالة عن طريق زيادة الميكنة الزراعية؛ والتأكد من تطبيق واتباع المعايير والمواصفات المتعلقة بتقنيات الانتاج؛ والجودة. كما أشارت التوصيات إلى أهمية تحديد سعة الانتاج المستقبلية المرتبط بزيادة المساحات المزروعة بالنخيل بما يحقق التوازن بين الطلب والعرض مستقبلاً، وكذلك أهمية تنسيق الابحاث المتعلقة بالنخيل والتمور، وما يتعلق بجوانب التصنيع للمنتجات وبما يحقق قيمة مضافة كبيرة للمنتج ترفع من عوائده. وقد ابرزت التوصيات أهمية إنشاء علامة جودة للتمور السعودية وإنشاء شبكة من مراكز خدمات تسويق للتمور في مناطق الانتاج الرئيسة في البلاد، بالإضافة إلى نظام تداول الكتروني لتجارة الجملة من قطاع اعمال إلى قطاع آخر. ولم يغفل الصندوق قطاع تربية وتسمين الاغنام؛ فقد خصه بمبادرة مستقلة لأهميته الكبيرة للبلاد، والعاملين به، وما يمثله القطاع لهم. وذلك، لاعتمادهم عليه كمصدر لاكتساب معيشتهم، وكبديل ملائم جديد لأنشطة زراعية مطلوب التوقف عنها، لاسيما بعد معالجة عدد من المعوقات؛ والعوائق التي تواجهه، والتي نتج عنها تعثرٌ واضح للعمليات الانتاجية، وانخفاض في العوائد على المنتجين لارتفاع التكاليف؛ وتدني كفاءة الانتاج بسبب عدد من العوامل، كالأمراض، وقصور في الخبرات الفنية؛ والادارية، ونقص في كفاءة العمالة؛ وقلة تدريبها، والحاجة إلى التحسين الوراثي للأغنام المحلية، ورفع نسبة الولادات من خلال الانتخاب؛ والتهجين، واتباع برامج بيطرية متكاملة، وهي عمليات تحتاج إلى كثير من الخبرة؛ والدراية. وبجانب ما أشير إليه تستهدف المبادرة السادسة للصندوق رفع معدلات التحويل الغذائي إلى لحوم حمراء، باستخدام العلائق المصنعة والمتوازنة المتكاملة؛ والتوسع في ذلك.، عبر تقديمها بأسعار مناسبة؛ ومنافسة. حيث سيتحقق من وراء ذلك تقليص في كميات الاعلاف التقليدية المستخدمة، وهي العنصر الرئيس في ارتفاع تكاليف الانتاج؛ وانخفاض المردود، بالإضافة إلى ما ينتج عن ذلك من خفض كبير في المياه المستخدمة في زراعة بعض انواع الاعلاف الخضراء المستخدمة في التغذية. وبذلك لن تظل تربية الاغنام وتسمينها عملية منهكة للقطاع الزراعي، والعاملين به، لا سيما و أن عمليات تربية الاغنام مناسبة جدا للمناطق الريفية، وأهلها، وإمكانية أن تبدأ على نطاقات صغيرة؛ ومتوسطة مما يُعطيها أفضلية لأصحاب رؤوس الاموال الصغيرة . ومن أجل تحقيق تلك الاهداف رأت المبادرة إيجاد كيان متخصص يتولى جوانب عديدة من المتطلبات المشار إليها، وعلى رأسها توفير مصدر للأغنام القابلة للتسمين؛ وخصوصاً ذات الاعمار الصغيرة، كما اقترحت عدداً من البرامج، والتي تتمثل في برامج للإدارة بأفضل الممارسات؛ وما يسمى بمراكز التميز، وتطبيق الطرق الحديثة في التربية، والتدريب والإرشاد، وبرنامجين للمستثمرين والمنتجين الشباب. حيث ستحقق تلك البرامج تطوير؛ وتنمية قدرات ومهارات مربي الاغنام؛ والمحافظة عليها، والحد من اتساع الفجوة الغذائية في اللحوم الحمراء، وتحسن انتاجية القطاع، والمحافظة على الموارد الاقتصادية؛ وعلى رأسها المياه، وتوفير العديد من فرص العمل؛ والاستثمار الملائمة لمناطق الارياف. ويأمل الصندوق أن تصل مساهمة القطاع في انتاج اللحوم الحمراء إلى خمسين في المئة من الاحتياجات المحلية. ومما يجدر الإشارة إليه الدور الكبير المتوقع من البرنامج الخاص بدعم مكونات الاعلاف المصنعة حسب محتواها من البروتين والطاقة بدلا من قصرها على محصولين أو ثلاثة مما سيقلل الضغط على مصادرها؛ وخفض أسعارها، وخلق منافسة بين منتجي الاعلاف؛ وتحفيزهم على البحث عن مصادر اخرى أقل تكلفة للمواد الخام الداخلة في تركيبة الاعلاف المصنعة، وبالتالي توفيرها باسعار منافسة إلى الحد الذي يُعطيها ميزة تنافسية، بالإضافة إلى ما تتصف به من كفاءة غذائية أعلى، لتحفيز المربين على استخدامها بدلاً من التغذية التقليدية المتبعة حالياً المتمثلة في الشعير؛ والاتبان؛ والاعلاف الخضراء، مما سيحقق مردودا اقتصاديا أفضل للمربي، ويسهم في تقليل الاعتماد على الاعلاف الخضراء؛ وتقليل زراعتها. ومن جانب آخر، وإذا نظرنا إلى قطاع زراعي آخر، والمتمثل في قطاع صيد الاسماك، والذي يتركز في ساحلي البحر الاحمر والخليج لاعتماده، والذي يعاني، وبشدة من تناقص في المخزون السمكي لأسباب مختلفة، منها ما يعود إلى الصيد الجائر؛ وآخر يعود للتلوث وتأثيراته؛ وخصوصا في الخليج. مما يستدعي النظر في بدائل عملية لتوفير الاحتياجات من الاسماك للغذاء؛ كأحد مصادر اللحوم البيضاء. وقد أفرد الصندوق مبادرة سابعة خاصة بذلك يهدف من ورائها إلى تصنيف عوامل الضعف الذي يعاني منه؛ وايجاد الحلول لها التي تمكن من تحسين المخزون من الاسماك عبر تنظيم عمليات الصيد، والتحول في جزءٍ من عمليات الصيد الى التربية المركزة؛ بالاستفادة من المزايا المتوفرة بسواحل المملكة؛ وملاءمتها لعمليات تربية الاسماك بدرجة عالية وذلك، كفرص بديلة للصيادين؛ وكفرص عمل واستثمار مناسبة لأهالي السواحل وابنائهم. لاسيما وأن نظام تربية الاسماك على سواحل المملكة الطويلة لن يكون له أي شكل من أشكال التأثير على المياه الجوفية، بل سيكون معتمدا بشكلٍ مباشر على مياه البحر. وقد توصلت المبادرة إلى خطة ذات أهداف طموحة لتطوير قطاع الثروة السمكية للمملكة وآليات محددة؛ وبجداول زمنية لتنفيذها عبر " برنامج " خاص يرتب لقيام نشاط ناجح لتطوير عمليات الانتاج عبر المزيد من برامج التدريب؛ والخدمات؛ والبحوث؛ والدراسات المستمرة، وإيجاد المؤسسات اللازمة للقيام بهذه الادوار بكفاءة، بما في ذلك مرافق التصنيع؛ والمناولة؛ والتسويق وما يتعلق به، وتفريغ المنتجين، وتمكينهم من رفع كفاءاتهم في الانتاج والادارة وتحقيق قيم مضافة للمنتجات، بما يحقق خفضاً في التكاليف، وحجم الاستثمارات اللازمة، وتجنب المنافسة بين المنتجين في الاسواق الخارجية والداخلية، والحصول على افضل الاسعار. وقد أوصت المبادرة باعتماد الخطة وإطار الحوكمة، والهيكل التنظيمي للبرنامج، واعتماد الصلاحيات المقترحة له؛ والمتطلبات المالية اللازمة الخاصة بالقطاع العام. وسيقوم الصندوق بدعم القطاع الخاص الراغب في الاستثمار بالقروض اللازمة حسب نظامه. وقد انهت فرق المبادرات، والمكاتب الاستشارية أعمالها، وقدمت التوصيات التي تم رفعها للجهات المختصة، وأوصى الصندوق بالموافقة عليها وإقرارها لتتمكن الجهات ذات العلاقة؛ والصندوق، والقطاع الزراعي من مباشرة اعداد ما يتطلبه التنفيذ من ترتيبات؛ واجراءات لازمة، وطرح التوصيات، والفرص الاستثمارية المتاحة؛ والتي طرحتها المبادرات على المستثمرين للدخول فيها، سواء ما يتعلق بمشاريع إنتاجية أو خدمية يحتاجها القطاع. ويأمل الصندوق، وبتوفيق الله أن يكون للمبادرات؛ وتوصياتها أثر إيجابي في رفع كفاءة القطاع الزراعي، وكفاءة استخدام الموارد المتاحة؛ وعلى رأسها المياه، ورفع العوائد للمزارعين، مما يوفر بيئة مناسبة لزراعة مستدامة؛ وفرص عملٍ واستثمار صغيرة ومتوسطة في مناطق تحتاج لمثل ذلك، في ظل اهتمام كبير من حكومة خادم الحرمين الشريفين، ودعم متواصل من مقامه الكريم للقطاع الزراعي، بشتى الصور، وفي مختلف الاوقات. وسيكون للأدوار التي ستقوم بها الجهات الحكومية ذات العلاقة، وعلى رأسها وزارة المالية ووزارة الزراعة ووزارة المياه والكهرباء أثر فاعل في تحقيق الاهداف المرجوة من المبادرات. وفق الله الجميع لما فيه خير البلاد، والعباد. *مدير عام صندوق التنمية الزراعية